الأوّل: عدم الحاجات، وليس ذلك إلا لله تعالى، وهو المذكور في قوله : "وإن الله لهو الغني الحميد" الحج :64
الثاني: قلة الحاجات؛ وهو المشار إليه بقوله: "ووجدك عائلا فأغنى" الضحى:8.
الثالث: كثرة المال أو الملك؛ كما جاء في قوله:" ومن كان غنيا فليستعفف" النساء:6.
الرابع: عدم الاحتياج إلى ما عند الناس، فلا يفتقر إليهم ويتعفف عما عندهم، ومن هذا القبيل قوله تعالى: "يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف"البقرة:273 ، وقد جاء في السنّة استعماله بهذا المعنى في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- : "ليس الغنى عن كثرة العَرَض، ولكن الغنى غنى النفس"متفق عليه، والعَرَض هو متاع الدينا وحطامها.
المعنى الاصطلاحي:
سبق أن الدلالة اللغوية لمعنى الغنى هي الكفاية والاستغناء وعدم الحاجة للغير، وعليه فاسم الله (الغني) دالٌ على عدم حاجته لغيره من خلقه.
وهذا الربط الحاصل بين المعنى اللغوي والشرعيّ مستعملٌ عند العلماء ، فنحن نجد أن الإمام الزجاجي أورده عند تفسير معنى هذا الاسم فقال: "الغني في كلام العرب: الذي ليس بمحتاج إلى غيره ، وكذلك الله ليس بمحتاج إلى أحد، جلّ وتعالى عن ذلك علوًا كبيرًا، كما قال :" إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ " العنكبوت:6
قال الإمام ابن الأثير: "هو الذي لا يحتاج إلى أحد في شيء وكل أحد محتاج إليه، وهذا هو الغنى المطلق ولا يشارك الله تعالى فيه غيره".
وذكر الإمام الخطابيُّ، أن اسم الله (الغني) يعني أنه سبحانه وتعالى هو الذي استغنى عن الخلق وعن نصرتهم وتأييدهم لملكه، فليست به حاجة إليهم، فهم إليه فقراء محتاجون، كما وصف الخالق نفسه فقال:" والله الغني وأنتم الفقراء" محمد :38
والله سبحانه وتعالى هو الغني بذاته، المستغني عن الخلق بقدرته وعزّ سلطانه، فله الغنى التام المطلق من جميع الوجوه والاعتبارات؛ لكمال ذاته وكمال صفاته، والغنى وصفٌ من أوصاف الذات الإلهيّة، والصفات الذاتيّة لا تنفكّ عن الذات ولا يمكن أن تزول، فغنى الله سبحانه وتعالى دائمٌ وشامل لا يطرأ عليه ما يُنافيه من الذلّ والحاجة، ولا يمكن أن يكون لغيره فضلٌ
عليه.
وقد نظم الشاعر في نونيّته قائلاً:
وهو الغني بذاته فغناه ذاتي
له كالجود والإحسان.