وقد احتفت مجلة «أسطور» بالمفكر والمؤرخ هشام جعيط في عدد خاص . و«أسطور» للدراسات التاريخية دورية نصف سنوية محكّمة تصدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. وقد جاء عددها السابع عشر موثقا لمحاضرات ندوة «هشام جعيط المؤرخ والمفكر»، التي عقدتها الدورية بالتعاون مع فرع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في تونس، ومركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والاجتماعية في تونس، ومخبر تاريخ الاقتصاد المتوسطي ومجتمعاته في تونس في شهر مارس 2022، للوقوف على الإرث الفكري والمعرفي الذي تركه هشام جعيط.
كما تضمّن العدد الدراسات التالية: «هشام جعيط والمستشرقون» لحياة عمامو، و»هشام جعيط والتأسيس لأنوار عربية» لكمال عبد اللطيف، و»هشام جعيط في ميزان السيرة النبوية الحديثة» لسمية الوحيشي، و»هشام جعيط والسيرة النبوية: في نقد المنهج» لعمرو عثمان، واختُتم هذا الباب بدراسة إسهام هشام جعيط في التأريخ للنظم والمؤسسات في بلاد المغرب لحسن حافظي علوي. وفي باب «شهادات» نُشرت مقالة «من بواكير مؤلّفات هشام جعيط: سؤال الماضي وهاجس المصير» لمحمّد حسن. واختتم العدد أبوابه بـ «مراجعات كتب»، وقد وردت فيه ثلاث مراجعات، هي: «تفكّر التاريخ، تفكّر الدين» لهشام جعيط، من إعداد حياة عمامو، ومراجعتان لكتاب «هشام جعيط: مسار باحث ومفكر تونسي» لحياة عمامو، من إعداد عبد الحميد هنية وكمال عبد اللطيف.
وترى المختصة في التاريخ الوسيط بالجامعة التونسية حياة عمامو أنّ «هشام جعيط خاض في الاستشراق باعتباره تيّارًا فكريًّا ظهر خلال القرون الوسطى وبلغ أوج تطوّره في القرن التاسع عشر. وفرّق بين مختلف التيّارات الفكرية للاستشراق، ثمّ فرّق بين الاستشراق الأوروبي اللاتيني، وخاصّة منه الفرنسي المتأثّر بالإرث الاستعماري، والفلسفة الألمانية التي تعاملت مع الإسلام من دون أفكار سلبية مسبقة...»
ويذهب أستاذ الفلسفة السياسية والفكر العربي المعاصر كمال عبد اللطيف إلى أنّ هشام جعيط «تعلّم من الروح النقدية الأنوارية لزوم المغامرة وضرورتها في التاريخ. إنه يقبل الخلاص الممكن، لكنه لا ينى التناقض الأكبر بين الله والعالم، والأبدية والعدم. وهو ينجح في بناء تصوراته الفكرية والتاريخية بكثير من الاحتياط، ولا يقبل الحلول السهلة. وقد حاول في كثير من أعماله استيعاب لغة المطلق الدينية باعتبارها جزءًا من التاريخ العام الذي يُفترض فيه حصول المساعي الإنسانية الهادفة، بلغاتها وحساسياتها المختلفة، إلى فهم الإنسان والعالم في أبعادهما المختلفة».