كتاب «شبكات التواصل الاجتماعي: تحولات في المجتمع والسياسة والارهاب» من تأليف الثنائي الاستاذ الدكتور جوهر الجموسي والاستاذة الدكتورة إشراق بن إسحاق: اشتغال فكري على تأثيرات شبكات التواصل الاجتماعي على منظومة المجتمع واستراتيجيات الجماعات الاسلامية

 عن المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية صدر مؤخرا كتاب

«شبكات التواصل الاجتماعي: تحولات في المجتمع والسياسة والارهاب» من تأليف الثنائي الاستاذ الدكتور جوهر الجموسي والاستاذة الدكتورة إشراق بن إسحاق

والكتاب هو دراسة علمية لمسألة تشغل مجتمعنا الحديث حيث يتناول الراهن في علاقتنا اليومية بالافتراضي في مختلف مجالات الحياة وتأثيرات الفضاء الافتراضي على الرأي العام وصيرورة المجتمع ومتغيراته وعلى الجانب السياسي وعلاقة منصات الفضاء الافتراضي بالتنظيمات الارهابية ضمن برنامج استراتيجتهم الدعائية والترويجية إذ يتوقّف هذا الكتاب عند مختلف صور الثّورة الجذريّة لشبكات التواصل الاجتماعي في زمن مُعولم مُتحرك وغير ثابت، يُدوّنه التاريخ بأبعاد جديدة تقوم أساسا على التحوّل في المفاهيم والرؤى والتوجّهات.

وقد أكّدت الاستاذة الدكتورة إشراق بن إسحاق عن هذا المؤلّف «إنّنا، اليوم نسجّل اختلافا في المفاهيم، خاصّة مفهوم التحوّلات المُجتمعيّة والتغلغل الجماعيّ صلب منظومة كاملة من الشبكات تقطع مع القديم وتتنافر مع التّقليديّ تهدم روابط اجتماعيّة وتبني أخرى بديلة قد تبدو كأنّها هجينة لتحقّق في النّهاية حياة متحرّرة من القيود، تمنح للذّات انفلاتا من سيادة النُظُم وطغيان الرؤى التسلّطيّة والفوقيّة وربّما القمعيّة على اختلاف الأزمنة والأمكنة كما نقرّ اليوم بأهميّة شبكات التواصل الاجتماعيّ في حياة الفرد، وبسرعتها ونجاعتها فى كل المجالات حيث وفرت نقطة التواصل والتّفاعل مع الآخر وضَمنَت التقاءً افتراضيّا ساهم  في تشكّل الأفكار وبناء التصوّرات وإحداث التّحوّلات الاجتماعيّة والسّياسيّة الجذريّة في العديد في المجتمع التّونسيّ وفي المجتمعات العربيّة وغيرها كما ساهمت الإنترنت في نشأة شكل جديد من الإرهاب هو الإرهاب السّيبرانيّ أو إرهاب الشّبكات الاجتماعيّة».

والكتاب عموما هو قراءة لوقائع وأحداث ميدانيّة كانت قد مهّدت لظهورها مواقع التواصل الاجتماعيّ وعن طريقها تغيّرت أنظمة الحكم وصناعة الرّأي العامّ وقيادة المجتمع.

وتوزعت هذه الدّراسة منهجيّا على خمسة فصول، أوّلها «شبكات التّواصل الاجتماعيّ: حضورها وأبعادها الاجتماعيّة»، أمّا الفصل الثّاني فحول «توظيف شبكات التّواصل الاجتماعيّ في العمل السّياسيّ» في حين تناول الفصل الثّالث مسألة «التّدوين والمدوّنين من خلال شبكات التّواصل الاجتماعيّ» وتطرّق الفصل الرّابع إلى «شبكات التّواصل الاجتماعيّ: الاحتجاج والثّورة» وانتهت الدّراسة بفصل خامس، عنوانه «توظيف شبكات التّواصل الاجتماعيّ في الإرهاب»

وجاء في الكتاب ما مفاده أن شبكات التّواصل الاجتماعيّ الإلكترونيّة ظهرت في أواخر التّسعينات من القرن العشرين ومع الحاجة الملحّة إلى التواصل عبر الشبكة العنكبوتيّة كان من الضروري ظهور شبكات متعدّدة تفوق موقع «غوغل» من حيث نسبة المشاهدة والإطلاع على الصفحات. ويعتبر موقع «ماي سبايس» (myspace) الأمريكيّ الشّهير من أوّل الشّبكات الاجتماعيّة، وأكبرها على مستوى العالم وإلى جانب «ماي سبايس»، وموازاة له، بدأ المنافس «فايسبوك»(facebook)  في الانتشار فأدّى التّجديد في طبيعة خدمات التّواصل الإلكترونيّ إلى زيادة أعداد مستخدمي «فايسبوك» على المستوى العالميّ بشكل تجاوز حدود التّوقّع.

و بعد ذلك ظهرت عديد شبكات التّواصل الاجتماعيّ الأخرى منها ما هو عالميّ ومنها ما هو محلّيّ في محاولة من أنظمة سياسيّة معيّنة إلى إنشاء شبكات اجتماعيّة خاصّة بمجتمعاتها وذلك بهدف عزلها عن الشّبكات العالميّة الكبرى المؤثّرة في بنية المجتمعات وفي صناعة الرّأي العامّ وفي الشّأن الاجتماعيّ والاقتصاديّ والسّياسيّ.

 وقدّم الكتاب بعض الإحصائيات حول شبكات التواصل الاجتماعيّ ليشير الى ان عدد مستخدمي الأنترنت في العالم بلغ 4.346.561.853 مليار مستخدم  إلى حدّ موفّى مارس 2019 حسب تقديرات المراكز العالميّة المختصّة وأشار الى أنه «إذا تأمّلنا توزيع هؤلاء المستخدمين حسب المناطق نجد أنّ آسيا في المقدّمة بنسبة 50.4 %، تليها أوروبا بـ 16.5 %، وافريقيا بـ 10.9 %، وأمريكا اللّاتينيّة والكراييب بـ 10.1 %، وأمريكا الشّماليّة بـ 7.5 %، والشّرق الأوسط بـ 3.9 %، ثمّ أستراليا بـ 0.7 %».

كما قدّم الكتاب عرضا تفصيليا لخدمات شبكات التّواصل الاجتماعيّ حيث حاول المؤّلفان وفي سياق الانتشار الواسع لاستخدام الإنترنت في العالم استعراض آخر خدمات شبكات التّواصل الاجتماعيّ أو «السّوشيال ميديا»، وأبرز الاختيارات المتداوَلة عليها في المجتمع العالميّ والمجتمع الشّبكيّ.

وخلص الكتاب إلى أن تفاقم استخدام شبكات التّواصل الاجتماعيّ بسرعة كبيرة لَهُوَ دليل على تنامي ظاهرة الإرهاب الإلكترونيّ الّتي كانت سبباً رئيسيّاً في انتشار العُنف والتّطرّف كنتيجة حتميّة لفكر مُنحرف تقوده الجماعات الإرهابيّة.

وأكّدت الدراسة أن استخدام المتطرّفين لشبكات التّواصل الاجتماعيّ إلى كونها غير مُكلفة ولا تُشكّل عبئا مادّيّا كبيرا وفي استعمالها، تَستُّر بهويّات مزيَّفة يصعب الإمساك بها ونشرٌ سريع للمعلومات عن التّنظيمات وكيفيّة التّواصل مع أعضائها وإرباك وترهيب للمجتمعات ضحيّة الإرهاب بالإضافة إلى إتاحة تدفّق المعلومات وتقليل تكلفة تجنيد الأعضاء الجدد وإيجاد مجتمعات للتّواصل الإلكترونيّ يتشارك أعضاؤها الأفكار والنّقاش والتّخطيط للمرور في مرحلة موالية إلى عمليّات التّنفيذ.

وفي السّياق، ذكّرت الدراسة و كمثال ما خلّفته حادثة الشّهيد الرّاعي مبروك السّلطاني من ألم واستياء وتنديد مجتمعيّ بما روّجته شبكات «فايسبوك» و»تويتر» من صور وفيديوهات بشعة نقلت قطع الإرهابيّين لرأس الشّهيد، وفي كلّ مرّة، يعلن الإرهابيّون تبنّيهم لأعمالهم الإرهابيّة عبر شبكات التّواصل الاجتماعيّ وإذ تتضمّن الصّورة وحشيّة الجماعات الإرهابيّة ظاهريّا فإنها تبرز ضمنيّا وباطنيّا خطر شبكات التّواصل الاجتماعيّ على نفسيّة المجتمع من خلال تأثيرها في الرّأي العامّ كما أن  تكرار مثل هذه المشاهد، وتداولها، له أبعاد خطيرة على المُجتمع فهو يُنمّط الأذهان ويجعلها تعتاد على مثل تلك المشاهد الإجراميّة اللّاإنسانيّة وهو أمر، لا يخدم سوى الجماعات الإرهابيّة، لأنّه يزرع في النّفوس ثقافة الموت عِوَض ثقافة الحياة.

كما ذكّر الكتاب ببعض إحصاءات المادّة الإعلاميّة لداعش على شبكة يوتيوب منها 02 % قيم دينية، 40 % مضامين القتال وأعمال الحرب، 25 % المقابلات والتصريحات الخاصة بالجهاديين، 18 % الترويج لقيام الدولة الإسلامية بمؤسساتها وأركانها، 15 % مشاهد الإعدام والشدة ليخلص الكتاب الى أن كل هذه النسب تعكس الإستراتيجيّا الاتصاليّة لتنظيم داعش الإرهابي لتذكّر الدراسة بتطبيق «تلغرام» المنصة الرّسمية لداعش لتحضير عملياتها الإرهابية في دول النكاية والإنهاك مؤكّدا ان  تونس إحدى البلدان ضحايا داعش الّتي اعتمدت شبكة تلغرام في عمليات إرهابية ضدّها وكمثال على ذلك أشار الكتاب الى ان التحريات الأمنيّة أفضت إلى أن الإرهابيّة»منى قبلة»، التي قامت بتفجير نفسها في شارع الحبيب بورقيبة بتونس العاصمة يوم 29 أكتوبر 2018 قد استعملت برنامج Telegram  في تعلم صناعة العبوة الناسفة والتحضير لعمليتها الإرهابيّة ونفس البرنامج اعتمده مراد الغزلاني الذي قام بتصفية الشهيدين سعيد الغزلاني وخليفة السلطاني والذي تم القضاء عليه في 21 أكتوبر 2018 بمدينة القصرين.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115