مقارنة بالأعوام السابقة وينطوي ارتفاعها على وجهين الأول ايجابي والثاني سلبي حسب السياق الاقتصادي الذي تشهد فيه الكتلة ارتفاعا وقد اظهر هذا المنحى مراوحة بين السلبي والايجابي .
كانت أولى التحذيرات من ارتفاع الكتلة النقدية مرتبطة بالتضخم وإمكانية أن يدفع نحو انفلاته إلا انه وبعد مرور أشهر على ارتفاع الكتلة النقدية وتراجع التضخم يمكن قراءة هذا المؤشر من زاويتين بناءا على ما تحقق إلى الآن من نتائج على جميع المستويات،
ارتفاع الكتلة النقدية أي النقود المتداولة في الاقتصاد يمكن أن تكون له آثار إيجابية وأخرى سلبية حسب إذا ترتبط الآثار المترتبة على ارتفاع الكتلة النقدية بالظروف الاقتصادية التي تتنزل فيها وكيفية إدارة السياسات النقدية
وفي الحالة التونسية وبالعودة إلى ماتحقق إلى حد السداسي الأول بخصوص النمو يمكن التأكد من آثار ارتفاع الكتلة النقدية على مستوى الاستهلاك والاستثمار فعادة كلما ارتفعت السيولة يرتفع معه مستوى الطلب الداخلي من الاستهلاك والاستثمار الأمر الذي يؤدي إلى انتعاشة الاقتصاد والخروج من حالة الركود .
في هذا السياق أورد المعهد الوطني للإحصاء في نشرية النمو الاقتصادي للثلاثي الثاني من العام الحالي إرتفاع حجم الطلب الداخلي المتكوّن من نفقات الإستهلاك وتكوين رأس المال الخام أي الإستثمار، بنسبة قُدِّرت بـ 3.3% خلال الثلاثي الثاني من سنة 2025 بحساب الإنزلاق السنوي مساهما بالتالي إيجابيا بـ 3.59%في نسبة النمو المسجلة للناتج المحلي الإجمالي والمقدرة بـ 3.2% كأبرز تفصيل الناتج المحلي الإجمالي الثلاثي حسب عناصر الإستعمال، كما مكنت الكتلة النقدية المرتفعة من تمويل عجز الميزانية وإدارة الحكومة للنفقات. كما تراجع التضخم إلى مستوى 5.2% إلى حدود شهر أوت المنقضي.
ودائما وفق مؤشرات المحققة إلى حد الأشهر الأخيرة والتي تزامنت مع ارتفاع الكتلة النقدية يمكن الوقوف عند آثار محتملة لارتفاعها وهي ارتفاع العجز التجاري نتيجة ارتفاع الطلب الداخلي الذي يؤدي إلى ارتفاع الطلب على السلع المستوردة ، أما الآثار الأخرى التي عادة ما تكون ناجمة عن ارتفاع الكتلة النقدية وهي ضعف العملة المحلية وتراجعها أمام العملات الرئيسية إلا أن الدينار التونسي أبدى استقراره أمام كل من الدولار والاورو كما حافظت الموجودات الصافية من العملة الأجنبية على استقرارها وبقائها في مستوى جيّد . ان السماح للكتلة النقدية بالاتساع هو حل قصير المدى لإدارة نفقات الدولة إلا أن بطء الإصلاحات الهيكلية يمكن ان تزيد من مخاطر التضخم وانزلاق الدينار واتساع العجز التجاري.