بعد إضراب القطاع الخاص في صفاقس: اتحاد الشغل يرفع سقف المواجهة بين الإضرابات القطاعية والجهوية تمهيدا للإضراب العام

شهدت ولاية صفاقس، أمس الثلاثاء 18 نوفمبر الجاري

إضراباً عاماً في أكثر من 50 مؤسسة خاصة، في تحرك وصفه الاتحاد الجهوي للشغل بالجهة بأنّه "خطوة ضرورية في مواجهة تعطّل المفاوضات الاجتماعية ورفض الزيادة في الأجور لسنة 2025". وانطلقت على إثره مسيرة احتجاجية من أمام مقر الاتحاد الجهوي نحو مقر الولاية، رفع خلالها العمال شعارات تؤكد تمسّكهم بحق التفاوض والزيادة على غرار "حق التفاوض واجب" و" حق الزيادة واجب" و"حق الإضراب واجب " و "الزيادة في الشهرية حق موش مزية" وغيرها من الشعارات المنددة بضرب الحق النقابي والحق في التفاوض، إضراب يأتي في سياق خطة نضالية واسعة أعلن عنها الاتحاد العام التونسي للشغل، تتدرّج من التحركات القطاعية والجهوية وصولا إلى إمكانية تنفيذ إضراب عام وطني إذا ما تواصل ما يعتبره الاتحاد "تعطيلا للحوار الاجتماعي".
التحركات لا تقف عند جهة صفاقس، فقد سبقها إضراب في قطاع البنوك والمؤسسات المالية وشركات التأمين ويستعد قطاع السياحة لتحرك كبير في شهر ديسمبر المقبل وغيرها من التحركات القطاعية والجهوية والتي ستختم بإضراب وطني ستتولى الهيئة الإدارية الوطنية المزمع عقدها موفى الشهر الجاري تحديد موعده، تحركات تكشف عن تصاعد التوتر الاجتماعي في قادم الأيام خاصة بعد قرار الزيادة في الأجور في القطاع العام والوظيفة العمومية والقطاع الخاص بأمر دون مفاوضات، استناداً إلى ما جاء في مشروع قانون المالية لسنة 2026، خطوة أثارت غضب الاتحاد واعتبرها "نسفا لمبدأ التفاوض" وتهديدا للاتفاقيات القطاعية، حيث أكد الطاهر البرباري في كلمته أمس خلال إضراب عمال القطاع الخاص أن " الزيادة في الأجور بأمر تعني القضاء على الاتفاقيات القطاعية" .
الإضراب من أجل الكرامة
بحسب الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل الطاهر البرباري المزي فإن إضراب عمال القطاع الخاص في صفاقس "ليس فقط من أجل الزيادة في الأجور الذي هي حقنا وليست منة بل هو أيضاً من أجل الكرامة والحقوق ومن أجل المنظمة". وشدّد على أنّ المرحلة الراهنة "تتطلّب مزيدا من الوعي والوحدة والحكمة والنضال والجرأة"، لافتاً إلى أن الاتحاد "يواجه الحكومة بوجوه مكشوفة لا من وراء الكواليس"، محملا السلطات مسؤولية إيجاد حلول للمفاوضة الجماعية والحوار الاجتماعي ولأزمة المقدرة الشرائية، بدل السياسات التي "تضرب السلم الاجتماعي وتحرّض على تحركات ضد المنظمة، كما حصل في شهر أوت الماضي". وأكد المزي أنّ الاتحاد "لن يقدّم صكاً على بياض" وأنه وقف ضد كل القرارات الأحادية الجانب التي طالت مختلف القطاعات وصولاً إلى القطاع الخاص، مضيفا أنّ إقرار الزيادة في الأجور بأمر يعني "نسف الاتفاقيات القطاعية". وأشار إلى أن نضال الاتحاد "لا يقتصر على صفاقس"، بل انطلق منذ إضراب قطاع البنوك، ويتواصل عبر سلسلة من الإضرابات في عدد من القطاعات، من بينها الإضراب المرتقب في قطاع السياحة خلال ديسمبر القادم، في إطار مسار تصعيدي "سينتهي بإضراب عام" ستحدد الهيئة الإدارية الوطنية موعده قريبا".
التمسك بزيادة 2025
كما شدد المزي على أن الاتحاد "متمسك بزيادة 2025 ولن يتراجع عنها مهما كانت الضغوط"، قائلا "راهنوا على انقسامنا وتفريقنا، وعلى تخلّي المنخرطين عن مبادئهم، لكن الرد جاء واضحا في جميع المحطات، لا معنى إلا أن نكون أبناء الاتحاد، ولا معنى إلا أن نبقى في ساحة النضال للدفاع عن حقوقنا ومكاسبنا، ولا رجوع عنها". من جانبه ندد الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس يوسف العوادني في كلمته بانتهاك الحق النقابي وحق التفاوض من أجل الزيادة في الأجور خاصة أمام الارتفاع الجنوني للأسعار وتدهور المقدرة الشرائية، داعيا إلى الوحدة وعدم الخوف من الترهيب والالتفاف على حقوق العمال في تحسين وضعيتهم.
المكتب التنفيذي يتبنى إضراب صفاقس
إضراب عمال القطاع الخاص في صفاقس قد تبناه المكتب التنفيذي للاتحاد واعتبرها من الناحية الإجرائية إضرابات قانونية ومن الجانب المضموني شرعية، إذ جاءت ردا على غلق باب التفاوض بخصوص الزيادة المستحقة لسنة 2025 إضافة إلى ما هو مستوجب في ما تلاها من السنوات، وفق نص البيان، مثمنا ما تمّ لتوصل إليه من اتفاقات في الغرض مع بعض المؤسسات رغم الضغوطات ومحاولة منع أي حوار أو تفاوض مع الاتحاد، وهبر عن رفضه المطلق لخطاب التهديد الذي توخاه الاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بصفاقس والذي يخفي سياسة الهروب إلى الأمام. وحذر المكتب التنفيذي من أي إجراء غير قانوني يمس من الحق النقابي بما فيه حق الإضراب وحق العمال في ممارسته، وينبه من تداعياته في مزيد توتير المناخ الاجتماعي.
رفض أي زيادة من جانب واحد
كما دعا الاتحاد إلى مفاوضات جماعية عامة حرة طوعية حول الزيادة في الأجور في القطاع الخاص ومراجعة الجوانب الترتيبية تراعي التضخم وتدهور المقدرة الشرائية للأجراء، معبرا عن رفضه أي زيادة في القطاعين العام والخاص والوظيفة العمومية من جانب واحد لا تراعي تراتيب المفاوضة الجماعية ومتطلبات الواقع الاجتماعي وتدهور المقدرة الشرائية للأجراء. وشدد في ذات البيان على وجوب تطبيق اتفاق 6 فيفري وعلى حق القطاعات في تطبيق ما أبرمته من اتفاقيات، ودعا كافة القطاعات الى التضامن والى الاستعداد إلى تنفيذ قرار المجلس الوطني القاضي بشنّ إضراب عام دفاعا عن الاتحاد وعن الحق النقابي وعن حق التفاوض وعن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعمال ولعموم الشعب.
مساندة مطلقة
هذا وأعلن المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بتونس عن مساندته المطلقة واللامشروطة لعمال القطاع الخاص بجهة صفاقس في إضرابهم أمس دفاعا عن حقهم المشروع في زيادة مجزية في الأجور، خاصة أمام التدهور غير المسبوق في المقدرة الشرائية وارتفاع الأسعار بشكل جنوني. وأكد الاتحاد الجهوي أن تحرك عمال صفاقس يعكس وعييا متقدما بضرورة حماية حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، مشيرا إلى أن استمرار منظمة الأعراف في غلق باب التفاوض والتشبث بمواقفها المتصلبة هو السبب الرئيسي في تأزم الوضع وتعطل الوصول إلى اتفاق يراعي مصلحة العمال. وشدّد المكتب التنفيذي للإتحاد الجهوي للشغل بتونس على أن مطلب الزيادة في الأجور ليس مجرد مطلب ظرفي، بل هو استحقاق اجتماعي يهدف إلى الحفاظ على كرامة العامل وتأمين الحد الأدنى من متطلبات العيش الكريم، داعيا إلى استئناف المفاوضات في أقرب الآجال وبروح مسؤولة.
اتساع دائرة الإضرابات القطاعية
تتجه الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد، التي ستنعقد قريباً، إلى اتخاذ قرار يحدد موعد تنفيذ إضراب عام في البلاد، في حال تواصل الوضع على ما هو علية ولم تستأنف المفاوضة الجماعية، ويُنتظر أن تتضح ملامح المرحلة القادمة خلال الأيام المقبلة، خصوصاً مع اتساع دائرة الإضرابات القطاعية والجهوية وارتفاع منسوب الاحتقان الاجتماعي.

مؤطر
جامعة التعليم الأساسي: إضراب عام قطاعي يوم 26 جانفي 2026
أقرت الهيئة الإدارية لقطاع التعليم الأساسي، المنعقدة أمس بمقر الاتحاد العام التونسي للشغل، إضرابا قطاعيا يوم 26 جانفي 2026، وفق ما أعلنته الجامعة العامة للتعليم الأساسي على صفحتها الرسمية. وقد أكد كاتب عام الجامعة محمد العبيدي أن الوزارة لم تكتف بتجاهل مطالب القطاع بل انتقلت إلى "سياسة التنكيل بالنقابيين" من خلال الإعفاءات التي طالت عددا من الإطارات التربوية في ولايات سليانة ونابل وسليمان بسبب نشاطهم النقابي، مشيرا إلى أن الجامعة راسلت الوزارة في مناسبتين بعد الإضراب عبر القنوات الرسمية للوظيفة العمومية أو عبر مراسلة تذكير دون أن تتلقى أي استجابة وهو ما يشير إلى غياب الإرادة التفاوضية وعلى رغبة واضحة في ترك الملف دون معالجة. واعتبر أن المرحلة القادمة قد تكون أصعب من سابقاتها أمام استعداد السلطة لزيادة الضغط ورفع سقف المواجهة. وكانت الجامعة قد نفذت بتاريخ 7 أكتوبر 2025 إضرابا عاما قطاعيا بكافة المدارس الابتدائية وذلك للمطالبة بتحسين الوضع المادي وتفعيل الاتفاقيات مع وزارة التربية ومراجعة منظومة الترقيات والمنح، إلى جانب وضع برنامج واضح لإصلاح المنظومة التربوية وإحداث منحة الجهد البيداغوجي وفتح حوار جدي ومسؤول مع سلطة الإشراف والتعجيل بصرف المستحقات المالية للنواب وخريجي علوم التربية وتمكينهم من الترقيات المستوجبة.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115