خطوة أولى اتخذها الاتحاد في إطار محاولة امتصاص غضب قواعده وذلك بعد أشهر من التوتر والشقوق والاعتصامات المفتوحة والبيانات والتصريحات وتبادل الاتهامات من خلال تحديد موعد المؤتمر الاستثنائي، اجتماع المكتب التنفيذي الوطني لئن تداول في عدة نقاط في علاقة بالأزمة وموعد الهيئة الإدارية إلا أن الاتحاد خير التكتم عليها والعنوان الأكبر لبيانه الصادر أمس عن المكتب والذي حمل إمضاء الأمين العام نور الدين الطبوبي كان تنقيح مجلة الشغل.
بعد فترة من الصمت، اختار اتحاد الشغل وقبل أيام قليلة من الاحتفاء باليوم العالمي لعيد العمال الموافق لغرة ماي توضيح موقفه بخصوص مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة والذي تقدمت به الحكومة في إطار مراجعة مجلة الشغل، حيث أكد الاتحاد أنه تابع النقاشات بين الدوائر المغلقة وأصحاب العمل في الوقت الذي يتم فيه إقصاء الاتحاد بوصفه الطرف النقابي الأكثر تمثيلية للعمال المعنيين بدرجة أساسية بهذه التنقيحات، واعتبر أن تنقيح مجلة الشغل دون استشارة الاتحاد ضربا للحوار الاجتماعي وتجاوزا للقانون عدد 54 لسنة 2017 المتعلق بإحداث المجلس الوطني للحوار الاجتماعي، ليشدد على أن تنقيح مجلة الشغل وسائر تشريعات العمل كان دوما مطلبا نقابيا وعماليا رفعه الاتحاد في كل مناسبة وفاوض من أجله جميع الأطراف الاجتماعية.
"استحواذ غريب على شرعية تمثيلهم"
بحسب اتحاد الشغل فإن هذا الإقصاء هو تخلّ من الحكومة عن تطبيق الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها والتي تلزمها بالتشاور مع ممثلي العمال، معربا عن إدانته الشديدة سياسة الإقصاء المتعمدة التي انتهجتها الحكومة وكل الأجهزة التي ناقشت مشروع تنقيح مجلة الشغل ويرفض كل ما يترتب عنها. كما شدد الاتحاد على أن إقصائه هو انحياز لطرف واحد من أطراف الإنتاج وتأكيد على سيطرة جهات متنفذة تريد أن تواصل التحكم في مصائر ملايين العمال وتغييب آرائهم وموقفهم من قضية معنيون بها أكثر من غيرهم وهو استحواذ غريب على شرعية تمثيلهم. هذا وأكد الاتحاد في بيان مكتبه التنفيذي الوطني أن عملية تنقيح مجلة الشغل يجب أن تكون شاملة لكل الفصول وأن تنسحب أيضا على كل منظومة التشريعات الشغلية، مشيرا إلى أن تنقيح الفصول المتعلقة بالعقود والمناولة لا يحلّ الإشكاليات الموجودة في مجلة الشغل وخاصة ما تضمنته من حيف واختلال بخصوص حقوق العمال ويبقى وفق تعبي الاتحاد معالجة جزئية وانتقائية.
صياغات يطغى عليها الغموض
اعتبر اتحاد الشغل أن عديد الصياغات الواردة في مشروع الحكومة يطغى عليها الغموض وحمالة تأويلات من شأنها أن تكون مدخلا لإعادة إنتاج ما تكرس عبر عقود من استغلال للثغرات القانونية وضعف الصياغات للإبقاء على استغلال العمال في إطار وضع الهشاشة والاستغلال الفاحش وفق قوله، كما اعتبر الإصرار على تمرير التنقيحات بأسلوب المرور بقوة وعبر سياسة الإقصاء دفعا لتوتير المناخ الاجتماعي وضربا لسياسة الحوار التي دأبت عليها البلاد منذ عقود، محملا الحكومة مسؤوليتها في ما سيترتب عن هذه التنقيحات من خروقات ستضرّ بمصالح العمال وسائر الأجراء وتفاقم النزاعات الشغلية وتضرب الاستقرار الاجتماعي.