اصدارات: كتاب «موليير في تونس» لمحمد المي: توثيق لبصمات «موليير» على ركح المسرح التونسي

بعد مرور أربعة قرون بالتمام والكمال على ميلاد «موليير»، لا زال هذا المسرحي الفرنسي الأصول والذي لُقب بمؤسس «الكوميديا الراقية» حاضرا بقوة

في المسرح المعاصر سواء أكان عربيا أو غربيا. وعن طريق الاقتباس أو الترجمة أو التطويع ظلت عبقرية «موليير» إلى حدّ اليوم مصدر إلهام لا ينضب للفن الرابع بما في ذلك المسرح التونسي منذ البدايات الأولى.
وبعد جهد جهيد وبحث طويل عن الأصول والوثائق والمراجع استطاع الباحث والكاتب محمد المي جمع شتات الذاكرة المسرحية التي اعتمدت نصوص موليير ومسرحياته في صياغة مواضيعها وتأثيث خشبتها... وبمناسبة لدورة 23 لأيام قرطاج المسرحية صدر كتاب «موليير في تونس» لمحمد المي عن المؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية.

وفي هذا الكتاب يؤكد محمد المي أن «اكتشاف تونس لمسرح شكسبير كان له أسبقية على مسرح موليير - ربما ما يفسر ذلك ثقافة المشارقة وتحديدا المصريين الذين انفتحوا على الثقافة الانقليزية - وقد أشار إلى ذلك محمد الستانجي في مقال نشره في الملحق الثقافي الجريدة العمل سنة 1973 حيث قال « .. أما مسرح المسلاة فكان محتشما فى « ريبار توار» المسرح التونسي .. . لذالم يقع الإقبال على اقتباس مسرح موليير وترجمته إلا حلقة الأربعينات أى بعد مضى ما يزيد عن ربع قرن من معرفة التونسيين للفن المسرحى..».

وبعد تدقيق محمد المي في هذا المعطى اكتشف أن تونس عرفت موليير في مطلع ثلاثينيات القرن العشرين لا في الأربعينيات كما ذهب إلى ذلك الراحل محمد السقانجي. وذلك اعتمادا على مقال كتبه الأستاذ الهادي العبيدي عنوانه « موليير حول رواية البخيل لمترجميها الفاضلين محمود بن عثمان و محمد زروق».
في طبعة أنيقة وصفحات بالألوان، جاء كتاب «موليير في تونس» متنوع المواد والمراجع من مقالات صحفية وصور فوتوغرافية وجذاذات فنية تقتفي كلها أثر موليير في المسرح التونسي منذ الثلاثينيات . وقد أوضح الكتاب أن رواد المسرح التونسي قد اشتغلوا على نصوص موليير على غرار علي بن عياد، ومنصف السويسي وعبد اللطيف بن جدو، ومحمد الزرقاطي، وجميل الجودي، ومحمد كوكة، والبشير الدريسي ومحمد إدريس وغيرهم.

ويذكر الباحث محمد المي أنّ تونس نظّمت سنة 1973 احتفالية رسمية رعتها وزارة الثقافة (دائرة المسرح) في ذكرى مرور ثلاثة قرون على وفاة موليير. وتم تنظيم مهرجان في المسرح البلدي في العاصمة عرضت فيه مجموعة من المسرحيات المقتبسة عن موليير. إلا أن هذا الحدث البارز مرّ دون توثيق ولولا ما بقى من الكتابات المنشورة في جرائد ومجلات تلك الفترة لما ما بقي ما يؤكد أن بلادنا أقامت احتفالات كبرى تليق بموليير ومكانته فى المسرح العالمي وتأثيره على المسرح العربي الذي اقبل على مسرحياته اقتباسا وترجمة.

وأمام إقرار الباحث محمد بوجود «صعوبة كبيرة فى تعقب اثار موليير بسبب ضياع أرشيف المسرح التونسى المتناثر هنا وهناك وغياب مكتبة مسرحية جامعة لهذا التراث الهائل، فإنه أكد في المقابل أن أكبر أرشيف مسرحى يتصل بموليار هو الذي تمتلكه فرقة مدينة تونس للمسرح لأن هذه الفرقة قد تعاملت مع مسرح موليا منذ عهدها الأول وتحديدا في الفترة التي أدار فيها محمد عبد العزيز العقربي هذه الفرقة (1955 - 1960) حيث اقتبس من مسرحية «طبيب رغما عنه» مسرحيته الشهيرة «الكلومن عيشوشة « واخرجها على بن عياد ثم أعاد إخراجها عبد اللطيف بن جدّو سنة 1992.
إيمانا منه بضرورة التوثيق لمواجهة خطورة الاندثار، يطمح محمد المي إلى إصدار كتاب جديد عن «تاريخ شكسبير في تونس» على خطى كتابه «موليير في تونس».

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115