حيث ستعيش البلاد على وقع تصاعد غير مسبوق للتوتر الاجتماعي، تجلّى في سلسلة من الإضرابات والتحركات الاحتجاجية شملت قطاعات حيوية، من القطاع الخاص إلى الصحة بدعوة من منظمة الأطباء الشبان والصحافة، إضافة إلى تحركات لعائلات المساجين والمضربين عن الطعام إلى جانب تواصل احتجاج وغضب أهالي قابس أمام استمرار حالات الاختناق والمطالبة بتفكيك وحدات الإنتاج الملوثة بالمجمع الكيميائي، وقد شهدت منطقة شطّ السلام بولاية قابس نهاية الأسبوع المنقضي احتجاجات ليلية للمواطنين على تسربات الغاز الملوّث الصادرة عن المجمع الكيميائي، نتجت عنها مواجهات بين الاهالي والقوات الأمنية التي استعملت الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين مما أسفر عن عدة حالات اختناق.
دعا فرع ڨابس للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، في بيان له إلى إعلان ڨابس منطقة منكوبة بشكل رسمي وتمكينها من كل التدخلات الاستثنائية والموارد اللازمة، وجدد المطالبة بالوقف الفوري للوحدات الملوّثة بالمنطقة الصناعية، محمّلا السلط الجهوية والمركزية مسؤولية تدهور الأوضاع وما نتج عنه من أضرار تمسّ الحق في الصحة والعيش في بيئة سليمة. وذكّر الفرع بأنّ الجهة تشهد منذ أكثر من شهرين تسربات غازية متواصلة تسببت في مئات حالات الاختناق، خاصة في صفوف الفئات الهشة من تلاميذ المدارس وكبار السن، وبلغت خطورة الوضع حدّ تسجيل حالات شلل جزئي لدى بعض المتضررين، حسب البيان ذاته.
تجدد الاحتجاجات في قابس
تجددت الاحتجاجات في قابس خلال اليومين الماضيين بسبب تزايد حالات الإغماء نتيجة التلوث، وحسب فرع ڨابس لرابطة حقوق الإنسان فإن المستشفى الجامعي بڨابس وباقي المستوصفات عجزوا عن استيعاب الأعداد المتزايدة للمرضى ومعالجة الوضع الصحي المتدهور، في ظلّ تواصل صمت الحكومة وغياب أي خطة عاجلة للتدخل. وكان رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد قد استقبل يوم 8 نوفمبر الجاري المهندس في البتروكيمياء المتخرّج من جامعة شنغهاي للصّناعات الكيميائية بجمهورية الصّين الشّعبية، علي بن حمّود. وكلّفه بتشكيل فريق عمل يتولّى بسرعة إيجاد حلول آنية في انتظار حلول استراتيجية في قابس وفي سائر أنحاء الجمهوريّة.
غدا إضراب عام في القطاع الخاص بصفاقس
تتصاعد وتيرة التحركات الاحتجاجية هذا الأسبوع، حيث أعلنت الإطارات النقابية للقطاع الخاص بصفاقس، إثر اجتماع انعقد امس الأحد 16 نوفمبر بدار الاتحاد الجهوي للشغل، عن تمسكها بتنفيذ الإضراب العام المقرر يوم غد الثلاثاء 18 نوفمبر الجاري. ويأتي هذا القرار، وفق بيان صادر عن الاتحاد الجهوي للشغل، احتجاجا على تعطّل المفاوضات الاجتماعية الخاصة بالزيادة في أجور سنة 2025، ورفض سلطة الإشراف فتح جولة تفاوضية جديدةبخصوص الزيادة في الأجور لسنوات 2025 و2026 و2027 رغم اتفاق 23 ماي 2025.وشددت على "شرعية إضرابهم وقانونيته ردا على الحملات المغرضة والمغالطات التي أطلقها الاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة بصفاقس". وأكدت الإطارات النقابية أنّ حرمان العمال من زيادة عادلة واستمرار تدهور المقدرة الشرائية «لا يترك أي خيار سوى التصعيد»، مجدّدة تمسّكها بالاتحاد العام التونسي للشغل «كمنظمة عتيدة» والدفاع عن دوره الاجتماعي.
إضراب فتجمع عمالي فمسيرة في صفاقس
الإضراب سيكون حضوريا بالمؤسسات قبل التوجّه إلى دار الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس والانطلاق في مسيرة عمالية نحو مقر الولاية انطلاقا من الساعة الثامنة والنصف صباحا. من جهته، أكد محمد عباس، الكاتب العام المساعد للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس، أنّ قرار الإضراب «ما يزال قائما»، مضيفا أن إيقاف المفاوضات جاء بقرار سياسي من وزير الشؤون الاجتماعية، وأن مشروع قانون المالية لسنة 2026 تضمّن «تدخلا حكوميا غير مسبوق في تحديد زيادات القطاع الخاص»، وهو ما اعتبره «مسّا واضحا بمبدأ التفاوض الاجتماعي». وشد على أنّ "الإضراب سيكون حضوريّاً في المؤسسات ثم التوجّه لمقر الاتحاد الجهوي في تجمّع عمالي ثم مسيرة ستتوجّه إلى مقر ولاية صفاقس، باعتبار أنه من المفروض انعقاد جلسات على مستوى الولاية لكن السلطة اتخذت قراراً بعدم انعقاد هذه الجلسات".
الأطباء الشبان يعلنون إضرابا وطني يوم 19 نوفمبر
في سياق متصل، أعلنت المنظمة التونسية للأطباء الشبان عن إضراب عام يوم الأربعاء 19 نوفمبر الجاري يشمل كليات الطب والمؤسسات الصحية والجامعية، مع ضمان استمرارية الخدمات الاستعجالية. ويأتي هذا التحرك، الذي سترافقه وقفة احتجاجية أمام مجلس نواب الشعب، تزامنا مع جلسة مناقشة ميزانية وزارة الصحة، احتجاجا على «تواصل سياسة التجاهل» من قبل الوزارة وعدم تنفيذ اتفاق 3 جويلية 2025. ويتعلق الاتفاق بمستحقات حصص الاستمرار، وتفعيل شروط الإعفاء والتأجيل في الخدمة المدنية، إضافة إلى إصدار الأمر الحكومي المنظم للترفيع في أجور الأطباء الشبان بداية من جانفي 2026، وهي إجراءات «لم تتقدم قيد أنملة» بحسب نص البيان.
وقفة احتجاجية أمام المحكمة الابتدائية اليوم
في جانب آخر، دعا الحزب الجمهوري أنصاره والمدافعين عن الحريات إلى وقفة احتجاجية صباح اليوم الاثنين 17 نوفمبر الجاري أمام المحكمة الابتدائية بباب بنات، دعما للمضربين عن الطعام على خلفية قضية «التآمر». وتأتي الوقفة تزامنا مع جلسة الاستئناف في القضية.
الصحفيون يتحركون..
كما أعلنت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين عن تحرّك وطني يوم الخميس 20 نوفمبر الجاري بساحة الحكومة بالقصبة، بالتوازي مع تحركات في الجهات. وجاء هذا القرار احتجاجا على «تراجع خطير وغير مسبوق» في وضع قطاع الصحافة، نتيجة ما اعتبرته النقابة «انتهاكات صادرة عن السلطة التنفيذية» طالت حرية العمل الصحفي والمؤسسات الإعلامية العمومية والخاصة. ودعت النقابة الصحفيين ومكونات المجتمع المدني إلى «مشاركة كثيفة دفاعا عن حرية التعبير وكرامة الصحفيين».