«نازلة دار الأكابر» لأميرة غنيم: النساء حارسات الذاكرة والتاريخ

العظماء لا يموتون واذا ماتوا فإن أحفادهم يتذكرونهم دائما، المناضلون الصادقون لن تنساهم الذاكرةة الوطنية خاصة الذاكرة النسوية فالنساء

حارسات التاريخ والذاكرة وفي هذا الاطار تتنزل رواية «نازلة دار الاكابر لاميرة غنيم، رواية تتبع من خلالها الكاتبة تشوّهات «البلدية» ومحاولة البحث عمن قتل جدها الطاهر الحداد كمدا وحسرة فتعيد إحيائه وتصحبه مع القراء الى جولة في التاريخ والسياسة والحب.
«نازلة دار الاكابر» الفائزة بالجائزة الخاصة للجنة الكومار والصادرة عن دار مسكلياني جاءت في 460 صفحة وغلافها عبارة عن زقاق شبه مظلم وهو صورة للرسام الجزائري رشيد طالبي والخط لسمير بن قويعة، الرواية عبارة عن رحلة في الزمان والمكان تأتي على لسان الشخصيات المشاركة في احداث النازلة.
افكار الحدّاد لن تموت مادامت النساء تحفظن التاريخ وتنتصرن لذكراه
رواية مشوقة، وأنت تخطو عتبات صفحاتها الاولى تغمرك رائحة التاريخ واسلوب روائي جد مميز يحملك عنوة للتجوال في الذاكرة ستدخل بيوت الحاضرة وتجالس اعيانها وتسمع حكاياتهم، سيغضبك تكبّر «البلدية» في معاملته للاخرين «لا لوم على العائلات البلدية في مدينة تونس اذ تكبّر الاعيان من ابنائها وتغطرسوا، ان التكبر سجية فيهم وطبع مركوز، تشوّه وراثي يولد المرء به ولا ذنب له فيه» (صفحة11) وستنحاز للطاهر الحداد ابن الدجّاج ذاك الشاب الحالم الذي اسقطته احلامه في هوة الابعاد بعد كتابه «امراتنا في الشريعة والمجتمع» الكتاب الذي ظنه بادرة خير ترفعه الى سماء النجاح كان السقطة الاخيرة لتونسي فكّر وحاول الخروج عن الجبة التقليدية للدينيين.
في «نازلة دار الاكابر» تفتح صفحات من تاريخ تونس تحاول فيها كاتبة الرواية اميرة غنيم على لسان الشخصية الرئيسية هند بنت مصطفى بن محسن النيفر فكّ شيفرات عنهجية أعيان الحاضرة وظلم شيوخ الزيتونة للطاهر الحداد، واختارت هند ان تتحدث بصفتها «حفيدة الطاهر الحداد» وبطريقة ذكية يعجز المؤرخون عن تكذيب خيال الروائية تخيلت رسالة وجهها الحداد الى جدتها زبيدة بنت علي الرصاع، الرسالة التي يكتشفها القارئ في الصفحة 366 من الرواية، ومنها ستكون النازلة ومنها ستولد احداث الرواية المنقولة على لسان جلّ افراد العائلة الموسّعة لهند.
على لسان محسن النيفر جدّ هند تكون الرسالة المتخيلة «انا راحل قريبا، تركت لك عصارة فكري وقلبي عند كريطة الخباز في حومة سيدي منصور، ارسلي اليه لويزة ليسلمها الكتاب ومخطوط الديوان.الطاهر» هذه الكلمات القليلة كانت سببا في فرقة بين الاصهار وسبب جفاء بين الزوج وزوجته وسببا في شلل زبيدة وتفرق عقد العائلة، الرسالة المتخيلة منها ينطلق دفاع هند عن الطاهر الحداد وتضيف انّ الحداد لم تقتله القضية وحدها بل العشق ايضا «لا احد من اصحابه الخلّص يعرف انه مات عشقا الا صفيه احمد الدرعي» (صفحة325) .
الحدّاد الذي يصفه احد الاعيان ويقول «الرجل تمرد على اجماع الائمة من علماء الاسلام يا علولو، وانكر ماهو معلوم من الدين بالضرورة، ولم تكفه الدعاية لفساد الاخلاق وترك العادات الاسلامية حتى استهزأ بحضرة الرسول الاعظم واساء الظنّ بامهات المؤمنين رضي الله عنهنّ». صفحة104.
وتواصل الكاتبة سرد الاحداث بكل دقة لتحمل القارئ على زجر الزيتونيين والاعيان ويقبل بكل الشغف على الحداد فينحاز لابن الدجّاج، يقبل على الشاب الطموح الحالم بحرية المرأة وقراءة اخرى للقران بعيدا عن القراءة التقليدية، ستقرأ الرواية وتقول «اه كم ظُلم الحداد في حياته وستبحث في كل ماخزنته الذاكرة عن شيء تكرم به محرر المراة، المرأة التي كتب لها وقدم حياته فداء لحريتها وتعليمها وبعد موته ستصدر مجلة الاحوال الشخصية لتكرم روحه «ثمّ من يفسّر لي كنه هذه المجلة الجديدة التي هلّلت لها عماتك وأزعجت عمّك امحمّد؟ هل صحيح ان ازواج عماتك لم يعودوا قادرين على تطليق بناتي بيمين؟ ولا تهديدهنّ بإدخال الضرائر؟» (صفحة60) كما تتحدث للاجنينة عن مجلة الاحوال الشخصية.
تحاول اميرة غنيم على لسان الشخصيات الاستفاضة في وصف الحداد وتقديم صورة جلية عن الظلم الذي تعرّض إليه بعد كتابه وتقول انّ مشائخ الجامع الاعظم و ابناء الحزب الدستوري ممثلا في رئيسه محي الدين القليبي حاولوا تشويه الحدّاد فيقول امحمّد النيفر في اعترافاته» ولا اخفيك اننا استقبلنا كتابه بفرح عارم، وكيف لا نفرح وقد جاد علينا الزمان بفرصة استثنائية للقصاص منه، وكان اكثرنا حماسا محي الدين القليبي الذي اعدّ خطة محكمة لتدمير الكتاب وصاحبه، لقاء انسلاخ من الحزب» صفحة 170.
وبالعودة الى التاريخ كان للصحافة اواخر العشرينات واوائل الثلاثينات دور هام في توجيه الشعب والراي العام والصحافة كان لها دور كبير في محاربة الحداد وكتابه وطرده من العمل والحياة ونستحضر من حديث علي الرصاع عن حفل الكازينو: « اسمع الطاهر يقول: ليس لنا سلاح نحارب به قضايا المرأة الا الدين الذي حاربناه في جوهره ومعناه وسخرنا منه في سيرتنا وأعمالنا وبقينا متعصبين له في شكله المخلوق من عنصريتنا وعاداتنا» ، ثم اقرا على كنش الصحفي: يدعو الى محاربة الدين ويسخر من المتدينين وينعتهم بالتعصّب والعنصرية،
يعود صوت الحداد «نحن نريد ان نكرم المرأة ونرفع من الكابوس اللعين النازل عنها» ثم أقرا: يشبّه الاسلام بالكابوس ويتحدى المسلمين» صفحة123 .
في الرواية يكون الحداد حاضرا غائب هو لم يشارك في القص او الحديث لانّه توفي يوم وصول الرسالة، لكن الكاتبة تنحاز اليه تكون لسانه وصوته، حفيدة الحداد تكرّمه وتكرم معه نضالاته لتحرير المرأة «ويبدو ان هند لم تكن وحدها حفيدة الطاهر الحداد، فنساء تونس مازلن يواصلن كشف اغوار سلالة الاكابر الذين قتلوا جدّهن، كمدا وحسرة» كما كتب شكري مبخوت في تقديمه للرواية وما الكتاب الا عنوان لانتصار الحداد وأفكاره التنويرية ربما بعد وقت طويل ولكن ان تكتب امرأة وتروي الاحداث امرأة وتحفظ التواريخ نساء فدليل على تفوّق الحداد على أكابر الحاضرة واعيانها ومشائخها وفتاواهم، فالحدّاد اليوم حيّ ومن حاربوه تساقطوا تدريجيا من شجرة الذاكرة.
خيال الروائية يكشف انشقاق التونسيين امام فكرة الوطن
الخيال ممتع ومشوّق، الدخول الى عوالم الاكابر والأعيان يرضي غرور القارئ ويفتح شهيته لمزيد القراءة فنازلة دار الاكابر مترابطة الاحداث والأفكار ابدعت اميرة غنيم في نسج خيوط القصة فجاءت برواية مشحونة بالتاريخ والسياسة وقصص الحبّ والعبودية.
رواية تعرّي جبن الاعيان مرات وتشير الى انتشار الهوس بالجنس وتعود حينا الى تعنت المسؤولين انذاك وحقدهم لنجاح شاب من العوام « «أليس من نكد الدنيا على الحرّ ان يجد ابن الدجاج هذا سبيلا للدراسة في جامع الزيتونة الاعظم مع ابناء الاكابر والاعيان؟ صفحة300 ومرة تكون لينة فتستحضر الحكايات الجميلة وتنقل بالتفاصيل لباس اهل الحاضرة وبهاءه، فنازلة دار الاكابر رواية مسكونة بالإبداع وكلما ورّقت صفحاتها وجدت ما يشبع الروح ويجيب عن الاسئلة، رواية مشوقة حدّ ان تجبرك الكاتبة على التهام ثلاث مائة وستّ وستين صفحة كاملة قبل معرفة سرّ اسم الرواية وكذلك تكتشف الرسالة «الجلل».
«نازلة دار الاكابر» هو عنوان الرواية وللعنوان دلالته ايضا فالنازلة هي المصيبة ودار الاكابر هي دار الاعيان تحديدا دان القاضي «سي عثمان النيفر» وسبب المصيبة رسالة الحداد الطاهر المذكور هو ذاك الزنديق الذي اقابله في اجتماعات الحزب» (صفحة16) كما جاء على لسان امحمّد النيفر، تخيلت الكاتبة رسالة يرسلها الحداد الى «زبيدة الرصاع» التي درسّها صغيرة فاحبّها وخطبها لكنّ والدها «البلدي ولد الاكابر» رفض طلبه بسخرية اذا كنت حسبت ان ذاك الكتاب النحيل الذي كتبته ووشيته بأسماء اعيان الحاضرة من شيوخ الزيتونة قد رفعك الى مقامهم فما ذاك إلا من حمقك وفساد رايك» صفحة 129 وزوّج ابنته الى ابن الاعيان محسن النيفر ليضمن تعاستها الابدية.
تتبع الكاتبة التاريخ تحاول النبش في الذاكرة الجماعية للوطن وللافراد، تشير بطريقة ذكية الى الانقسامات التي عرفها الحزب الدستوري التونسي، تتحدث عن رفض البعض من ابناء الحزب القديم لأفكار بورقيبة وثمة رفضهم لمجلة الاحوال الشخصية، تشير الى انحياز البعض الى المانيا في الحرب بين الحلفاء والمحور وتنوه بذكاء بورقيبة حين ارسل للحبيب ثامر وهو في السجن المدني وتقول على لسان مهدي الرصاع «ان المانيا لن تنتصر في الحرب ولا يمكن لها ان تنتصر، وسيسحقها العملاقان الروسي والانغلوساكسوني» ويضيف مهدي الرصاع «اغلب الظنّ ان الزعيم اعطى اوامره في تلك الرسالة المسرّبة للقادة والمناضلين بالتعامل مع الفرنسيين المقربين من الجنرال دي غول ومساندة فرنسا وعدم الاصطفاف وراء الالمان والطليان» (صفحة 314).
«نازلة دار الاكابر» رواية التاريخ والحاضر، تارة تحدثك هند عن حاضر تونس ومشاكلها ما بعد الثورة وظهور الانشقاقات والاحزاب والوهابيين بجلابيبهم السود، وطورا تعود الى الثلاثينات فترة اصدار الطاهر الفحداد لكتابه «امراتنا في الشريعة والمجتمع» ومرة تبعد بالذاكرة الى تواريخ ابعد فتتحدث على بداية العشرينات وماقبلها اي فترة حكم الصادق باي والامين باي وكلما ارادت الابتعاد في الذكرى اختارت شخصية تكون اكبر سنّا وكل شخصية تحاول ان تكون بابا للتاريخ منه تنفذ الكاتبة محاولة ترصيف الاحداث وترتيبها باسلوب مشوّق للقارئ.
«كارتي» الرجال من المسكوت عنه في المجتمع

«نازلة دار الأكابر» رواية جريئة في الأسلوب بالاضافة الى جراتها في «شتم» الاكابر وابراز عيوبهم، سلطت الكاتبة الضوء على «ماخور الرجال» و الدعارة الرجالية وهو من المواضيع المسكوت عنها في المجتمع التونسي والأدب كذلك، وفي أحد الفصول تحديدا حديث امحمد النيفر الى ابن اخيه تنقل بدقة مشهد اغتصابه من قبل «عياد» حارس الكتّاب وتمعن الكاتبة في وصف المشهد بدقّة وكأنها تحاول تعرية ما تخفيه الشخصية من تعنت وصلف وكبرياء، وتنقل مشاهد معاشرته للرجال وارتياده للماخور «وقد اخبرني ذات مرة صديق لي طلياني كان يرتاد كارتي الرجال في سيدي علي واكي بالحفصية أنّ رجلا جاء يسأل عني صاحب المحلّ يريد أن يعرف إن كنت من حرفائه. لكن «الويجي» كان من خلف فستانه القصير ومن تحته أحمر شفاهه ورموشه الاصطناعية وباروكته النسائية، رجلا حقيقيا فلم يفده بشيء بل أنه جعل يراوده عن نفسه حتّى فر من عنده لا يلوي على شيءّ صفحة.142 و الحديث عن «اللواط» و «الشذوذ» عند الرجال ليس من المواضيع المطروحة لكن نقلتها أميرة غنيم بكل جرأة.
العنصرية من المواضيع المطروحة في الرواية

«خدوج» احدى الشخصيات الرئيسية في الرواية هي من خدم الاكابر لكنها مساهمة في احداث الرواية وصياغة الكثير من الأحداث، «خدوج» خادمة الخادمة السمراء تعاني من تصلّف «للاتها» السيدة جنينة، بسبب بشرتها المختلفة في الرواية تنقل اميرة غنيم النظرة الدونية للسمر « «النافسة منفوسة، وليس افضل من صغار الوصفان لطرد الحسد، يجذب سوادهم بقدرة الله العين الحاسدة فترشق فيهم ولا تحوك ويسلم المحسود من الاذى» (صفحة 183) وتتبع ايضا بعض الافكار الشائعة التي تقول ان ممارسة الجنس مع السمراوات يصفي الدم « ولمّا كان الرجال البيض يؤمنون بان النوم مع المراة السوداء يصفّي الدم، فقد كان لياقوتة بدروشتها المضافة الى سواد بشرتها حظوة مضاعفة عند من يطلب الفرج» (صفحة201)، وتشير الكاتبة أنه ليس للخدم حظوة كما الاحرار وتعود بالذاكرة الى وفاة ام خدّوج «امي ايضا توفيت من دمّل نبت في صدرها، ولكن، ما راى امي طبيب وما عادها من الزوار احد، ظلّت تئن فوق حصير بدار النيفر الكبير اياما ثم انطفأت كاي اتان عجوز» صفحة 179 فتنقد تلك المعاملة الدونية وتنقد فكرة العنصرية وتُظهر انّ «خدوج» اكثر انسانية من سيدتها.
من الرواية:
«ذكرت الحضور بان اعداء المساواة الفعلية بين المرأة والرجل ليسوا اصحاب الجلابيب الافغانية ممن يحفون الشوارب ويعفون اللحيّ فحسب، فمعظم الحداثيين الذين يشاركون زوجاتهم في الاحتفال بالعيد الوطني المراة ويحاضرون في المؤتمرات العلمية وعلى المنابر الاعلامية عن حقوق المراة وتكافؤ الفرص بين الجنسين، متى دخلوا الى بيوتهم ونزعوا ربطة العنق، ابانوا عن جلدهم الحقيقي، جلد الذكورة المليئ بعقد التفوّق واوهام الفحولة في معناها الجنسي الساذج» صفحة 448.
«سبحان الله يا حميدة، اقمتم الدنيا ولم تقعدوها لان رجلا منكم اجتهد في قراءة نصوص القرآن على غير ما الفتموه، ضيقتم عليه رزقه وحكمتم عليه بالموت المدني لانه دعا الى ابطال الطلاق الشفوي ومنع تعدد الزوجات، اين كانت هذه الحميّة على الدين ايام المؤتمر الافخارستني عندما رفعت الصلبان في شوارع الحاضرة قبل اشهر من صدور كتاب الحداد» صفحة105.
«اسمع ايها المحترم، اعضاء اللجنة التنفيذية للحزب يجتمعون الان في هذه اللحظة التي اكلمك فيها بنادي الحزب بنهج انقلترا يخططون للحملة التي سيشنونها في الصحف ولدى الراي العام على الحدّاد وكتابه» صفحة111.
«بلقاسم الشابي ذكي ولا يحبّ ان يسجل على نفسه نقطة سوداء بمساندة من سيصبح بعد ايام عدوّ الملة» صفحة 117.
«كان فلاحا ميسورا من جهة مساكن، له اصول زيتون وغابة لوز يعيش منها مع اخوته في بحبوحة وسعة حل، ثم اولتهم الدنيا ظهرها بغتة بعد انتفاضة علي بن غذاهم، بعدما حمل الجنرال زروق بامر من الصادق باي على جهة الساحل فجردهم من ارزاقهم وافتك رسومهم...على غرار مافعله بالمئات من سكان مساكن ,hglksjdn وكل القرى الساحلية التي واجهj المحلة مساندة لانتفاضة اولاد ماجر، واولاد عيار، والفراشيش، وعرش دريد ضدّ الترفيع في المجبى» 291.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115