فنانون أبحروا في أسطول الصمود: محمد مراد ومحمد أمين الحمزاوي ومنير الطرودي يكسرون "البُرج العاجي"

 

يقول نزار القباني :"الحب مواجهة كبرى إبحار ضد التيار... صلب وعذاب ودموع... ورحيل بين الأقمار"

والحرب أيضا مواجهة كبرى خاصة عندما يكون العدو مجرم حرب. ومن تونس اختار أبطال أن يبحروا إلى غزة ولم يختبئوا وراء ستار بل عبروا البحار من أجل كسر الحصار عن شعب لا يعرف الاستسلام مهما دفع من دمه وأمنه ثمنا لهذا الخيار.

كثيرا ما يهرب بعض الفنانين من إبداء المواقف، وكثيرا ما يتهربون من الإدلاء بدلوهم في السياسة أو في الشأن العام... لكن آخرون يختارون الظهور بوجوه وقناعات مكشوفة إلى حد ركوب موج الخطر إيمانا بقضية إنسانية عادلة.الفنّان صوت الضمير

أمام قمع الأصوات وغلق الحدود، أبحر "أسطول الصمود" نحو غزّة حاملا الغذاء والدواء والكثير من الأمل رغم الألم... من تونس قرّر الفنانون محمد مراد ومحمد أمين الحمزاوي ومنير الطرودي أن يبحروا ليكونوا صوت الضمير الحيّ الذي يذكّر العالم بأنّ الفن حرّ ولا يُحاصر.
لقد تركوا المسارح والكاميرات، وركبوا السفن المتجهة إلى غزة، ليؤكدوا أنّ الفن رسالة وأنّ الفنان رسول الإنسانية وحارس قيم الخير والجمال والسلام.
إنّ الفنّانين التونسيين وغيرهم من بقية الجنسيات الذين شاركوا في أسطول الصمود لم يحملوا أسلحة ولا انتماءات حزبية، بل حملوا إيمانا صادقا بعدالة القضية الفلسطينية وإحساسا عميقا بمعاناة الأطفال الجياع وأنين الأمهات والشيوخ...وحين أبحروا كانوا على يقين بأنّ الأسطول من أجل رفع الحصار قد يواجه كل الاحتمالات لكنّه وإن لم ينجح في فتح المعابر سيفتح عيون العالم على غزة ويُحيي ما مات من الضمائر.

الفنّ موقف لا مهنة

على مرّ التاريخ، كان الفنّ مرآة للحق والكرامة والإنسانية... فقد غنّى "مارسيل خليفة" من أجل فلسطين، فصار العود سلاحا في وجه البندقية. ورفع المغني البريطاني "روجر ووترز"، مؤسس فرقة "بينك فلويد" صوته في الغرب دفاعا عن الفلسطينيين فطاردته لوبيات الكيان الصهيوني. وأقام الفنان الصيني "آي ويوي" الداعم للقضية الفلسطينية معارضه عن اللاجئين والنازحين ليقول إن الجمال الحقيقي ليس في المتاحف بل في الوجع الإنساني.

من الميناء إلى الوجدان، حجز الفنانون التونسيون الثلاث: محمد مراد ومحمد أمين الحمزاوي ومنير الطرودي مكانة من العز والشرف في قلوب كل التونسيين والعرب وكل المؤمنين بحق الفلسطينيين في أرضهم. صحيح أنّ سفينة "صمود قيصر" التي امتطاها الفنان منير الطرودي لم تصل وعادت أدراجها بسبب عطل فني. وصحيح أنّ محمد مراد ومحمد أمين الحمزاوي قد وقعا في الأسر بعد أن كانا قاب قوسين أو أدنى من الوصول إلى غزة لكنّهما كتبا اسميهما بأحرف من تاج في سجل الأبطال الشرفاء والأحرار. وفي انتظار عودتهما وبقية ركاب أسطول الصمود من تونس وكل البلدان وهم يرفعون شارة النصر بعد أن كانوا شوكة في حلق العدو، فقد أثبت الفنان في أصعب الاختبارات وأقسى الاختيارات أنه أصدق من الكثير من الساسة والخطباء والرؤساء !

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115