اقتصادات الأسواق الناشئة أصبحت أكثر قدرة على تحمل الصدمات الاقتصادية العالمية الكبرى، وذلك بفضل سياساتها الموثوقة لاستهداف التضخم، وتحسين أنظمة سعر الصرف الأجنبي، وتطبيق ضوابط مالية قوية.
وعادةً ما تؤدي الصدمات الخارجية؛ مثل تداعيات جائحة «كوفيد-19» منذ عام 2020 أو الغزو الروسي واسع النطاق لأوكرانيا في عام 2022، إلى زعزعة استقرار الاقتصاد والأسواق المالية العالمية. وتترجم هذه الأحداث عادةً إلى ضغط مزداد على الاقتصادات الناشئة التي تمتلك احتياطات مالية أصغر وتصنيفات ائتمانية أكثر خطورة.
لكن الدراسة، التي تعد جزءاً من تقرير «آفاق الاقتصاد العالمي» الصادر عن صندوق النقد الدولي، أشارت إلى أن وجود أطر سياسات اقتصادية أقوى وبنوك مركزية مستقلة قد ساعد، منذ فترة ما بعد الأزمة المالية العالمية في عام 2008، في تسريع النمو مع ممارسة ضغط نحو خفض أسعار المستهلكين (التضخم).
ووجدت الدراسة، التي نُشرت يوم الاثنين المنقضي أن بعض الظروف الخارجية الإيجابية؛ مثل سياسة سعر الفائدة بالولايات المتحدة، قد أضافت إلى هذا الزخم.
وحذر الصندوق من الاعتماد المفرط على البنوك المحلية لاستيعاب إصدارات الديون المحلية خلال فترات الضغط، وحث على إجراء إصلاحات لجعل إصدار الديون أكثر شفافية وجذب مستثمرين متنوعين. وتضمنت التوصيات تحسين أنظمة الاقتراض، وتعزيز المؤسسات التي تدير الدين الحكومي، وجعل إصدار الديون أكثر شفافية ووفق جدول زمني محدد.
وكتب مؤلفو الفصل الثاني: «في حين أسهمت الظروف الخارجية المواتية في هذه المرونة، لعبت التحسينات في أطر السياسات دوراً حاسماً في تعزيز قدرة الأسواق الناشئة على تحمل صدمات النفور من المخاطرة».
وفي محاولة لتحديد كمية تأثير السياسات الأفضل - التي يروج لها الصندوق على نطاق واسع - من خلال مقارنة الصدمات الأخيرة بتأثير الأزمات في أواخر التسعينات، أظهر التحليل أن تحسين السياسات أضاف نصف نقطة مئوية للنمو وخفض التضخم بمقدار 0.6 %.
وقال أندريا بريسبيتيرو، أحد المشاركين في تأليف الفصل، في مقابلة: «نحن لا نقول إن هناك نقطة تحول هائلة (خلال الأزمة المالية العالمية)، وكل شيء يتغير. إنه تغيير تدريجي أكثر».
و أكد صندوق النقد الدولي أهمية تعميق أسواق رأس المال المحلية في الاقتصادات الناشئة، مما عزز السيولة فيها. لكنه حذر من استمرار التفاوتات، حيث تكافح الأسواق الحدودية الأصغر والأكثر خطورة لجذب الاستثمار، مقارنة بالاقتصاديات الأكثر رسوخاً مثل جنوب أفريقيا والمكسيك.