في مشروع «المتاحف للجميع» ما بين باردو وسوسة: التكنولوجيا الحديثة تمنح المكفوفين حق النفاذ إلى التراث

ليست المتاحف مجرد بيوت للتاريخ وواجهات للتراث وعناوين للحضارة بل هي ذاكرة حيّة ورواية خالدة عن الأسلاف والأجداد، عن قديم الزمان وسالف العصر والأوان...

وحتى تجدّد المتاحف أسلوبها وخطابها وجمهورها وتستقطب فئات جديدة من الرواد والزوّار، وضعت وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية سياسة اتصالية حديثة وخطة ترويجية معاصرة تستثمر تكنولوجيا المعلومات وثورة الاتصالات وتوّظف المحامل الذكية حتى تكون «المتاحف للجميع».
تحت إشراف وزير الشؤون الثقافية وليد زيدي، احتضن المتحف الأثري بسوسة، أمس السبت 19 سبتمبر 2020، ملتقى «المتاحف للجميع» في إطار مشروع متاحف للجميع المموّل من طرف مشروع «تفنن- تونس الإبداعية» تحت إشراف وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية وبالشراكة مع «جمعية برايل للتربية والثقافة» و«شركة 3دي وايف»...

مسح رقمي وتطبيقات إعلامية مجانية
في تجربة أولى طريفة وجديدة، قامت وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية سنة 2019 بتنفيذ مشروع نموذجي خاص بالمتحف الوطني بباردو يرتكز على منجزين اثنين، أولهما التعريف بمكونات المتحف من لوحات فسيفسائية ومنحوتات رومانية عبر تطبيقة إعلامية قابلة للتحميل بصفة مجانية وسهلة الاستعمال بثلاث لغات (العربية والانجليزية والفرنسية) علاوة على لغة البراي بالنسبة لذوي الاحتياجات الخصوصية. وذلك باستعمال تقنية «الواقع المعزّز وتقنية «الزيارة الافتراضية»... أما المنجز الثاني، فيتمثل في مسح وتصميم وطباعة القطع الأثرية الموجودة ضمن التطبيقة بتقنية ثلاثية الأبعاد، ووضع المجسمات على ذمة ذوي الاحتياجات الخصوصية مشفوعة بالبيانات العلمية المكتوبة بلغة البراي (العربية، الانجليزية والفرنسية) حول القطع الأثرية الموجودة في قاعة قرطاج.

وسعيا إلى تعميم لهذه المنجزات والمكتسبات على أكبر عدد من المتاحف نسجا على منوال متحف باردو، يعمل مشروع «متاحف للجميع» على دمج ذوي الإعاقة البصرية ضمن قاعدة جمهور المتاحف ومنحهم حقهم في التعرف على تراث بلادهم... وفي هذا السياق أكد مدير المشروع أحمد الشرفي أن «متاحف للجميع» يهدف إلى تمكين المكفوفين من النفاذ إلى التراث الثقافي والأثري الذي تحتويه المجموعات المعروضة في كلّ متحف سوسة والمتحف الوطني بباردو من خلال: وضع دليل صوتي في شكل تطبيقة للأجهزة الذكية تستعمل آخر التحديثات التكنولوجية في تحديد المواقع. وعبر تقنية المسح الرقمي ثم طباعة نسخة مصغّرة من 40 قطعة أثرية يتمّ وضعها على ذمة زوار المتحفين من أصحاب الإعاقة البصرية حتى يتمكّنوا من تحسّسها وفهم القطعة الأثرية المعروضة وبعث وحدة طباعة رقمية بتقنية برايل لإنتاج وترجمة النصوص العلمية المنشورة للعموم من ذوي الإعاقات البصرية وسيتم معالجة المطويات لزوار متحف سوسة ومتحف باردو... كما سيتم تكييف موقع الانترنت الخاص بوكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية لاستعمالات أصحاب الإعاقة البصرية لتسهيل نفاذهم إلى المعلومة الموضوعة على ذمة العموم.

وكالة إحياء التراث تستثمر التحوّل الرقمي
من أجل طرق أبواب جديدة للتعريف بالتراث وفتح آفاق أخرى لتثمينه وترويجه... تجتهد وكالة أحياء التراث والتنمية الثقافية من أجل توظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصال الحديثة لتثمين التراث والتعريف بخصوصياته من خلال استعمال مختلف المحامل الذكية بهدف جلب وتشجيع جميع الفئات العمرية (الأطفال والكهول وأصحاب الاحتياجات الخصوصية...).
وفي هذا السياق أضافت المديرة العامة للوكالة آمال حشانة في كلمتها بمناسبة افتتاح مشروع «متاحف للجميع» في متحف سوسة»: لمزيد التعريف بالمنتوج السياحي الثقافي التونسي لدى الفضاء الخارجي والوطني باعتماد مقاربة تواصل عصرية ورقمية، فإنه لا يفوتني بهذه المناسبة تثمين هذه التجربة المقدمة من قبل «جمعية برايل للتربية والثقافة « والتأكيد بأن الوكالة على استعداد تام لربط علاقات شراكة فعلية مع مختلف مكونات المجتمع المدني والمؤسسات الناشئة ...من خلال تقديم مختلف أشكال المساعدة والتأطير باعتماد مشاريع تكنولوجية نوعية تعتمد على جملة من الآليات والبرمجيات الإعلامية الحديثة منها الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز والزيارات الافتراضية والدليل الرقمي للمتاحف والمعالم التاريخية والمواقع الأثرية وذلك بهدف العمل على مزيد ترسيخ الثقافة الرقمية بهدف تحسين جودة الخدمات المقدمة للزوار».

وقد ذكّرت المديرة العامة لوكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية آمال حشانة بمستجدات ومنجزات الوكالة، حيث أفادت : «تحت شعار «تثمين التراث وتنمية السياحة الثقافية من خلال التكنولوجيات الحديثة» تشهد وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية تحوّلا رقميا ملموسا وذلك من خلال جملة من المشاريع الرقمية المبرمجة ضمن خطتها الاستراتجية نذكر منها على سبيل الذكر لا الحصر ما يلي: مركز تقديم تاريخ ومعالم مدينة تونس ، إنجاز بوابة التراث، تصميم مجلة رقمية حول التراث المادي واللامادي، دراسة مجموعة من المسالك السياحية الثقافية بسليانة والكاف وكركوان...
في إطار سعيها الدائم لتطوير خطة عملة وسياستها الاتصالية لاستقطاب كل الشرائح واستقبال كل الفئات ومنح الأشخاص من ذوي الحاجيات الخصوصية حقهم في النفاذ إلى التراث، كشفت المديرة العامة لوكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية أنّ الوكالة بالشراكة مع «مكتب إيكوم» بصدد إعداد شريط وثائقي يعرّف بمركز تقديم تاريخ ومعالم مدينة تونس مترجم بلغة الإشارات.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115