أعدّ مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف تحت إدارة عماد المديوني تظاهرة «مسرح زمن الكوفيد» ليبعث الحيوية في المشهد المسرحي وينفض غبار الكساد عن جسد الفن الرابع حتى يسترجع القيمة والمعنى والجمهور.
لم تقتصر تظاهرة «مسرح زمن الكوفيد» التي نظمها مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف يومي 12 و13 ديسمبر 2020 على الاحتفاء بالانتاجات المسرحية الجديدة بل احتضن المركز حفل توقيع لكتاب « سرّ قرطاج « لأحمد رضا حمدي وتكريم صاحبه الفائز بالجائزة العربية مصطفى عزوز لأدب الطّفل. كما انتظم لقاء حول الحقوق المجاورة للمسرحيين زمن الكوفيد. وفي فن الكوريغرافيا تم تنظيم ورشة من تأطير الدكتور الفنان السوري أيمن علان.
مسرحية «ايكس»... أكثر من التأويل على ركح «التشوه»
على تخوم «مسرح العبث» وباقتراح جمالية «مسرح التشوه»، قدّم مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف العرض الأول لإنتاجه المسرحي الجديد « ايكس » للمخرج محمد الطاهر خيرات وأداء الممثلين عبد الرحمان الشيخاوي ومنير خزري والأزهر الفرحاني وسهام التليلي وصابر العمري، وذلك في إطار تظاهرة «مسرح زمن الكوفيد».
انطلاقا من عنوانها « ايكس » (X) تثير هذه المسرحية التساؤلات في ذهن المشاهد عن مقصدية الطرح والتسمية. في محاولة اكتشاف ماهية «ايكس»، قال المخرج محمد طاهر خيرات في تصريح لـ «المغرب» : «قد «ايكس» علامة قاطع ومقطوع وقد يكون حرفا مجهولا في المعادلات الرياضية أو شخصا نكرة كما هو حال أغلب الناس في كل مكان. في زمن حظر التجول، تقود الصدفة هذا «الايكس» للبحث عن علبة دواء تكون سببا في ترشحه إلى مسابقة مشروطة لكن الفوز بها يعني الحياة في نعيم ! وفي النهاية عندما يصل البطل إلى جنته الموعودة بعد تضحيات جسام يكتشف أنه مجرد لعبة وأضحوكة سيما وقد أضحى مقعدا على كرسي متحرك. كما سبق وأن أنجزنا في إنتاج لمركز الفنون الركحية والدرامية بالكاف مسرحية
«قم»، فإننا نواصل في مسرحيتنا «ايكس» الاشتغال على ما أسميناه «مسرح التشوه» وذلك من خلال المزج بين أساليب فنية وجمالية متنوعة تقوم على اعتماد الأحداث البسيطة للنفاذ إلى عمق القضايا وجوهر الأمور. هذا التشوه يظهر في طريقة الأداء و في لغة الحوار مع حضور عديد التقنيات كالإيماء و الكوميديا الارتجالية لخلق شكل كوميدي وأسلوب هزلي خاص بالجمالية التي نقترحها والتي ليست بالهيّنة ولا المتداولة في مسرحنا ولكنها تتسع لأكثر من تأويل وأكثر من قراءة...».
«مرض الهوى» تحيي المسرح الغنائي وتثمّن التراث المنسي
بحثا عن الجديد وهوسا بالتجديد، يجتهد مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف من أجل إنتاج أعمال مغايرة للسائد ومختلفة عن المألوف. وفي هذا الإطار يتنزل إنتاج المسرحية الغنائية « مرض الهوى» للمخرج رضوان هنودي في الوقت الذي عزّ فيه حضور المسرح الغنائي في المشهد المسرحي التونسي.
في إطار تظاهرة « مسرح زمن الكوفيد » التي نظمها مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف، كان العرض الأول لمسرحية « مرض الهوى» التي لعب أدوارها منذر جبابلي و الجمعي العماري ولبنى مقري ورحمة كافي وشيماء هنودي وصابر جبوري وحسام علوي وخميس بوغانمي وحمزة حجري.
كما حكايات العشق الجميلة التي نقلها إلينا الشعر القديم وقصص الحب العذبة التي يتحدّى فيها العاشق كل الأهوال ويضحي بالغالي والنفيس من أجل الظفر بقلب المحبوبة، يحملنا المخرج المسرحي رضوان هنودي في رحلة شيّقة عنوانها الهوى والجوى وزادها الأهازيج والمواويل...
في مسرحيته الجديدة «مرض الهوى» يروي المخرج رضوان هنودي قصة حاكم طاغية يقع في حب فتاة من البادية، وعندما يطلبها للزواج يرفض أهلها هذا النسب غير المشرف وهذا الرجل المستبد والظالم... ويسارعون بالهرب ومغادرة المكان خوفا من بطش الحاكم الجبّار. إلا أن الحب الذي استبد بقلب رجل السلطة كان أقوى من استبداده وأكبر من جبروته، فأضعن لنداء القلب متخليا عن المال والجاه وملاحقا لأثر معشوقته حتى يعيدها إليه، فتعود إليه الحياة.
كانت الأغنيات في «مرض الهوى» هي الترجمة اللصيقة لحالات العشق والهيام ولتفاصيل حياة البدو وليوميات المرأة في حلها وترحالها... لترقص القلوب على إيقاع دقات الحب وتتمايل الأجساد طربا بأغنيات من التراث عالقة في الذاكرة والوجدان.
بكثير من الشغف والتقصي، ينبش صاحب «مرض الهوى» عميقا في الهوية الموسيقية التونسية ليعلي راية المسرح الغنائي النادر إنتاجه في تونس. عن هذا الخيار الجمالي والركحي، قال المخرج رضوان هنودي في تصريح لـ «المغرب»، : «إجمالا يمكن أن نقول عن مسرحية «مرض الهوى» بأنها إعادة اعتبار لقيمة الحب كأساس للوجود ودعوة صريحة للحب في هذا الزمن. وذلك انطلاقا من خصوصية تونسية وموروث محلي على مستوى الحوار والسينوغرافيا والمتممات الركحية ....بهدف تثمين للتراث بوجهيه المادي واللامادي بجهة الكاف. بعد «نوّار اللوز» سنة 2017 والكوميديا الموسيقية «عشقة وحكايات» تأتي المسرحية الغنائية «مرض الهوى» كثالث عمل أشتغل فيه على ركح المسرح الغنائي إيمانا مني بأن الحفر في ذاكرتنا وتراثنا قد يوصلنا إلى كنوز ثمينة من المواضيع والحكايات والصور التي تشبهنا وننتمي إليها وتعود إلينا... دون حاجة إلى الاقتباس والتطويع».