منظمات حقوقية تتهم الكيان بالإبادة والفصل العنصري تصاعد الضغوط الدولية على 'الاحتلال" وتحركات دولية لردع آلة الحرب

تشهد الساحة الدولية تصاعدا غير مسبوق في وتيرة الإدانة

والضغط على كيان الإحتلال الإسرائيلي، فجرائم الاحتلال باتت تنقل يوميا بعدسات الكاميرا مما خلق ضغطا من الرأي العام الغربي على الحكومات الدولية لوقف الإبادة

فقد دعت منظمة العفو الدولية، في تقرير حاد اللهجة صدر أمس الخميس، المجتمع الدولي إلى وقف دعمه السياسي والاقتصادي والعسكري لنظام الفصل العنصري والإبادة الجماعية" الذي تمارسه ''إسرائيل'' بحق الفلسطينيين. وجاءت هذه الدعوة في سياق تطورات متسارعة على المستوى الحقوقي والدبلوماسي، تزامنت مع تحركات دولية غير تقليدية.
في تقرير موسّع، كشفت منظمة العفو الدولية عن "أدلة موثوقة" تشير إلى ضلوع 15 شركة، ''إسرائيلية'' وأجنبية، في تسهيل أو دعم "الإجراءات غير القانونية التي تقوم بها إسرائيل" في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لا سيما في قطاع غزة.
ووفق مراقبين فإن تقرير العفو الدولية لم يأت من فراغ، بل جاء بعد تقرير آخر أصدرته أكثر من 80 منظمة غير حكومية دولية، من ضمنها أوكسفام ورابطة حقوق الإنسان، طالبت فيه الدول والشركات – وخاصة الأوروبية – بوقف كافة أشكال التجارة مع المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية المقامة على الأراضي الفلسطينية.
في تطور لافت وغير معتاد في المؤسسات الأممية، اتهمت لجنة تابعة للأمم المتحدة، للمرة الأولى، ''إسرائيل'' بارتكاب "إبادة جماعية" في قطاع غزة، وذلك ضمن تقرير رسمي صدر الثلاثاء. وأشارت اللجنة إلى أن ما يقوم به الإحتلال الإسرائيلي يتجاوز نطاق "الرد العسكري" إلى سياسات ممنهجة تستهدف تدمير مقومات الحياة للسكان الفلسطينيين.
فيما سارعت حكومة الإحتلال الإسرائيلية إلى رفض التقرير ووصَفته بـ"المنحاز والمضلل"، متهمة اللجنة بتبني مواقف سياسية لا تعكس الواقع، فيما اعتبرت منظمات حقوقية هذه الخطوة الأممية بمثابة "تحول نوعي" في تعاطي المجتمع الدولي مع الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
على صعيد متصل وفي خطوة تحمل دلالات سياسية وقانونية عميقة، أعلنت النيابة العامة الإسبانية أمس الخميس عن تشكيل فريق تحقيق خاص للنظر في "انتهاكات حقوق الإنسان في غزة"، وذلك بهدف التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية.وأوضحت النيابة أن هذا التحقيق يأتي ضمن التزامات إسبانيا الدولية تجاه قضايا حقوق الإنسان، وسيعمل على جمع الأدلة وتقديمها للجهات المختصة، ما يفتح الباب أمام احتمال ملاحقات قضائية دولية ضد مسؤولين إسرائيليين بتهم قد تشمل جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.
قرارات بعد قمة الدوحة
على الصعيد الإقليمي، لم تقتصر ردود الفعل على المواقف السياسية والحقوقية، بل امتدت إلى خطوات دفاعية فعلية، حيث عقد مجلس الدفاع المشترك لدول مجلس التعاون الخليجي اجتماعا طارئا في العاصمة القطرية الدوحة، على خلفية الهجوم الإسرائيلي على منشآت قطرية في 9 سبتمبر الجاري.
وأسفر الاجتماع عن خمس قرارات محورية تهدف إلى تعزيز الجاهزية الدفاعية المشتركة، من بينها تسريع إنشاء منظومة الإنذار المبكر ضد الصواريخ الباليستية ، وتحديث الخطط الدفاعية بين دول المجلس، وتنفيذ تمارين جوية مشتركة بين مراكز العمليات خلال الأشهر الثلاثة القادمة، ورفع وتيرة تبادل المعلومات الاستخباراتية ، وتعزيز التنسيق العسكري عبر القيادة الموحدة.ووفق مراقبين تؤشر هذه الخطوات إلى تحول في العقيدة الدفاعية الخليجية من مجرد مراقبة للأوضاع إلى تحضير فعلي لاحتمالات التصعيد.
وتشير كل هذه التطورات، مجتمعة، إلى أن "إسرائيل" باتت تواجه ضغوطا متزايدة من عدة جبهات: حقوقية، قانونية، سياسية، ودبلوماسية. فما بين اتهامات بالإبادة، ووقف للتعاون الاقتصادي، وفتح تحقيقات قضائية دولية، يبدو أن سياسة "الإفلات من العقاب" التي تمتعت بها ''إسرائيل'' لعقود بدأت في التآكل.
لكن في المقابل، لا تزال دول كبرى – وعلى رأسها الولايات المتحدة – تُشكّل شبكة حماية دبلوماسية لـ''إسرائيل''، مما يُعقّد المسار نحو أي مساءلة فعلية. ومع ذلك، فإن توالي هذه التقارير والتصريحات والمواقف الرسمية، يشير إلى تحوّل تدريجي في المزاج الدولي تجاه سياسات الإحتلال، خاصة مع تزايد الانتهاكات المصورة والموثقة بحق المدنيين الفلسطينيين.
انقطاع الاتصالات في غزة
في الأثناء قال سكان امس الخميس إن الدبابات الإسرائيلية شوهدت في منطقتين بمدينة غزة تعتبران بوابتين إلى وسط المدينة، وفي الوقت نفسه انقطعت خطوط الإنترنت والهاتف في أنحاء قطاع غزة في إشارة إلى تصعيد محتمل للعمليات البرية في وقت قريب.
وتسيطر القوات الإسرائيلية على الأحياء الواقعة في شرق مدينة غزة، وفي الأيام القليلة الماضية قصفت القوات حي الشيخ رضوان وحي تل الهوى، حيث تمركزت للتقدم نحو مناطق وسط وغرب المدينة التي يحتمي بها معظم السكان.
وقالت سلطات الصحة في غزة إن 14 فلسطينيا على الأقل قُتلوا جراء غارات إسرائيلية أو إطلاق النار في أنحاء القطاع امس الخميس، من بينهم تسعة في مدينة غزة.وذكرت شركة الاتصالات الفلسطينية في بيان إن خدماتها انقطعت "نتيجة استهداف عدة مسارات رئيسية مغذية للمنطقة بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر".
ونزح مئات الآلاف من الفلسطينيين من مدينة غزة منذ أن أعلنت ''إسرائيل'' في 10 أوت أنها تعتزم السيطرة عليها، لكن عددا أكبر من الفلسطينيين لا يزالون في أماكنهم، إما في منازل مدمرة بين الأنقاض أو في مخيمات مؤقتة.
ويلقي جيش الاحتلال منشورات تحث السكان على الفرار نحو "منطقة إنسانية" في جنوب القطاع، لكن الأوضاع هناك مزرية، حيث لا يوجد ما يكفي من الغذاء ولا الدواء ولا المأوى.وتقول ''إسرائيل'' إنها تريد القضاء على حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس في معاقلها وتحرير آخر الرهائن المحتجزين في غزة، لكن هجومها الكبير الأحدث بعد قرابة عامين من اندلاع الحرب المدمرة أثار إدانة دولية متزايدة .
لندن والاعتراف بدولة فلسطين
على صعيد آخر ذكرت وسائل إعلام البريطانية ، أن لندن ستعلن خلال الأسبوع الجاري اعترافها بدولة فلسطين، وذلك عقب انتهاء زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البلاد.
وبحسب تقارير إعلامية بريطانية استندت إلى مصادر حكومية، فإن الإعلان عن الاعتراف بدولة فلسطين سيأتي بعد انتهاء زيارة ترامب إلى بريطانيا التي تستمر يومين، ومن المتوقع أن يتم اتخاذ القرار قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل.

وأوضحت وسائل الإعلام أن رئيس الوزراء كير ستارمر سيحث ترامب غداً على استخدام نفوذه بشكل أكبر من أجل إحلال السلام في الشرق الأوسط.وكان ستارمر قد صرّح في جويلية بأن بلاده ستعترف بدولة فلسطين في سبتمبر إذا لم تلتزم ''إسرائيل'' بشروط محددة ولم تقبل بوقف إطلاق النار في غزة.
فلسطينيون يتظاهرون ضد سياسة ''إسرائيل''
ميدانيا تظاهر مواطنون فلسطينيون، أمس الخميس، ضد السياسة التي تتبعها تل أبيب بهدم منازلهم في منطقة النقب.وتم تنظيم المظاهرة التي شارك فيها مئات المواطنين تحت شعار "العزة والكرامة" أمام مجمع المحاكم في مدينة بئر السبع بعد تصاعد عمليات الهدم.
وحمل المشاركون في المظاهرة التي دعت لها "لجنة التوجيه العليا لعرب النقب" (غير حكومية) لافتات ورددوا شعارات ضد هدم المنازل.
وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلية هدمت الأربعاء، 40 منزلا في قرية السر العربية في النقب (جنوب) بداعي البناء دون ترخيص.ويعيش في القرية 1500 نسمة، بحسب تقديرات محلية.
مشروع قرار جديد بشأن غزة
هذا ويصوّت مجلس الأمن الدولي مجددا على مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة وإتاحة وصول المساعدات الإنسانية إليه، في اقتراح تؤيّده غالبية الدول الأعضاء رغم الفيتو الأمريكي المتكرر.
وفي نهاية اوت، أطلق الأعضاء المنتخبون مناقشات بشأن مشروع القرار، ردا على إعلان الأمم المتحدة رسميا عن المجاعة في قطاع غزة.وطالبت النسخة الأولى من نص مشروع القرار بإزالة فورية لجميع العوائق أمام إدخال المساعدات، ولكن مصادر دبلوماسية أفادت بأن فرنسا والمملكة المتحدة أظهرتا شكوكا في جدوى قرار إنساني بحت صادر عن هيئة دورها الحفاظ على السلام والأمن العالميين، وهو ما يمكن للولايات المتحدة عرقلته بكل الأحوال.
وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، يدعو مشروع القرار -الذي سيُطرح للتصويت بعد ظهر اليوم الخميس- إلى إنهاء القيود على دخول المساعدات الإنسانية، مطالبا في الوقت ذاته بـ"وقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار في غزة"، إضافة إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن المحتجزين.وسبق للولايات المتحدة أن رفضت مشاريع قرارات مشابهة طُرحت للتصويت في مجلس الأمن، وكان آخرها في جوان عندما استخدمت حق النقض (فيتو) لحماية حليفتها إسرائيل.
الأردن يوقف حركة السفر عبر معبر "اللنبي"
من جهته أوقف الأمن الأردني،أمس الخميس، حركة السفر عبر معبر "جسر الملك حسين" الرابط بين المملكة والضفة الغربية، وذلك بعد إغلاقه من جانب الاحتلال الإسرائيلي. وقالت مديرية الأمن العام (تتبع لوزارة الداخلية) في بيان مقتضب: "إيقاف حركة المسافرين عبر جسر الملك حسين بعد إغلاقه من الجانب الآخر" في إشارة إلى إسرائيل. ودعت المديرية، المسافرين إلى "متابعة وسائل الإعلام لحين إعادة فتح المعبر".

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115