مفيدة خليل

مفيدة خليل

«يا شهيد الخبزة رجعت، يا شهيد الخبزة ثور»، رغم عصف الالم، رغم لفح اللظى بين عنف ودم، ماتقولوش الفاضل مات، الفاضل في قمحك يا سبولة» وغيرها من الاغاني التي حفظها جيل الثمانينات وردّدوها، اغان عنوانها الحرية والتمرد على النظام البوليسي وكل ما يعيق حرية الفكر والتعبير، اولاد المناجم مازالت متمسكة بالفن البديل، مازال نبراس شمام

حين يتحد النغم مع متعة حركة الجسد ورقة الكلام المنمّق و حلاوة صوت فنانة تعشق الغناء تكون كلمات، «كلمات» هو عنوان عرض فني استحضر الشعر والموسيقى والغناء في بيت الشعر التونسي احتفاءا بذكرى تأسيسه، «كلمات» هو عرض من اخراج ايهاب العامري، عرض فني احتفى بالكلمات، عرض جمع ثلة من الشعراء الذين رددوا جميعهم

«سيد القوم» يناديكم، لتكتشفوا تراث المدينة الجبلية وسحر منظرها، سيد القوم يدعوكم لزيارة قصر بوغالي و قصر المرابطين وابن عرفة و قصر الحدادة، وادي الخيل، الواحة و الزهور و القرضاب والفرش و قرماسة، ، سيد القوم يشير الى الطبل كآلة للفرح ويدعوكم لتدقوا طبول الفرح والحياة في المدينة الجبلية الشامخة، سيد القوم يخبركم ان الحياة دون موسيقى كذبة ويدعوكم للاستمتاع بالعرس.

مهرجان دون دعم.. دون دعم وسنبدع.. دون دعم وسنحقق لا مركزية الثقافة فعلا لا قولا.. دون دعم سنمتع أبناء مطماطة وجمهور السينما، هنا دون دعم يمكننا أن ننجح ما دام شعارنا حب تونس والعمل على ايصال الفن الى ابنائها اينما كانوا، هكذا صرّح وليد الدبوني المدير الفني لمهرجان اثواب السينما الذي سينجز في مدينة مطماطة الجبلية.

عانق الحلم وانتش بسحر النوتة وجمال النغم، غازل النغمات وارحل مع الموسيقى دع الموجود والاني واتبع نبض قلب قانون محمد علي التريكي، اترك الحاضر وتماه مع نغمات كمنجة غسان الطرودي، لامس انسياب موسيقى الحب المندفعة من قيثارة اسكندر التليلي و امين هداوي، واستمتع بصوت موسيقى الشلال المنبعثة من كاخون نعيم بن عبد الله، جمّع كل هذه

هنّ الوطن، هن الحُلمُ و الحلم، هنّ الامل، هنّ ثورة متواصلة ونيران غضب متاجّجة لا تهدئ هنّ رمز للمطالبة المتواصلة بالحق، هن الغاضبات كموج البحر و الحليمات كتراب هذه الارض، هنّ في كل مكان عنوان للحياة وامل متجدد بالتغير، هن اللواتي يكسرن بوتقة الخوف والحزن وهن رمز قوة الرجل ألم يقال «وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة» هكذا كنّ في مسرحية الارامل في عرضها الاول.

«أمران لا حدود لهما .. الكون والغباء البشري، مع أني لست متأكداً بخصوص الكون» هكذا يقول انشتاين عن الغباء، ولان الغباء صفة انسانية ومجتمعية نقدتها سامي منتصر في عمله الجديد «المدك» والـ«المكّ» كلمة تونسية ومعناها الشخص الغبي جدّا، والمدك ظاهرها هزل ونقد ظاهرة مجتمعية لدى بعض الاشخاص وفي باطنها نقد لمشاكل مجتمعية

المسرح ناقد او لا يكون، الموسيقى لاذعة موجعة او لا تكون، الرقص تعبيرة متجددة عن الحق والتاريخ او لا يكون، المسرح فعل نقدي يكشف الستار عما يعانيه الفنان حيا كان او ميتا، ولان الفعل المسرحي هو ممارسة للحياة التقى جمهور الريو مع العرض المسرحي الكوميدي التراجيدي الفرجوي «المغروم يجدد» في أطول عروضه بقاعة «الريو» مساء الجمعة 13 أكتوبر.

يسعون لرسم الفرحة عند الأطفال ويرغبون دائما في اكتساح كل المؤسسات التربوية لنشر ثقافة الحوار و الفنون، يعملون على ايصال الفن للطفل التونسي اينما كان خاصة لأطفال المناطق البعيدة التي حرمتهم الجغرافيا من مؤسسات ثقافية، هم جمعية «فني رغما عني» التي قدمت برنامج «نحن هنا» ضمن فعاليات مهرجان الفيلم القصير بالكاف.

في «ليس بعد» الكثير من النقد وهناك ارادة وتعب وإصرار وقناعات صلبة ومبادئ، ونحن في المسرح التونسي نجاهد من اجل الكلمة والمبدأ والحق والجمال، والأعمال في اغلبها محكومة بالوعي، لانه يجب ايصال صوت الشعب كما تقول المخرجة انتصار عيساوي.

السخرية السوداء ضحكة في قالب وجيعة
لا وجود لديكور على الركح، فقط اجساد الممثلين هي الديكور مع كرسي وضع في الركن، ضوء اصفر قسم الخشبة نصفين، موسيقى قوية وكانها صوت لضوضاء بعد حدوث عملية انفجارية، صخب ولغو؟ على الركح شخصين، رجل وامرأة هو يلبس الاسود وهي تلبس اللون الاخضر، يتحدثان «يظهرلي البلاد ركحت، أما لازم نكملوا المهمة يا زميل»، منذ الجملة الأولى يجد المشاهد نفسه أمام «عوني أمن مكلفين بمهمة سرية القضاء على خلية إرهابية بدأت تستفيق».

حركات مضطربة، انفس متهدجة وكانها اشارة الى ما يعانيانه من اجهاد اثناء اداء المهمة السرية، كلاهما يردد «نموت نموت ويحيا الوطن» و ليس مهما ان تعرف لمن يبقى بعد موتنا فقط المطلوب «حداد3 ايام» و «جنازة وقبر يكتب عليه اسم الشهيد» كما جاء في نص المسرحية.
تتواصل الجولة الساخرة للشخصيتين، يتواصل معه اداء المهمة، يختلف الضوء والموسيقى في الدلالة على تغيير مكان الاحداث، هما تونسيان يحبان هذا الوطن، امنيان يقومان بمهمة ويريدان اتمامها بكل شجاعة، وفي رحلتهما يعترضهما الكثير، الكثير من الفساد، الرشوة، والمحسوبية، سرقة احلام الشباب، ارتفاع البطالة وغلاء المعيشة ، «مانيش مسامح» و «الشعب يريد»، الدين والناطقين باسم الله في الارض، قتل وتفجير، وغيرها من العبارات والمظاهر التي انتشرت بعد الثورة، مظاهر نقدت بحدة وأسلوب ساخر، على الركح أمتع الممثلان الحضور بأداهما المضحك وطريقتهما الساخرة في نقد ماتعيشه تونس منذ الثورة إلى اليوم، الكثير من النقد صاحبته سخرية سوداء تجعلك تطرح على نفسك عديد الأسئلة أولها «ما اللذي قدمته لهذا الوطن؟ هل حاسبنا انفسنا قبل ان نحاسب الآخر لم كل هذه اللامبالاة بمشاكل الوطن؟ ولم كل هذا الجشع عند السياسيين؟ سخرية على الركح من انتشار الفساد و الاهتمام بالسفاسف مقابل نسيان المشاكل الحقيقية لهذا الوطن.

المسرح ناقد موجع بين التلميح والتصريح
على الركح هناك الكثير من النقد تلميحا وتصريحا، فالممثلان حمّلا الاحزاب ذات التوجه الديني جزء من مشاكل البلاد، فاعضاء البرلمان المتمتعين بالحصانة هم جزء من مشاكل الوطن وسبب من اسباب وهته، ولكن الحصانة الاكبر «في مونبليزير» و«مونبليزير» في الوعي الجماعي التونسي تشير الى حركة النهضة.
تتواصل جولة الشخصيتين الوحيدتين في العمل، يتواصل النقاش عن الاحزاب ودورها في اغراق البلاد في مجموعة من المشاكل، نجدهم يصطادون الفاسدين كما تصطاد الفئران، يضعان المصيدة وينتظران سقوط فاسد واغلبهم كما يقول نص العمل من الاحزاب ونواب الشعب ورجال الاعمال.
في «ليس بعد» الكثير من النقد للاحزاب الدينية، نقد لمن يعتقدون انهم الصادقين ووحدهم مخول لهم الحديث باسم الله، في أحد المشاهد نجد الامنييين في جبل المغيلة وللمغيلة رمزيته ايضا فهناك ذبح الشهيدان السلطاني إذ يموت الجبناء مرات عديدة قبل أن يأتي أجلهم، أما الشجعان فيذوقون الموت مرة واحدة ، هناك يقابلان امير الكتيبة ويحاولان ‹قتله لحماية تونس فتكون النتيجة اصابتهما بالعمى، مشهد يشير الى صدق الكثيرين الذين يرددون يوميا «نموت نموت ويحيا الوطن» يموتون ويوضعون في قبورهم وينسون مشهد تساءل معه الممثلون عن حق الشهيد؟ عن ذكراه وعائلته؟ وهل تكفي تلك الرخامة لنقول شكرا لمن يفتدي تونس بروحه؟ بالنص الذي كتبه حمودة بن حسين وانتصار عيساوي حاولا ان يكونا صادقين فمداد قلم الكاتب مقدس تماما كما دم الشهيد.

المثقف و الفنان مشاكله قد تجلب الجنون
المسرح ممارسة لفعل الحرية، المسرح عنوان للجرأة والنقد دون خوف على الركح يمكن للفنان الغوص في المحظور والممنوع، على الخشببة يحملون المتفرج الى كل عوالم النقد ويفتتون الظواهر الاجتماعية والسياسية التي تعيشها تونس هكذا هي مسرحية «ليس بعد» مسرحية تشير مباشرة الى اسباب الداء ، على الركح نقد الممثلان حال المثقف في وطني، بجسديهما نقلا معاناته، وجيعته والظلام الذي يعيشه في رحلة بحثه عن مصدر للعيش.

عن مشاكل الفنانين والمسرحيين خاصة، عن سبب إنهاكهم وتعبهم المتواصل، عن وجيعة المسرحيين تحدثا بتصريح تام بعيدا عن التلميح فمشاكل الفنانين ومشاكل المسرحيين تتطلب الكثير من الجرأة، حينها يتغير الديكور والموسيقى وتقول «وقت زريقة لازم نرجعوا» بعد ساعة من النقاش المتواصل وتلك الرحلة في الحديث عن الفساد والفاسدين وقانون المصالحة و»وينو البترول» والبطالة والوطن والوطنية يكتشف المتفرج ان الاحداث تدور في مستشفى للمجانين، والشخصيتان هما نزيلان في المستشفى يسرقان يوميا لحظات من الزمن ليتحادثا، وهذه المرة كان الوطن محور الحديث، صدمة طرحت سؤالا «ان كان المجنون يتحدث بهذه الحكمة عن هموم الوطن، فكيف بالعاقل؟ وهل كل مايعيشه التونسي قد يؤدي الى الجنون فعلا؟

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115