بعد قرار مجلس الأمن إنشاء قوة دولية مؤقتة آليات وملامح المشروع الأمريكي الجديد لغزة

أقر مجلس الأمن الدولي بالأغلبية مشروع قرار أمريكي

بشأن إنهاء الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، وهذا القرار يعتمد بالأساس على إنشاء قوة دولية مؤقتة حتى نهاية العام 2027. ويطرح هذا القرار جدلا واسعا ففصائل المقاومة تعتبره إذعانا للوصاية الأمريكية على غزة في حين تعتبره باقي الدول التي صوتت حلا واقعيا لإنهاء حرب الإبادة .
واللافت كان امتناع روسيا والصين عن التصويت بما معناه رفض خطة الرئيس الأمريكي المكونة من 20 بندا لإنهاء النزاع في غزة والصادرة في 29 سبتمبر .وتطرح بنود الخطة الذي بات قرارا أمميا عديد التساؤلات حول ماهية القوة الدولية وهل ستتولى فقط التنسيق لإعادة تنمية غزة ام انها ستكون شكلا جديدا من أشكال الوصاية الأمريكية والدولية وما يرتبط بها من المشروع الصهيوني لغزة والمنطقة. وكذلك مجلس السلام الذي سيتم إنشاءه باعتبار هيئة إدارية انتقالية ماذا ستقدم لغزة التي عانت ويلات الحرب الإسرائيلية .
ترحيب أمريكي
وعقب التصويت، وصف السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة مايك والتز القرار بأنه "تاريخي وبناء"، ويمثل "خطوة مهمة أخرى نحو غزة مستقرة قادرة على الازدهار، وبيئة تسمح لإسرائيل بالعيش في أمان".وأضاف أن القرار يوفر للدول المعنية وللمؤسسات المالية العالمية "الآليات التي تحتاجها لتوجيه الاستثمارات لدعم إعادة إعمار غزة وتنميتها".
وأردف والتز أن الأمن "هو الأكسجين الذي تحتاجه الحوكمة والتنمية للعيش والازدهار".وقال: "نعتقد أن الاستثمار الذي سيتبع اعتماد القرار اليوم سينعش اقتصاد غزة، ويوفر للفلسطينيين فرصة بدلا من إثقال كاهلهم بالاعتماد الدائم على المساعدات".
وأضاف السفير الأمريكي أن خطة الرئيس ترامب المكونة من عشرين بندا تمثل بداية "لمنطقة قوية ومستقرة ومزدهرة، موحدة في رفض طريق العنف والكراهية والإرهاب"، مؤكدا أن "هذا القرار اليوم هو مجرد البداية".
وجاء اعتماد القرار بالأغلبية، مع امتناع كل من الصين وروسيا عن التصويت، وهو ما اعتبره مراقبون رسالة رفض غير مباشر للرؤية الأمريكية للحل، والمتمثلة في خطة الرئيس الأمريكي المكوّنة من 20 بندا والصادرة في 29 سبتمبر، والتي تحولت بآلية أممية إلى إطار سياسي ملزم للأطراف المعنية بالنزاع.
منعطف خطير
ويذهب عدد من المراقبين إلى اعتبار القرار الأممي رقم 2803 منعطفا خطيرا قد يفوق في تداعياته التاريخية قرار التقسيم نفسه، سواء على فلسطين أو على مستقبل القضية الوطنية برمتها. فبحسب البعض، يحمل القرار ملامح تحول جذري قد يطوي صفحة كاملة من الصراع، إذ يُنظر إليه بوصفه خطوة ذات تبعات كارثية إذا ما طبّقت فعليا، وهو ما يتوقعه كثيرون في ضوء المناخ الدولي الراهن.
ووفق خبراء لا تكمن خطورة القرار فقط في انعكاساته المباشرة على غزة والوضع الفلسطيني، بل في سياق إقليمي يصفه محللون بأنه الأشد هشاشة منذ عقود، فسوريا ولبنان يقفان على حافة الانهيار الشامل، وهما الساحتان اللتان بقيتا مسرحا لعمل المقاومة بعد كامب ديفيد واجتياح بيروت، ثم بعد معاهدات السلام اللاحقة كاتفاق وادي عربة وأوسلو. اذ يرى محللون أن هذا التآكل في بيئة الدعم الإقليمي يجعل أي تغيير يُفرض على غزة جزءا من لوحة أشمل تعيد رسم موازين القوى في المنطقة.ويرى مراقبون أن القرار 2803 قد يشكّل نكبة جديدة للشعب الفلسطيني وللعمق العربي، وأنه قد يفتح الباب أمام سلسلة تحولات غير مسبوقة، لا تقتصر على غزة، بل تمتد لتطال البنية السياسية والإستراتيجية للصراع في الإقليم بأسره.
مرحلة جديدة
من جانبه قال د منصور أبو كريم الكاتب والباحث الفلسطيني أن ''قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2803 ينقل قطاع غزة والأراضي الفلسطينية لمرحلة جديدة مختلفة تمامًا عن المراحل السابقة، فالقرار وإن يحمل القليل من الفرص تجاه وقف الحرب وعودة الهدوء والاستقرار وبدء عمليات إعادة الإعمار يحمل أيضا الكثير من المخاطر والتحديات''. وتابع '' الآن وبعد إقرار القرار في مجلس الأمن أصبح قطاع غزة تحت حكم مجلس السلام الدولي بزعامة ترامب وشخصيات دولية أخرى، كما أنه يمهد الطريق لنشر قوة دولية متعددة الجنسيات لحفظ الأمن والاستقرار ونزع سلاح القوى المسلحة الفلسطينية، وتدمير البنية التحتية العسكرية، بما لا يشكل تهديد جديد على أمن إسرائيل''.
وأضاف ابو كريم ''نحن نمر في أخطر مرحلة بعد عام 48، مرحلة أصبحت هويتنا السياسية ومستقبلنا السياسي وكيانا الوطني على المحك، مرحلة تتحمل مسولياتها وتبعياتها كل من استمر في الرهانات الخاسرة على مدار سنوات الانقسام وشهور الحرب. فلا يمكن فصل ما يحدث لقضيتنا الوطنية وشعبنا من مخاطر وتحديات عن المراهقات السياسية التي حكمت سلوك الفصائل الفلسطينية خلال السنوات الماضية، فمن سلخ غزة عن محيطها الوطني وجعلها ورقة في يد القوى الإقليمية لابد أن يتحمل المسوؤلية السياسية والتاريخية والأخلاقية عن هذا الوقع الكارثي ولا يهرب للأمام كالعادة عبر إصدار بيانات ليس لها أي قيمة!'' وفق تعبيره.
رفض المقاومة
في المقابل، جاء رد فصائل المقاومة أكثر حدّة، مع إصدار بيان رسمي اعتبر القرار "لا يرقى إلى مستوى مطالب وحقوق الشعب الفلسطيني"، مشيراً إلى أن قطاع غزة واجه على مدى عامين "حرب إبادة وجرائم غير مسبوقة" لا تزال آثارها مستمرة رغم الإعلان عن انتهاء الحرب.
وترى المقاومة أن القرار يفرض وصاية دولية – أمريكية على القطاع، وتسعى من خلاله واشنطن إلى "تحقيق أهداف الاحتلال التي فشل في تحقيقها عسكريا". كما حذرت من أن القرار ينزع غزة عن الجغرافيا الفلسطينية ويحاول فرض وقائع جديدة تتجاوز حقوق الشعب الفلسطيني في الدولة وتقرير المصير.
وتتعلق أبرز نقاط الاعتراض بالتلميحات الواردة في الخطة الأمريكية حول نزع سلاح المقاومة وهي نقطة ترى الفصائل أنها تحول القوة الدولية من "قوة فصل ومراقبة" إلى طرف في الصراع يخدم الاحتلال.وتؤكد أن أي نقاش حول سلاح المقاومة يجب أن يبقى شأنا وطنيا داخليا مرتبطا بمسار سياسي يضمن إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية.
ووفق المقاومة يجب أن تقتصر مهام أي قوة دولية على الحدود، وتعمل حصريا تحت إشراف الأمم المتحدة وبالتنسيق مع المؤسسات الرسمية الفلسطينية، من دون أي دور للاحتلال، وأن تركز على مراقبة وقف إطلاق النار وتسريع تدفق المساعدات.كما شدّدت الفصائل على ضرورة فصل الجانب الإنساني عن الحسابات السياسية، داعيةً إلى فتح المعابر بشكل كامل، وتسهيل دخول المساعدات والإغاثة، خصوصا في ظل "الكارثة الإنسانية غير المسبوقة" التي يعيشها القطاع.وأكدت على دور وكالة الأونروا باعتبارها الجهة الأممية الأساسية القادرة على إدارة الوضع الإنساني بعيداً عن الضغوط السياسية.
ماذا بعد القرار؟
يثير القرار أسئلة كثيرة حول الفصل بين الدور الأمني والإنساني للقوة الدولية، وحول طبيعة "مجلس السلام" المزمع تشكيله كهيئة إدارة انتقالية تشرف على إعادة الإعمار.
كما تبرز مخاوف فلسطينية واسعة من أن يؤدي القرار إلى تكريس واقع سياسي جديد يفصل غزة عن الضفة، ويعيد إنتاج صيغ وصاية دولية لم تُختبر في السياق الفلسطيني من قبل.في مقابل ذلك، تراهن واشنطن على أن فتح بوابة الاستثمار وإعادة الإعمار سيحوّل غزة إلى "نموذج للاستقرار"، فيما يبقى نجاح هذه الرؤية رهينا بمدى قبول الأطراف الفلسطينية ودول الإقليم، وبقدرة الأمم المتحدة على إدارة ملف شديد الحساسية في منطقة ملتهبة.
"حماس" تطالب بضغط دولي على "إسرائيل"
من جانبها دعت حركة "حماس"،أمس الثلاثاء، المجتمع الدولي إلى ممارسة ضغط فعلي على إسرائيل لوقف خروقاتها لاتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، والالتزام بالاستحقاقات المترتبة عليها.
جاء ذلك في بيان للناطق باسم حركة حماس حازم قاسم، تعليقا على إصابة أكثر من 10 فلسطينيين،أمس الأول الاثنين، إثر إلقاء مسيّرة إسرائيلية قنبلتين على محيط مدرسة ومركز إيواء في حي الدرج وسط مدينة غزة.وقال قاسم: "يواصل الاحتلال حرب الإبادة على قطاع غزة بعمليات القصف التي كان آخرها إلقاء قنبلة أمام مركز إيواء في قلب مدينة غزة، عدا عن عمليات النسف والتدمير وتقييد المساعدات وإغلاق معبر رفح".
وأضاف: "ندعو الوسطاء والدول الضامنة والمجتمع الدولي إلى الضغط الفعلي على الاحتلال لوقف خروقاته لاتفاق وقف إطلاق النار، والالتزام بالاستحقاقات الواجبة عليه حسب الاتفاق".و قال متحدث الدفاع المدني محمود بصل في بيان إن طائرة مسيرة إسرائيلية ألقت قنبلة عند بوابة مدرسة، وأخرى على خيمة داخل مركز إيواء خلفها في حي الدرج وسط مدينة غزة، ما أدى إلى إصابة أكثر من 10 مدنيين بينهم أطفال ونساء وكبار سن".وأكد أن المدرسة ومركز الإيواء يقعان في منطقة تُعد آمنة، وليست ضمن "المناطق الحمراء أو الصفراء"، ما يعني أن المدنيين كانوا في مكان يُفترض أنه محمي وآمن.

ويعد الهجوم أحدث خرق لاتفاق وقف إطلاق النار بين "حماس" وإسرائيل، الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي.
وتشير بيانات حكومية وفصائلية وحقوقية سابقة بأن إسرائيل ارتكبت عشرات الخروقات لاتفاق وقف إطلاق النار.وتتضمن الخروقات الإسرائيلية، وفق البيانات، قصفا وإطلاق نار صوب مدنيين خلال تواجدهم في مناطق تقع غرب ما يُعرف بـ"الخط الأصفر"، فيما تقر إسرائيل بإطلاق النار عليهم بدعوى تجاوزهم للخط. وضمن خروقاتها، قتلت إسرائيل 266 فلسطينيا وأصابت 635 آخرين منذ 11 أكتوبر الماضي، وفق بيان صادر الأحد عن وزارة الصحة في غزة.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115