على وقع تهديدات ترامب لحماس وخروقات الاحتلال غزة بين ضغوط "القوة الدولية" ومناورات السياسة الأمريكية

في تطور لافت يعكس تصاعد التحركات الدبلوماسية حول

قطاع غزة، كشفت الولايات المتحدة الامريكية، عن قائمة من الدول التي قد تساهم في نشر "قوة استقرار دولية" في القطاع، من بينها دولتان عربيتان، وذلك في ظل مساع متعثرة لتثبيت وقف إطلاق النار ووسط مؤشرات على هشاشة الهدنة القائمة بسبب التعنت وعدم الالتزام من جانب قوات الاحتلال. في حين تثير هذه الخطة مواقف بشأن الأهداف الصهيونية الحقيقة التي ترمي الى احتلال غزة بطرق وأشكال جديدة .

يأتي ذلك فيما أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس امس الأحد، إعلانا دستوريا يقضي بأن يتولى نائبه حسين الشيخ مهام رئاسة السلطة الوطنية مؤقتا بحال حال شغور المنصب. وينص الإعلان، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، على أنه "إذا شغر مركز رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، في حالة عدم وجود المجلس التشريعي، يتولى نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، نائب رئيس دولة فلسطين (حسين الشيخ)، مهام رئاسة السلطة الوطنية مؤقتا، لمدة لا تزيد على تسعين يوما، تجري خلالها انتخابات حرة ومباشرة لانتخاب رئيس جديد، وفقا لقانون الانتخابات الفلسطيني".

كما ينص على أنه "في حال تعذر إجراء الانتخابات خلال تلك المدة لقوة قاهرة، تمدد تلك المدة بقرار من المجلس المركزي الفلسطيني لفترة أخرى، ولمرة واحدة فقط".
وبموجب الإعلان الدستوري، يُلغى الإعلان الدستوري رقم 1 لسنة 2024، "حفاظا على المصلحة الوطنية لشعبنا الفلسطيني"، وفقا للوكالة.
وكان هذا الإعلان ينص على أن يتولى رئيس المجلس الوطني الفلسطيني مهام رئاسة السلطة في حال شغور المنصب.
الوكالة نقلت عن عباس قوله إن "إصدار الإعلان الدستوري يأتي تأكيدا على مبدأ الفصل بين السلطات والتداول السلمي للسلطة عبر الانتخابات الحرة والنزيهة".
الدور الأمريكي
من جهته اوضح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن "عدة دول" أبدت اهتماما بالانضمام إلى القوة الدولية، لكنه أشار إلى أن هذه الدول تحتاج إلى مزيد من التفاصيل حول طبيعة المهمة وقواعد الاشتباك.
وأضاف أن بلاده قد تدعو إلى قرار من مجلس الأمن يمنح التفويض اللازم لهذه القوة حتى تشارك فيها أكبر عدد ممكن من الدول.وأشار روبيو إلى أن الولايات المتحدة تجري محادثات مع قطر ومصر وتركيا في هذا الشأن، مؤكدا "وجود اهتمام من إندونيسيا وأذربيجان"، لافتا إلى أن بعض الدول "لا يمكنها المشاركة دون تفويض دولي".

تفويض أم غطاء سياسي جديد؟

ورغم أن واشنطن تطرح المشروع تحت شعار "الاستقرار"، إلا أن المتابعين يرون في ذلك محاولة لتدويل السيطرة على غزة، وإعادة صياغة المشهد الميداني بما يضمن استمرار الهيمنة الإسرائيلية، ولكن بوجه أممي هذه المرة.
فواشنطن، كما يبدو، تريد التحكم عن بعد، بينما تتحمل دول المنطقة العبء الميداني والسياسي في تكرار لنماذج التدخل السابقة في العراق وأفغانستان ولبنان، حيث أدت القوات الدولية إلى تثبيت الأمر الواقع أكثر مما ساهمت في إنهاء الأزمات.
وفي موازاة ذلك، وجه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تهديدا مباشرا لحركة المقاومة الاسلامية حماس، مطالبا إياها عبر منصة "تروث سوشيال" بإعادة "جثث المخطوفين" خلال 48 ساعة، وإلا "ستتدخل دول أخرى مشاركة في عملية السلام"، على حد تعبيره.
وجاءت تصريحات ترامب في لهجة تصعيدية اعتاد عليها خلال فترات الأزمات، حيث يسعى لاستثمار الملف الفلسطيني مبرزا نفسه بوصفه الرجل القادر على "ضبط" المنطقة من جديد.
لكن اللافت أن هذه التهديدات تتجاهل الجرائم الإسرائيلية اليومية في غزة، والحصار الذي يحول حياة أكثر من مليوني فلسطيني إلى مأساة إنسانية مستمرة منذ نحو عقدين. وهنا، يتجلى التناقض الصارخ في السياسة الأمربكية، التي ترفع شعار "الاستقرار" بينما تغض الطرف عن جذور المشكلة وهو الاحتلال الصهيوني.
ووفق مراقبين، يُفهم من التحركات الأمريكية أن الهدف غير المعلن هو نزع أوراق القوة من يد المقاومة الفلسطينية، ووضع القطاع تحت إدارة أمنية دولية تخضع عمليا لإشراف واشنطن وتنسيقها مع تل أبيب.
فالقوة الدولية – إن تشكلت – قد تتحول إلى أداة لاحتواء المقاومة وفرض واقع سياسي جديد في غزة، يضعف الفصائل ويقيد أي تحرك فلسطيني مستقل.
بين وقف إطلاق النار ووقف الحياة
وفي تصريح لافت، قال روبيو إن بلاده "تتبادل المعلومات مع إسرائيل والوسطاء الآخرين لإحباط أي تهديدات"، مشيرا إلى أن ذلك سمح بتحديد "هجوم وشيك محتمل" في الأسبوع الماضي.
لكن هذه اللغة الأمنية الانتقائية تكشف كيف تستخدم واشنطن مفردات الاستخبارات والخطر لتبرير استمرار الحصار والقيود، متجاهلة حقيقة أن غزة لا تهدد أحدا بقدر ما تُهدد حياتها يوميا جراء القصف والجوع وانقطاع الإمدادات الإنسانية.
فأي "استقرار" يمكن أن يتحقق في ظل انعدام الدواء والكهرباء؟ وأي "قوة سلام" يمكن أن تُرسل إلى أرض محاصرة يُمنع عنها الغذاء والماء؟ اذ يرى خبراء ان الحديث عن "قوة استقرار" يبدو أقرب إلى محاولة لتجميل وجه الحصار أكثر من كونه سعيا حقيقيا لحماية المدنيين.
مهمات إنسانية
من جانبها قالت اللجنة المصرية العاملة بغزة، إنها استقبلت ليل السبت-الأحد، معدات وآليات ثقيلة للمشاركة في فتح الشوارع التي أغلقها ركام المباني المدمرة وإنجاز مهمات إنسانية.
ونقلت قناة "القاهرة الإخبارية" عن مصادر (لم تسمّها) قولها إن "مصر تقدم مساعدات لوجستية ومعدات للمساعدة في تحديد مكان جثامين المحتجزين الإسرائيليين نظرا لحالة الدمار، التي يشهدها قطاع غزة".
وأضاف محمد منصور المتحدث باسم هذه اللجنة، في حديث وفق اأناضول: "استقبلنا بوسط قطاع غزة معدات ثقيلة، جاءت بقرار من القيادة المصرية".
وتابع منصور: "هذه المعدات جاءت لتقوم مصر بدورها الإنساني في القطاع".
وأوضح أن هذه المعدات ستشارك في فتح الشوارع المغلقة، والقيام بالمهمات الإنسانية التي تم تكليفها بها من القيادة المصرية، دون ذكر تفاصيل.
وأشار إلى أن استقبال هذه المعدات جاء في وقت يتم الحديث فيه عن تدمير إسرائيل خلال أشهر الإبادة الجماعية لنحو 90 بالمئة من المعدات والآليات التي كانت تتواجد بغزة.
ولم يشر منصور إلى عدد المعدات الواصلة، لكنه قال إن من بين ما وصل "باقر واحد، وشاحنتين حديثتين".
وكانت قناة "كان" العبرية التابعة لهيئة البث العبرية الرسمية، قالت إن "إسرائيل سمحت تحت ضغوط أمريكية بدخول فريق مصري إلى قطاع غزة، للمساعدة في تحديد مواقع جثث المحتجزين (الأسرى) الإسرائيليين لدى حركة حماس".
واعتبرت القناة أن "هذه الخطوة تمثل تراجعا عن الموقف الإسرائيلي السابق، الذي رفض إدخال فرق أجنبية إلى القطاع بحجة أن حماس، قادرة على العثور على الجثامين بنفسها، دون أي دعم خارجي".
وأوضحت أن الفريق المصري "يتجه إلى غزة بالتنسيق مع الصليب الأحمر، بينما تواصل واشنطن إرسال مبعوثيها إلى المنطقة، في مقدمتهم وزير الخارجية ماركو روبيو، ضمن مساعٍ للحفاظ على الهدوء ومنع انهيار التفاهمات".
ومساء السبت، قال رئيس فريق التفاوض الفلسطيني، رئيس حركة حماس في قطاع غزة خليل الحية، في تصريحات نقلتها الحركة، أنه سيتم دخول مناطق جديدة الأحد، في قطاع غزة، للبحث عن بعض جثامين أسرى الاحتلال، دون تسمية هذه المناطق.
ومنذ بدء تنفيذ الاتفاق في 10 أكتوبر الجاري، أفرجت حماس عن 20 رهينة إسرائيليا حيا، وجثث 16رهينة من أصل 28، معظمهم إسرائيليون، لكن تل أبيب تقول إن العدد المتبقي 13، بعدما ادعت أن إحدى الجثث المستلمة لا تتطابق مع أي من أسراها.
وأكدت "حماس" في أكثر من مناسبة أنها تسعى "لإغلاق الملف"، وتحتاج وقتا ومعدات متطورة وآليات ثقيلة لإخراج بقية الجثامين.
وكان جي دي فانس نائب الرئيس الأمريكي، قد قال في مؤتمر صحفي بإسرائيل، إن قضية الرهائن القتلى بغزة "معقد ولن يتم بين عشية وضحاها، فبعضهم مدفون تحت آلاف الكيلوغرامات من الركام، وآخرون لا يُعرف مكانهم. علينا التحلي بالصبر، سيستغرق الأمر بعض الوقت".

 

أجندة العقوبات ضد إسرائيل

في الاثناء دعا نائب مدير منظمة "هيومن رايتس ووتش" وممثلها لدى مؤسسات الاتحاد الأوروبي كلاوديو فرانكافيلا، الاتحادَ الأوروبي إلى عدم التراجع عن خطط فرض عقوبات محتملة على إسرائيل بعد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
وأشار فرانكافيلا في تصريح وفق الأناضول إلى أن أي قرار أوروبي بحق إسرائيل يجب أن يأخذ في الاعتبار انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان.
وأوضح أن الاتحاد الأوروبي لم يطرح مسألة العقوبات على إسرائيل إلا بعد مرور عامين على الإبادة الجماعية في غزة ومقتل 20 ألف طفل، واصفاً هذا التأخّر بأنه "أمر مروّع".
وأكد أن اقتراح تعليق التعاون بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل لا يستند فقط إلى ما يجري في غزة، بل أيضا إلى الانتهاكات المستمرة في كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة.

يذكر أن المفوضية الأوروبية كسرت صمتها الذي دام نحو عامين تجاه تصرفات إسرائيل في غزة، وأعلنت في 10 سبتمبر الماضي عن مقترحات بفرض عقوبات على تل أبيب.
وتضمنت المقترحات فرض قيود تشمل تعليق أحكام نقل السلع بحرية ضمن اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وفرض رسوم جمركية، بالإضافة إلى فرض عقوبات على المستوطنين الذين يستولون على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعلى وزيري الأمن القومي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش.
من جهته أكد عضو البرلمان الأوروبي عن أيرلندا باري أندروز أن محاسبة إسرائيل على الجرائم التي ارتكبتها في قطاع غزة تمثل "السبيل الوحيد لتحقيق سلام حقيقي ومستدام"، داعيًا الاتحاد الأوروبي إلى إبقاء خيار فرض العقوبات على تل أبيب مفتوحًا.
وقال أندروز، في مقابلة وفق الأناضول بالتزامن مع قمة الاتحاد الأوروبي التي عقدت في بروكسل، إن تجربة بلاده في عملية السلام الإيرلندية "تُظهر أن السلام لا يمكن أن يتحقق دون عدالة ومحاسبة".
وأضاف أن "المصالحة تحتاج إلى دعم دولي مستمر، لكنها لن تنجح إذا تجاهل العالم الجرائم التي وقعت"، مشددا على أن "العدالة الانتقالية ضرورة لضمان المساءلة عمّا حدث في غزة، فلا يمكن بناء السلام على انفلات إسرائيل من العقاب".

وأشار أندروز إلى أن النقاشات الأخيرة في البرلمان الأوروبي تطرقت إلى احتمال نزع سلاح حركة حماس خلال أسبوع واحد، واصفًا تلك التوقعات بأنها "غير واقعية".
وقال: "من الخطأ اختزال عملية السلام في مسألة نزع سلاح حماس فقط، لا يمكن تحقيق سلام دائم دون مصالحة حقيقية، ولا يمكن الوصول إلى المصالحة دون محاسبة وعدالة للفلسطينيين الذين عانوا من الحرب والاحتلال".
وأكد أن أي ترتيبات سياسية مستقبلية يجب أن تستند إلى العدالة والمساءلة وليس فقط إلى ترتيبات أمنية مؤقتة.
مداهمات واعتقالات للاحتلال بالضفة

ميدانيا اعتقل جيش الاحتلال الإسرائيلي، مساء السبت، 19 فلسطينيا، كما اندلعت مواجهات في اقتحامات نفذها بمناطق مختلفة بالضفة الغربية، في حين استمرت اعتداءات المستوطنين على مزارعين فلسطينيين بالتزامن مع موسم قطف الزيتون.
وقال تلفزيون فلسطين إن جيش الاحتلال الإسرائيلي "اعتقل أكثر من 15 عاملا من منطقة عين الهوية قرب قرية حوسان، غربي بيت لحم"، ووفق شهود عيان للأناضول، فإن الاعتقال جاء خلال محاولة العمال دخول إسرائيل، بحثا عن عمل.
وفي شمالي الضفة، قالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إن طواقمها نقلت للمستشفى 3 جرحى، طفلان (15 عاما)، أصيبا برصاص حي في الأرجل، أحدهما إصابته خطِرة، وشاب (18 عاما) أصيب برصاص حي في القدم، خلال اقتحام جيش الاحتلال الإسرائيلي لطوباس.
وقالت سرايا القدس – كتيبة طوباس: إن مقاتليها تصدوا لقوات الاحتلال المقتحمة في عدة محاور وأمطروها بالرصاص وفق ظروف الميدان.
من جانب آخر، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي 4 فلسطينيين منهم مطارد خلال ملاحقتهم قرب بلدة مركة جنوبي جنين شمالي الضفة الغربية.
وكانت قوات خاصة إسرائيلية حاصرت منزلا في حي دبّة العطاري بمدينة جنين وسط تحليق للطائرات المسيرة، ليدفع جيش الاحتلال بتعزيزات عسكرية للموقع. وقال مراسل الجزيرة نقلا عن مصادر فلسطينية إن الاحتلال أغلق المنطقة قبل أن يقتحم المنزل المحاصر، ومن ثم تلاحق القوات الخاصة مطاردا تمكن من الانسحاب من المنزل تجاه بلدة مركة جنوب المدينة.
وأعلنت سرايا القدس – كتيبة جنين أن مقاتليها في سرية جبع تصدوا لقوات العدو المقتحمة للبلدة وفق ظروف ومعطيات الميدان، واستهدفوا الآليات العسكرية بعدد من العبوات الناسفة.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115