فيما تسود الضبابية المراحل التالية من وقف اطلاق النار تحركات أمريكية حثيثة لتثبيت الهدنة والاحتلال يلوح بضم الضفة

يتواصل الحراك الدبلوماسي لتثبيت اتفاق وقف

اطلاق النار بين كيان الاحتلال وفصائل المقاومة الفلسطينية . وقد اعرب نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس، امس الأربعاء، عن تفاؤله باستمرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة "حماس"، رغم أنه لا يزال يوجد "عمل كبير" وفق تقديره. في وقت يستمر جيش الاحتلال في انتهاك الهدنة مما يزيد من الضبابية حول مصير المراحل القادمة من الاتفاق الذي دخل حيز التنفيذ منذ 10 اكتوبر وذلك بعد عامين من حرب الإبادة التي خلّفت 68 ألفا و229 شهيدا، و170 ألفا و369 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، وألحقت دمارا طال 90 بالمئة من البنى التحتية المدنية.

وقدّرت الأمم المتحدة نحو 70 مليار دولار تكلفةً لإعادة إعمار ما دمرته آلة الإبادة الإسرائيلية في غزة، حيث يعيش حوالي 2.4 مليون مواطن فلسطيني.
دور امريكي
وفيما يتعلق بالعلاقة بين الاحتلال والولايات المتحدة، قال فانس: "لا نريد إسرائيل دولةً تابعةً. وهذا ليس ما تريده إسرائيل. نحن نعتبرها شريكا".
واعتبر أن "توسيع نطاق اتفاقيات إبراهيم (لتطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول عربية وإسلامية) سيسمح بالاستقرار الذي نأمل أن يدوم".
فيما وصف نتنياهو الأيام الراهنة بأنها "عصيبة".
ورفض اتهامات المعارضة بأنه حوّل إسرائيل إلى دولة تابعة للولايات المتحدة، قائلا: "إسرائيل والولايات المتحدة يربطهما تعاون يشمل اتفاقيات وخلافات أيضا". وتابع: "استقرار الشرق الأوسط وأمنه يصب في مصلحة الولايات المتحدة، وبالطبع مصلحة إسرائيل. لا يمكن أن يتحقق هذا بدون إسرائيل قوية".
وقد أعلن الاحتلال امس الأربعاء أنّ الجثمانين الإضافيين اللذين استعادهما من قطاع غزة يعودان، وفق نتائج فحوص الطب الجنائي، إلى الرهينتين تامير أدار وأرييه زلمانوفيتش.وذكرت تقارير إعلامية بان وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو سيصل كيان الاحتلال اليوم الخميس في زيارة تستمر 48 ساعة". فيما ينهي جي دي فانس نائب الرئيس الأمريكي زيارة إلى الكيان والتي بدأها يوم الثلاثاء.
بينما وصل المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي إسرائيل الاثنين. اذ تتسارع التحركات الدبلوماسية الامريكية لإنجاح اتفاق وقف اطلاق النار . وتضغط الإدارة البيضاوية من أجل البدء بالمرحلة الثانية لكن إسرائيل ترهن الأمر باكتمال تسلمها جثامين الأسرى. وتتضمن المرحلة الثانية، نشر قوة دولية لحفظ السلام بغزة، وانسحاب الجيش الإسرائيلي، ونزع سلاح "حماس"، التي تؤكد أنها حركة "مقاومة" للاحتلال الإسرائيلي.
ومنذ 13 أكتوبر الجاري، أطلقت "حماس" الأسرى الإسرائيليين العشرين الأحياء، وسلمت جثامين 16 أسيرا ويتبقى 12، معظمهم إسرائيليون.
بينما تقول إسرائيل إن العدد المتبقي 13، مدعية أن إحدى الجثث المسلّمة لا تتطابق مع أي من أسراها.
وتؤكد الحركة أنها تسعى "لإغلاق الملف" وتحتاج وقتا ومعدات متطورة وآليات ثقيلة للبحث عن وإخراج بقية الجثامين.
والثلاثاء، وصف فانس استعادة بقية جثامين الأسرى الإسرائيليين بأنها "أمر معقد، ولن يتم بين عشية وضحاها".
وقال إن "بعضهم مدفون تحت آلاف الكيلوغرامات من الركام، والبعض الآخر لا يُعرف مكانهم. سيستغرق الأمر بعض الوقت".
وأضاف: "لن أحدد مهلة نهائية (لتسليم بقية جثامين الأسرى) لأن بعض القضايا معقدة وغير متوقعة".
محكمة العدل الدولية تصدر حكمها
تصدر محكمة العدل الدولية حكمها بشأن التزامات إسرائيل تجاه الوكالات التي تقدم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في قطاع غزة، فيما تسارع منظمات الإغاثة إلى زيادة المساعدات بعد وقف إطلاق النار.
وطُلب من قضاة محكمة العدل الدولية في لاهاي تقديم "رأي استشاري" يحدّد واجب إسرائيل في تسهيل إدخال المساعدات إلى غزة.
وطلبت الأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية توضيح التزامات إسرائيل، بصفتها قوة احتلال، تجاه الأمم المتحدة وغيرها من الهيئات "بما في ذلك ضمان وتسهيل توفير الإمدادات العاجلة والضرورية" من دون عوائق من أجل "بقاء" الفلسطينيين.
ومع أن الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية ليس ملزما قانونيا، تعتبر المحكمة أنه يحمل "ثقلا قانونيا كبيرا وسلطة أخلاقية".
وفي افريل استمع القضاة لشهادات عشرات الدول والمنظمات على مدى أسبوع، وكان معظمها يتعلق بوضع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
ولم تشارك إسرائيل في جلسات الاستماع، لكن وزير خارجيتها جدعون ساعر وصفها بأنها "جزء من اضطهاد ممنهج ونزع الشرعية عن إسرائيل". وحظّرت إسرائيل عمل الأونروا على الأراضي الإسرائيلية بعد اتهام بعض موظفيها بالمشاركة في هجوم أكتوبر.
وتوصلت سلسلة من التحقيقات، بما في ذلك تحقيق قادته وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاترين كولونا، إلى أن هناك "مسائل متعلقة بالحياد" في الأونروا.
لكن هذا التقرير الذي صدر في أفريل 2024 أفاد بأن إسرائيل "لم تقدم بعد أدلة داعمة" لادعائها بأن "عددا كبيرا من موظفي الأونروا هم أعضاء في منظمات إرهابية".
مستقبل الأونروا
ووصف المدير العام لوكالة الأونروا فيليب لازاريني المنظمة بأنها "شريان حياة" لنحو ستة ملايين لاجئ فلسطيني يعتمدون عليها.
وما زال هناك 12 ألف موظف لدى الوكالة في غزة وهي تهدف إلى تأدية دور رئيسي في إعادة إعمار القطاع بعد وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في وقت سابق من الشهر الحالي.
وبحسب الوكالة، قُتل أكثر من 370 من موظفي الأونروا منذ بداية الحرب.
وعشية صدور حكم محكمة العدل الدولية، قالت الناطقة باسم برنامج الأغذية العالمي عبير عطيفة إنه منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، دخلت 530 شاحنة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي إلى غزة، محمّلة بأكثر من 6700 طن من المواد الغذائية، وهو ما اعتبرته "يكفي لإطعام نحو نصف مليون شخص لمدة أسبوعين".
وأضافت أن حوالى 750 طنا من المساعدات تصل الآن إلى غزة بشكل يومي، ورغم أن هذا الرقم أكبر مما كان عليه قبل وقف إطلاق النار، يبقى أقل بكثير من هدف البرنامج البالغ حوالى ألفَي طن يوميا.
وتواجه إسرائيل العديد من الإجراءات القضائية بموجب القانون الدولي على خلفية الحرب في غزة.
وفي جويلية 2024، أصدرت محكمة العدل الدولية رأيا استشاريا جاء فيه أن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية "غير قانوني" ويجب أن ينتهي في أقرب وقت ممكن.
كذلك، ينظر قضاة المحكمة في اتهامات وجّهتها دولة جنوب إفريقيا إلى إسرائيل بانتهاك اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948 لمنع الإبادة الجماعية من خلال أفعالها في غزة.
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية أيضا مذكرتَي توقيف بحق مجرم الحرب بنيامين نتانياهو ووزير الحرب السابق يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. كذلك، أصدرت مذكرة توقيف بحق القيادي في حماس محمد الضيف الذي تقول إسرائيل إنه قُتل بغارة جوية.
أي دور للمفوضية الأوروبية
في الأثناء، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ضرورة أن تلعب أوروبا دورا في إعادة إعمار قطاع غزة.
وأوضحت فون دير لاين في جلسة بالبرلمان الأوروبي الثلاثاء، أن النظام الإقليمي والعالمي يتم رسمه مجددا وأنه يجب على أوروبا الدفاع عن مكانتها بين القوى الكبرى.
وأضافت أنه "من الضروري مشاركة أوروبا في إحياء حل الدولتين في فلسطين وتشجيع قيام سوريا الجديدة". وأضافت "يجب أن تعلب أوروبا دورا في إعادة إعمار غزة".
وشددت على أهمية السلام الدائم والعادل في أوكرانيا بالنسبة للقارة الأوروبية. وأكدت أنها ستواصل زيادة الضغط على روسيا ودعم أوكرانيا بكل السبل الممكنة.
ضغوط لمنع "إسرائيل" من ضم الضفة

يأتي ذلك فيما حثّ 46 عضوا ديمقراطيا في مجلس الشيوخ الأمريكي، الرئيس دونالد ترامب على منع إسرائيل من ضم الضفة الغربية المحتلة.
جاء ذلك في رسالة بعثها أعضاء المجلس إلى ترامب في مقدمتهم السيناتوران آدم شيف وتشاك شومر، بحسب ما نقله موقع "أكسيوس" الإخباري الأمريكي . ويحتل الديمقراطيون 47 مقعدا من أصل 100 في مجلس الشيوخ، وكان السيناتور الديمقراطي جون فيترمان هو الوحيد الذي لم ينضم إلى التوقيع على الرسالة.
وطلب الديمقراطيون في الرسالة من ترامب "تعزيز" موقفه الرافض لضم إسرائيل أجزاءً من الضفة الغربية المحتلة.
ورأوا أن تأكيد ترامب لموقفه الرافض لعملية الضم بالتزامن مع سريان وقف إطلاق النار في غزة، سيكون مناسباً وفي أوانه.
وتوقعت هيئة البث العبرية، تقديم مشروع قانون ضم الضفة الغربية المحتلة للتصويت عليه بقراءة تمهيدية في الكنيست (البرلمان) ، تزامنا مع زيارة يجريها لإسرائيل جي دي فانس نائب الرئيس الأمريكي.
يأتي ذلك بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في 26 سبتمبر الماضي، أنه لن يسمح لإسرائيل بضم الضفة الغربية.
وإذا ضمت إسرائيل الضفة الغربية المحتلة فإن ذلك سيعني إنهاء إمكانية تنفيذ مبدأ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية)، الذي تنص عليه قرارات صدرت من الأمم المتحدة.
وأوضحت هيئة البث أن رئيس حزب "نوعام" آفي معوز، يعتزم طرح مشروع "تطبيق السيادة الإسرائيلية على أراضي يهودا والسامرة (الضفة الغربية) للتصويت التمهيدي في الكنيست بكامل هيئته الأربعاء، خلال زيارة يجريها دي فانس".
وأشارت إلى أن معوز وهو عضو في الكنيست، رفض طلب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تأجيل مشروع القانون في الجلسة العامة، قائلا إن "إسرائيل دولة ذات سيادة، وهذا هو وقت السيادة" وفق تعبيره.
وأضافت أن معوز كان يخطط لتقديم المشروع في الصيف الماضي، لكنه أجل ذلك بناء على طلب من مسؤولي الائتلاف الحكومي، على أن يطرح في مرحلة لاحقة.
وحذرت أحزاب "الصهيونية الدينية" برئاسة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، و"القوة اليهودية" بزعامة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، من طرح المشروع دون تنسيق مع الائتلاف، مشيرةً إلى أن رفضه سيمنع إعادة طرحه قبل مرور ستة أشهر، وفقا لقوانين الكنيست.
في الأثناء، أسقط الائتلاف الحكومي في الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي، امس الأربعاء، مقترحا قدمه حزب "هناك مستقبل" المعارض بتشكيل لجنة تحقيق في هجوم 7 أكتوبر 2023.
وقالت هيئة بث الاحتلال: "رفضت لجنة رقابة الدولة في الكنيست صباح اليوم، مقترحا بتشكيل لجنة تحقيق حكومية للنظر في مجزرة السابع من أكتوبر" وفق تعبيرها. وأضافت: "أيد المقترح أربعة أعضاء من المعارضة، وعارضه ستة من الائتلاف (أحزاب الحكومة)، ولم يُقرّ".
ونقلت عن حزب "هناك مستقبل" قوله في بيان بعد التصويت: "رغم انتهاء الحرب، تخلى أعضاء الائتلاف عن الاقتراح بإنشاء لجنة تحقيق حكومية في كارثة السابع من أكتوبر".

"محكمة غزة" للتحقيق بجرائم "إسرائيل"
ومن المقرر أن تبدأ "محكمة غزة" الرمزية التي تحقق بالجرائم الإسرائيلية بقطاع غزة، اليوم الخميس جلساتها بمدينة إسطنبول التركية، على أن تصدر قرارها النهائي الأحد المقبل. و"محكمة غزة" مبادرة دولية مستقلة، أسسها في العاصمة البريطانية لندن في نوفمبر 2024، أكاديميون ومثقفون ومدافعون عن حقوق الإنسان وممثلو منظمات مدنية، بسبب "إخفاق المجتمع الدولي تماما في تطبيق القانون الدولي بقطاع غزة".
وكانت مبادرة "محكمة غزة" عقدت أولى جلساتها في لندن، ثم عقدت جلستها الأولى العلنية في العاصمة البوسنية سراييفو في ماي الماضي.

ويرأس المحكمة المقرر الأممي السابق المعني بحقوق الإنسان في فلسطين البروفيسور ريتشارد فولك، بينما تضم اللجنة التوجيهية كلّا من المقرر الأممي السابق لشؤون فلسطين مايكل لينك، والمقررة السابقة للحق في الغذاء هلال إلفر. كما تضم اللجنة الأكاديميين والناشطين بيني غرين، وأحمد كورو أوغلو، وجمال جمعة، والحقوقيين راجي الصوراني، وكريغ موخيبر، ووسام أحمد، ولارا البرنو.
أما هيئة المحلفين فتضم الصحفية الكاتبة الفرنسية كنزة مراد، والعالم السياسي الماليزي رئيس حركة "عالم عادل" الدولية شاندرا مظفر، والأكاديمية الفلسطينية غادة كرمي، ورئيس المحكمة الدستورية العليا الكينية الأسبق ويلي موتونغا، وأحد منظمي "أسطول الصمود العالمي" تياغو أفِيلا، والأكاديمي الفلسطيني سامي العريان، والشاعر الفلسطيني تميم البرغوثي، وأستاذة القانون الدولي كريستين تشينكن.
ويشارك في المحكمة أكاديميون ومدافعون عن حقوق الإنسان وممثلو وسائل إعلام ومنظمات مجتمع مدني، لعرض شهاداتهم حول الإبادة الجماعية في غزة. كما يشارك في الجلسات عبر اتصال مرئي مشاهير مثل أنجيلا ديفيس وروجر ووترز.
وتُعقد الجلسات تحت عناوين مثل: "الجرائم" و"استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية" و"التواطؤ، النظام الدولي، المقاومة والتضامن".
وبالتزامن مع جلسة المحكمة، ستُنظَّم سلسلة من الفعاليات الهادفة إلى تسليط الضوء على المجازر المرتكبة بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
وخلال الجلسات، سيتم عرض شهادات ووثائق وتحليلات توثق المأساة الإنسانية في القطاع، على أن تعلن المحكمة قرارها النهائي في 26 أكتوبر الجاري. ومن المرتقب أن تحاكم إسرائيل غيابيا من قبل أعضاء المحكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية في غزة.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115