لمباراة بل لوحة بشرية نادرة جمعت كل الأجيال بخيط الكتاب. هناك، جلس الطفل الصغير وهو يحتضن كتابه كما لو كان كسبا ثمينا إلى جانب الشيخ الذي تهدّلت يده واشتعل رأسه شيبا في تقليب صفحات الكتب والعمر. وما بينهما أمهات وآباء وشباب وطلاب، كلّهم حاضرون للتباري والتنافس في ساحة الأدب من أجل رفيقهم الكتاب. كانت القاعة، في ذلك اليوم، شاهدة على تقاطع الأزمنة كما تتقاطع النظرات بين جيل يكتب، وجيل يقرأ، وجيل يستعدّ ليحمل المشعل ويوقد الشعلة.
لقد كان الحدث الذي احتضنته القاعة المغطاة برادس ، مساء الأحد 02 نوفمبر 2025 ، هو التصفيات النهائية للدورة الرابعة من البطولة الوطنية للمطالعة، بمشاركة حوالي 1400 مترشح من مختلف الفئات العمرية، إلى جانب مئات العائلات التونسية التي رافقت أبناءها من كل ولايات الجمهورية.
المطالعة من عادة فردية إلى لقاء جماعي
في عصر السرعة، وتناسل الشاشات، رسمت تونس مشهدا استثنائيا : أكثر من ألف وأربعمائة قارئ وقارئة من مختلف الأعمار يجتمعون في قاعة رادس المغطاة، ليعلنوا أنّ المطالعة ما تزال ممكنة، وأنها يمكن أن تتحوّل إلى "بطولة وطنية".
ما يميّز هذه البطولة التي تشرف عليها وزارة الشؤون الثقافية وإدارة المطالعة العمومية بالإدارة العامّة للكتاب ، ليس فقط حجم المشاركة - الذي بلغ هذا العام نحو 36 ألف قارئ عبر كامل مراحل التصفيات - بل خصوصيتها التي تنقل المطالعة من ركن خاص في البيت إلى ساحة عامة يتشارك فيها الجميع شغفهم بالقراءة، من الطفل ذي الست سنوات إلى الشيخ الثمانيني، من العائلة التي تتحدّى الزمن بالقراءة المشتركة إلى ضعاف وفاقدي البصر الذين يثبتون أن المعرفة لا تعرف حدود الحواس.
البطولة مرآة لمجتمع قارئ
لم تكن الجوائز الموزّعة نهاية المنافسة، بل بداية اعتراف رمزي بكل من جعل من القراءة أسلوب حياة. فتكريم الطفلة جوري الذويبي باعتبارها أصغر المشاركات إلى جانب محمد السالمي البالغ من العمر 85 عاما، يجسّد جسرا بين الأجيال. كما يعبّر تتويج آمنة بالخيرية، التي قرأت 964 كتابا، عن طاقة معرفية خارقة تمثّل نموذجا يُحتذى به. أما العائلات التي شاركت مجتمعة من القيروان وقفصة وسوسة فهي الدليل الأجمل على أن القراءة يمكن أن تكون رابطا أسريا لا يقلّ أهمية عن أي نشاط ترفيهي أو اجتماعي آخر.
من سيدي بوزيد التي نالت درع التميّز لحجم مشاركتها، إلى بيسان وبيلسان كوكة، التوأم المتألقتان في تحدي القراءة العربي، تتضح معالم جيل جديد يرى في الكتاب فرصة للانتماء والتعبير والمواطنة الثقافية. إنها تونس التي تقرأ وتحتفل بقرّائها، وتؤمن أن المستقبل يُكتب بالحبر ويُبنى بالمعرفة.
ولأنّ من يقرأ يعيش أكثر من حياة، فإنّ البطولة الوطنية للمطالعة من دورة إلى أخرى تساهم في أن تزرع في كل طفل قارئا، وفي كل قارئ وطنا من النور .
مؤطر:
قائمة الفائزين عن مختلف الفئات
*الفئة الأولى: الدفتر الأحمر (6/8 سنوات)
1-آلاء شواط مدنين
2-آية الدعاسي القصرين
3-زهراء الحاج عمار المنستير
4-حمزة خليف سوسة
5-بهاء القدس العوني تونس
*الفئة الثانية: الدفتر الأخضر (9/12 سنة)
1-ايناس فارح الڨصرين
2-مريم خليفي قفصة
3-ايلاف فريحي توزر
4-أسيل مصمودي صفاقس
5 -احمد المبروك سوسة
*الفئة الثالثة: الدفتر البرتقالي (13/15 سنة)
1-عزيز الجميل نابل
2-ميار غانمي سيدي بوزيد
3-واثق بن خليفة قابس
4-رحمة الجديدي المنستير
5-ريتاج الهويشي بنزرت
*الفئة الرابعة: الدفتر الأصفر (16/22 سنة)
1-ندى نصير المهدية
2-لينا بن ضيا المنستير
3- مريم الرياحي بنزرت
4 -مريم الشيخ صفاقس
5-سمر مليكة سوسة
*الفئة الخامسة: الدفتر الأزرق (23/39 سنة)
1-صفاء ذيبي الڨصرين
2-فداء بن زايد ڨبلي
3-فاطمة العويني منوبة
4-نجلاء همامي القيروان
5- غازي الباشا بن عروس
*الفئة السادسة: الدفتر الأبيض (من 40 سنة فما فوق)
1: دليلة الرشيدي المنستير
2- سامية فرج الله المنستير
3- مفيدة البصير صفاقس
4- ڨسومة ڨسومة سوسة
5-ناجية القبايلي صفاقس