دول المنطقة وسيادتها ، فبعد عدوانها على بلدة بيت جن بريف دمشق، ارتكبت تل أبيب مجزرة انتقاما من أهالي البلدة الذين حاولوا الدفاع عن أرضهم، عبر عدوان جوي أسفر عن مقتل 13 شخصا، بينهم نساء وأطفال، وإصابة نحو 25 آخرين. ويتعرض هذا البلد وبشكل متكرر، الى اعتداءات عسكرية إسرائيلية. وفي جبهة غزة لا يزال مجرم الحرب يتعنت في المضي في المرحلة الثانية من اتفاق وقف اطلاق النار ، ويرهن بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية بتسلم تل ابيب كل جثث الأسرى . أما في لبنان فلا تزال "إسرائيل" تحتل تلالا حدودية استراتيجية في الوقت الذي يزور فيه بابا الفاتيكان البلاد داعيا للسلام والأمن في خضم مرحلة صعبة حبلى بالحروب وبمشاريع الاحتلال الصهيونية .
مرحلة جديدة
يرى مراقبون أن ما شهدته منطقة بيت جن يمثل تطورا ميدانيا بارزا بعد توغل إسرائيلي جديد قابلته مقاومة شعبية سورية، ما فتح الباب أمام مرحلة جديدة من التعقيد في الجنوب.
هذا العدوان، الذي أسفر عن سقوط عدد كبير من الشهداء المدنيين وإصابة جنود من قوات الاحتلال، يعكس- وفق مراقبين- تناميا لافتا في الحراك الشعبي المقاوم وسط استمرار الاعتداءات الإسرائيلية في القنيطرة ودرعا. ويأتي التصعيد في توقيت سياسي حساس تتسع فيه الفجوة بين دمشق وتل أبيب حول مستقبل التفاوض، في ظل غياب موقف أمريكي واضح قد يحدد اتجاه التطورات المقبلة ميدانيا وسياسيا. وتشير التقديرات إلى أن ما جرى قد يمنح إسرائيل مبررا لزيادة عملياتها العسكرية والاغتيالات أو التوغلات، وربما يطيح بمسار المباحثات بالكامل إذا تتابعت الردود المتبادلة. كما قد يدفع اتساع ثقافة المقاومة الشعبية إسرائيل إلى تعزيز حضورها الجوي والبري، وصولا إلى محاولة فرض نموذج مشابه لما هو قائم في الضفة الغربية عبر تشديد الحواجز والقيود وإعادة رسم خرائط السيطرة.
وفي ظل هذه العوامل المتداخلة، تبدو الساعات والأيام المقبلة مرشحة لاحتمالات تصعيد أكبر إذا لم يتم احتواء التطورات سريعا.
ووفق متابعين فان العدوان في بيت جن يُظهر أن المنطقة تتجه نحو تصعيد متوقع، اذ لا يمكن قراءة أحداث بيت جن بمعزل عن التحولات الجارية في الجنوب السوري وفي غزة ولبنان ايضا . فهي جزء من معركة شديدة الحساسية. ووسط هذا العدوان الصهيوني متعدد الجبهات، يبقى الجنوب السوري ساحة مفتوحة على احتمالات كثيرة وخطيرة.
ويرى مراقبون أن هذه الجبهات الثلاث، رغم اختلاف ظروف كل منها، تبدو مترابطة في صورة إقليمية واحدة تتسم بغياب الحلول السياسية وارتفاع منسوب التوتر. فشلل الإعمار في غزة يعزز حالة عدم الاستقرار، ورسائل إسرائيل إلى لبنان تُبقي الحدود مشتعلة، والعدوان في سوريا ينذر بجولات تصعيد جديدة. هكذا يدخل الإقليم مرحلة تتزايد فيها احتمالات الانفجار، فيما تستمر الأطراف الدولية في إدارة الأزمات بدلا من حلّها، ويبقى المشهد مفتوحا على سيناريوهات متعددة، أغلبها يصب في إشعال مواجهة واسعة لكبح جماح الة الحرب الصهيونية المستمرة في توسيع أهداف عدوانها.
تهديد السلم الإقليمي
من جانبه وجّه وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني انتقادات لإسرائيل، معتبرا أن "الاعتداءات المتكررة على الأراضي السورية تمثل تهديدا مباشرا للسلم والأمن الإقليميين". وأوضح أن "أحدث هذه الاعتداءات وقع في بلدة بيت جن بريف دمشق، حيث شهدت المنطقة توغلاً إسرائيليًا أعقبه قصف جوي"، في ما وصفته دمشق بأنه "انتهاك واضح للقانون الدولي والسيادة السورية".
ودعا الشيباني الأمم المتحدة والجامعة العربية لاتخاذ "موقف حازم لوقف هذه الانتهاكات"، مؤكدا حرص بلاده على حماية سكانها ومنع أي تصعيد إقليمي، إضافة إلى التزام سوريا الكامل باتفاقية فض الاشتباك مع إسرائيل.
وفي مسار متواز، اعتبر وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى أن التوغلات العسكرية الإسرائيلية "مستفزة"، مشيرا وفق قناة "الإخبارية السورية" إلى أن دمشق لن تنجر إلى ما تصفه بمحاولات إسرائيل لاستدراجها نحو مواجهة أوسع. وأضاف أن تل أبيب تعتمد على "منطق الغرور والقوة" في تحركاتها العسكرية، وأن سوريا تتعامل مع تلك الوقائع دون السماح بفرض واقع ميداني جديد عليها.
جنوب سوريا على صفيح ساخن
تشهد منطقة الجنوب السوري تصعيدا متجددا بعد عدوان صهيوني فجر الجمعة في بلدة بيت جن بريف دمشق، حيث سارعت دمشق إلى اتهام إسرائيل بارتكاب انتهاك صارخ للسيادة السورية. وعلى الرغم من تكرار مثل هذه الاتهامات خلال السنوات الماضية، فإنّ توقيتها هذه المرة يكشف عن تحوّل لافت في شكل الاشتباك وإيقاعه، خصوصا مع تزامنه مع تسريبات إسرائيلية تتحدث عن إعادة صياغة استراتيجية جيش الاحتلال جنوب سوريا.
واعتبرت دمشق العدوان الإسرائيلي المستمر اعتداءا على سيادتها ، مؤكدة أن تل أبيب تكثف تدخلها بهدف زعزعة الوضع الأمني في الجنوب ومنع الدولة من استعادة سيطرتها الكاملة على خطوط التماس المحاذية للجولان المحتل.
في المقابل، كشفت القناة الإسرائيلية الثالثة عشرة أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يبحث خفض عمليات التوغل والاعتقالات الميدانية في الجنوب السوري، مقابل تكثيف الاعتماد على الضربات الجوية. هذا التغيير يعكس خشية المؤسسة العسكرية الصهيونية من ارتفاع المخاطر التي تواجهها قواتها عند تنفيذ عمليات قرب خطوط تداخل معقدة.
تطورات المشهد اللبناني
على صعيد متصل قالت هيئة البث الإسرائيلية امس الاحد، إن حكومة الاحتلال نقلت إلى الحكومة اللبنانية، عبر الإدارة الأمريكية، "رسالة تحذيرية" مفادها أنها ستوسع نطاق عملياتها العسكرية داخل الأراضي اللبنانية في حال لم يتخذ الجيش اللبناني "خطوات فعّالة لنزع سلاح حزب الله أو الحد من نشاطه".
وفي 23 نوفمبر الجاري، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت، أعلن أنها استهدفت رئيس أركان "حزب الله"، في لبنان هيثم علي الطبطبائي، قائلاً إن "الطبطبائي أحد العناصر المركزية في حزب الله، وتولى سلسلة مناصب قيادية، ومنها قائد وحدة الرضوان، ومسؤول العمليات لحزب الله في سوريا".
وندد الرئيس اللبناني جوزاف عون، بالغارة، وقال إن استهداف إسرائيل للضاحية يؤكد أنها لا تأبه لدعوات وقف اعتداءاتها على البلاد.
وقالت الرئاسة اللبنانية، في بيان، إن إسرائيل "ترفض تطبيق القرارات الدولية، وكل المساعي والمبادرات المطروحة لوضع حد للتصعيد وإعادة الاستقرار ليس فقط إلى لبنان، بل إلى المنطقة كلها".
وقال الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم ، إن الجماعة تحتفظ بحق الرد على اغتيال الطبطبائي، وتحدث قاسم في خطاب بثه التلفزيون في ظل تزايد المخاوف في لبنان من أن تصعد إسرائيل قصفها للبلاد لإجبار جماعة حزب الله على تسليم أسلحتها، وهو ما رفضته الجماعة مراراً.
وقال قاسم إن جماعة حزب الله ستحدد توقيت الرد، وإن التهديدات بشن حملة جوية أوسع نطاقاً لم تؤثر على الجماعة، لكن تجدد الحرب وارد.
وقال إنه يتعين على الحكومة "أن تضع خططاً للمواجهة بشعبها وجيشها". وعبر قاسم عن أمله في أن تلعب زيارة البابا ليو المرتقبة إلى لبنان دوراً "في إحلال السلام ووقف العدوان الإسرائيلي".
عراقيل المرحلة الثانية في غزة
على صعيد متصل انتقد متحدث باسم وزارة الخارجية القطرية قرار "إسرائيل" تأخير الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة وقف إطلاق النار في غزة بحجة وجود جثتين لإسرائيليين في قطاع غزة.
وقال ماجد الأنصاري، المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، في تصريحات إعلامية، امس الأحد، "لا نعتقد أنه ينبغي السماح لإسرائيل بعرقلة تنفيذ الاتفاق بسبب هاتين الجثتين".
ولفت إلى أن الجانب الفلسطيني يعمل على استعادة الجثتين واستباق أي ذرائع إسرائيلية، مؤكداً في الوقت ذاته على أهمية قضية الجثتين المتبقيتين.
وأشار الأنصاري إلى أن المسعى الحالي لقطر وشركائها في المنطقة هو الانتقال من المرحلة الأولى إلى الثانية، وبالتالي تحقيق سلام مستدام يُنهي حالة الحرب في قطاع غزة بشكل شامل.
وتنص بنود المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار على انتقال إدارة غزة إلى سلطة انتقالية، وانتشار قوة استقرار دولية في القطاع، واستكمال انسحاب الجيش الإسرائيلي من الخط الأصفر، ونزع سلاح حركة المقاومة الإسلامية حماس.
وأعادت المقاومة الفلسطينية 26 جثة لأسرى من أصل 28 لا تزال في قطاع غزة، وفق بنود الاتفاق الذي أبرم بضغط أمريكي، فيما أطلقت "إسرائيل" أكثر من ألفي معتقل فلسطيني من سجونها، وأعادت جثث مئات الفلسطينيين إلى غزة.
وارتكب كيان الاحتلال منذ 7 أكتوبر2023 -بدعم أمريكي أوروبي- إبادة جماعية في قطاع غزة، شملت قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا واعتقالا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة أكثر من 239 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين معظمهم أطفال، فضلا عن الدمار الشامل ومحو معظم مدن القطاع.
يذكر أن وقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، قد دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي.
مسيرات في عواصم أوروبا من أجل غزة
من روما إلى برلين، ومن ساو باولو إلى إسطنبول تعكس المظاهرة في العاصمة الإيطالية بقيادة الحركة العالمية من أجل غزة احتجاجا عالميا من أجل غزة، حيث اتحد الآلاف من الناس في التضامن والعدالة
قادت الناشطة المناخية غريتا ثونبرغ والمقررة الخاصة للأمم المتحدة فرانشيسكا ألبانيز في روما السبت مسيرة بمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، شارك فيها مئات النشطاء، من بينهم البرازيلي تياغو أفيلا، وهو صوت بارز شارك في أسطول الصمود الذي أبحر نحو غزة في أوت الماضي.
وقد انطلق موكب المظاهرة التي دُعي إليها في أعقاب الإضراب العام من بورتا سان باولو في العاصمة الإيطالية
ونظّمت النقابة الشعبية USB هذه المسيرة التي خرج فيها آلاف الأشخاص إلى شوارع روما تضامنًا مع غزة ورفضًا لخطة الحكومة الإيطالية لزيادة الإنفاق العسكري. وندّد المنظمون بما وصفوه بتواطؤ إيطاليا مع إسرائيل، متحدثين بصراحة عن “إبادة جماعية” في فلسطين، وداعين إلى وقف فوري لجميع أشكال التعاون العسكري مع كيان الاحتلال.
وقبل انطلاق المسيرة، شاركت ثونبرغ وألبانيز في مؤتمر “إعادة بناء العدالة” الذي نظمته الحركة العالمية لغزة في جامعة روما تري.
ونددت مقررة الأمم المتحدة الخاصة فرانشيسكا ألبانيز بقمع وسائل الإعلام للوضع في الأراضي المحتلة. وقالت ألبانيز:"أخشى أن تستمر الإبادة الجماعية، وذلك أيضا بفضل إسكات الحقيقة". وذكّرت بأن أكثر من 50% من قطاع غزة ما زال تحت الاحتلال المباشر للدبابات الإسرائيلية، وأنه في الضفة الغربية — حيث لا وجود لحماس — قتل أكثر من 1,200 شخص منذ 7 أكتوبر 2023.
وختمت المسؤولة الأممية خطابها بدعوة واضحة قالت فيها:"على إيطاليا والاتحاد الأوروبي وقف نقل الأسلحة، ووقف التدريبات العسكرية مع إسرائيل، ووقف التجارة في التقنيات التي تغذي الجرائم المستمرة."
المهمة الجديدة للحركة العالمية إلى غزة
أعلنت المتحدثة باسم أسطول الصمود العالمي الإيطالي ماريا إيلينا ديليا من على منصة جامعة روما تري عن التحضير لقافلة برية إلى غزة مطلع العام المقبل.
ويهدف المشروع إلى إدخال المساعدات الإنسانية - "ستحتاج إلى ما لا يقل عن 600 شاحنة يوميًا على الأقل، وستصل أكثر من 100 شاحنة يوميًا" - ولكن أيضًا لاختبار رواية إعادة فتح المعابر.
وقالت المتحدثة: "إذا لم يسمحوا لنا بالدخول مع كل التصاريح التي حصلنا عليها، فهذا يعني أن لا شيء سينجح"، كما ناشدت ديليا المشاركة الدولية.
اليونيسيف تحذّر
على الصعيد الإنساني، لا يزال وضع الأطفال في قطاع غزة مأساويًا. فوفقًا لليونيسف، تبين أن ما يقرب من 9,300 طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد في شهر أكتوبر وحده.
وعلى الرغم من أن الرقم انخفض بشكل طفيف عن الأشهر السابقة، إلا أنه لا يزال من بين أعلى المعدلات المسجلة على الإطلاق. إذ لا تزال العديد من الأسر لا تستطيع الحصول على مجموعتين فقط من أصل ثماني مجموعات غذائية، في حين أن الأغذية الأساسية - وخاصة البروتين الحيواني - لا تزال غير متوفرة أو لا يمكن تحمل تكلفتها. وتحذّر الوكالة من أن قدوم فصل الشتاء يزيد من خطر الإصابة بالأمراض وانخفاض درجة حرارة الجسم ووفيات الرضّع.
ارتفاع حصيلة حرب الابادة
أعلنت وزارة الصحة في غزة أن عدد الضحايا في القطاع قد تجاوز 70 ألف شخص منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس قبل أكثر من عامين. ولفتت الوزارة إلى أن 354 فلسطينيا استشهدوا بنيران الجيش الإسرائيلي منذ بدء وقف إطلاق النار.
في اليوم الـ51 من بدء سريان وقف إطلاق النار في غزة، شنّت طائرات حربية إسرائيلية مس االأحد عدة غارات على مواقع متعددة في وسط وجنوب القطاع، طالت مناطق داخل "الخط الأصفر" شرقي مخيم البريج والمناطق الواقعة قرب خان يونس.
وضربت ست غارات جوية الأطراف الشرقية من رفح، في حين تعرّض للقصف كل من حيّ الشجاعية والتفاح في مدينة غزة كما استهدفت المدفعية الإسرائيلية محيط خان يونس.