ولئن شهدت المبادلات التجارية التونسية تحسنا في الصادرات بنسبة 24,6 % لتبلغ 19 مليار دينار ،فإن النسق لم يكن كافيا لمجابهة نسق الواردات التي صعدت بأكثر من 30 في المائة من حيث القيمة لتبلغ 25.5 مليار دينار خلال الأشهر الأربعة الأولى من السنة الحالية مع العلم ان قيمة عجز الميزان التجاري قد زادت بنسبة 49.8 % بين افريل 2021 والفترة ذاتها من السنة الحالية.
وقد نتج عن هذه النتائج في المبادلات تراجع في نسبة تغطية الواردات بالصادرات بـ 3,4 نقطة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2021 حيث بلغت 74,1 %.
وبالعودة إلى معطيات المعهد ،فإن ارتفاع قيمة الواردات ناجم بالأساس عن الصعود الصاروخي في واردات الطاقة التي زادت بنحو تسعين في المائة لتبلغ 4 مليار دينار في أربعة أشهر وهو نمو تغذى أساسا من ارتفاع اسعار المحروقات في السوق العالمية وقد قاد الارتفاع المسجل في قيمة واردات الطاقة إلى تعمق عجز الميزان الطاقي و ذلك على الرغم من التطور المهم في قيمة الصادرات ،فقد بلغ عجز الميزان التجاري الطاقي 2.3 مليار دينار أي مايزيد عن ثلث عجز الميزان التجاري سببه المنتجات الطاقية ولا بد من الاشارة في هذا الباب الى أن قيمة عجز الميزان التجاري قد تعمق بنحو 60 % بين افريل 2021 و أفريل 2022.
ولم تلق فاتورة المنتجات الطاقية لوحدها الثقل على الميزان التجاري، ذلك أن فاتورة المواد الأولية و النصف مصنعة تبقى على رأس المساهمين في عجز الميزان التجاري ذلك انها تساهم بنسبة 40 % من العجز الإجمالي ،غير أن ارتفاع توريد المواد الأولية ونصف مصنعة قد يعني تسجيل عودة تدريجية إلى العمل والإنتاج ،حيث سجلت واردات المواد الأولية ونصف المصنعة ارتفاعا ب 35 % وبنسبة 23.5 % للصادرات كما ارتفعت واردات مواد التجهيز بنسبة 10 % .
وقد كانت هذه الأرقام في السنوات الأخيرة محرار انتعاش الاستثمار من عدمه فكلما ارتفعت الواردات انعكس ذلك على الاستثمار ومع ذلك تبقى نسبية المؤشر الذي عكس في فترة سابقة قيام الشركات بتكوين مخزونات تخوفا من تقلبات أسعار الصرف خاصة أن إجمالي الواردات من حيث الكميات قد نمت بنسبة 29 % ،مثلما يشهد سعر صرف الدينار خلال الفترة الأخيرة تراجعا و تبرز المقارنة بين نهاية شهر مارس و موفى افريل تطورا لافتا في فاتورة المواد الأولية ،فقد تطورت من 6.6 مليار دينار نهاية الثلاثي الأول من العام الحالي إلى 9 مليار دينار مع نهاية افريل وهو مايعني زيادة بنحو 40 % خلال شهر واحد حيث يكون للمخاوف من استمرار انزلاق الدينار سبب قوي في تطور واردات المواد الأولية بما لاينفي العودة التدريجية لعجلة الإنتاج.