ولئن تعددت الطرق بين جرائم القتل أو الحرق أو السقوط أو انهيار أحد الجدران، فإن النتيجة واحدة وقوع ضحايا أو جرحى، والأيام الأخيرة شهدت البلاد العديد من الفاجعات وكل فاجعة تحدث ضجة كبيرة في الساحة أو على مواقع التواصل الاجتماعي على غرار فاجعة معهد المزونة في ولاية سيدي بوزيد ، حيث تسببت الرياح في انهيار سور المعهد الثانوي بالمزونة مما أسفر عن وفاة 3 تلاميذ تتراوح أعمارهم بين 18 و19 سنة، وإصابة آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، حادثة أثارت حالة احتقان كبيرة في الجهة، ذلك أن السور الذي انهار آيل للسقوط ولم ترميمه منذ سنوات طويلة وقد تمّ التنبيه لذلك في عدة مراسلات وتقارير منذ فترة ولم تتفاعل السلط الجهوية في هذه المسألة، ووفق محطة الرصد الجوي بالجهة فإن سرعة الرياح بالمنطقة لم تتجاوز 36 كلم بالساعة بمعتمدية المزونة وقت سقوط السور.
شهدت منطقة المزونة أمس حالة من الاحتقان والاحتجاج بعد سقوط جزء من جدار تابع للمعهد الثانوي في الجهة أسفر عن وفاة 3 تلاميذ، فيما أُصيب تلميذان آخران ، فاجعة أثارت ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الجهة بصفة خاصة، حيث قام المحتجون بغلق الطريق الرئيسي وسط المدينة عبر إشعال العجلات المطاطية وغلق المحلات التجارية ورشق سيارة إدارية بالحجارة ثمّ تحطيمها، كما أعلن الاتحاد الجهوي للشغل بسيدي بوزيد على صفحته الرسمية عن أن اليوم الثلاثاء 15 أفريل الجاري هو يوم حداد جهوي بكافة المدارس الابتدائية والإعداديّة والمعاهد الثانوية في جهة سيدي بوزيد، وسط تتالي الدعوات إلى محاسبة المسؤولين عن ذلك.
اهتراء البنية التحتية للمؤسسات التربوية
تتالت ردود الأفعال الغاضبة والمنددة لصمت السلط الجهوية وعدم التفاعل مع المطالب لترميم الجدار الآيل للسقوط في أي لحطة، وهو ما وقع بالفعل وقد كانت النتيجة وقوع 3 ضحايا من التلاميذ وقد حمّل الاتحاد الجهوي للشغل بسيدي بوزيد السلط الجهوية والوطنية مسؤولية الحادث، مؤكدا انه ما فتئ ينبه صحبة نقابات التعليم بالجهة إلى اهتراء البنية التحتية للمؤسسات التربوية بالجهة وتهالكها. وثمن في بلاغ له جهود وتضحيات أعوان الصحة والحماية المدنية رغم افتقاد معتمدية المزونة لمستشفى تتوفر فيه ابسط ضروريات العمل من تجهيزات وإطار طبي وشبه طبي. كما دعا الفرع الجامعي للتعليم الثانوي والتربية البدنية بسيدي بوزيد إلى تعليق الدروس بكافة المدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية بالجهة.
عجز عن تقديم الحلول لإنقاذ المدرسة العمومية
من جهتها، دعت الجامعة العامة للتعليم الثانوي، في بيان صادر عنها، إلى إيقاف الدروس اليوم الثلاثاء في كافة المدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية في مختلف ولايات الجمهورية، وذلك ترحّماً على أرواح التلاميذ الذين فقدوا حياتهم في الحادث الأليم الذي شهده معهد المزونة. وأفادت الجامعة أن هذه الدعوة تأتي أيضاً في شكل احتجاج رمزي على ما وصفته بـ"تنصل السلطة من مسؤولياتها" و"عجزها المتواصل عن تقديم حلول حقيقية وجدية لإنقاذ المدرسة العمومية"، معتبرة أن ما وقع في معهد المزونة ليس حادثاً معزولاً بل حلقة جديدة في سلسلة من الإهمال والتقصير في التعامل مع واقع المؤسسات التربوية. وأكدت الجامعة أن هذا التحرك يهدف إلى تسليط الضوء على ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من تدهور، سواء على مستوى البنية التحتية أو الظروف التربوية والاجتماعية، محملة الجهات المسؤولة تبعات هذا الوضع المتردي.
مدارس غير آمنة
كما جددت الجامعة دعوتها إلى ضرورة التحرك العاجل لإنقاذ ما تبقى من المدرسة العمومية، وضمان سلامة التلاميذ والإطار التربوي، وتوفير بيئة تعليمية آمنة تحفظ كرامة الجميع. من جانبها ، أكدت جمعية 17 ديسمبر في بيان لها أن هذا الحادث الأليم يضعنا أمام حقيقة مريرة وهي الفشل الذريع في حماية أرواح أبناءنا في مؤسساتنا التربوية، وشددت على أن الإهمال الواضح في صيانة المؤسسات التربوية، بما في ذلك معهد المزونة، كان السبب المباشر في سقوط السور الذي أودى بحياة ثلاثة تلاميذ وأصاب آخرين بإصابات بليغة. وأضافت الجمعية في ذات البيان أن هذا الحادث المأساوي يعكس الوضع المتردّي للبنية التحتية في العديد من المؤسسات التعليمية في المناطق الداخلية، وخاصة في ولاية سيدي بوزيد، حيث يعاني قطاع التعليم من تدهور مستمر في صيانة المنشآت، وضعف الموارد والاهتمام من قبل الجهات المعنية. كما أن تقاعس المسؤولين عن ضمان سلامة التلاميذ قد جعل من المدارس بيئة غير آمنة، وهو أمر لا يمكن السكوت عنه.
محاسبة المسؤولين
ودعت جمعية 17 ديسمبر إلى فتح تحقيق عاجل وجاد للكشف عن الأسباب الحقيقية وراء هذا الحادث، ومحاسبة المسؤولين عن التقصير في صيانة المعهد وحماية حياة التلاميذ. كما نطالب بتخصيص اعتمادات استثنائية لتحسين البنية التحتية للمدارس في سيدي بوزيد، وتوفير بيئة تعليمية آمنة لجميع التلاميذ في الجهة. وعبرت عن تضامنها الكامل مع الضحايا وعائلاتهم، وطالبت بتعويضات مستحقة لعائلات الضحايا، وتوفير الدعم اللازم للمصابين، بالإضافة إلى تنفيذ إصلاحات جذرية تضمن سلامة التلاميذ في جميع مؤسسات التعليم في ولاية سيدي بوزيد وفي عموم البلاد.
التقرير ينص على أن سور المعهد آيل للسقوط
وبحسب تصريحات إعلامية للمدير الجهوي للحماية المدنية بسيدي بوزيد مراد الصغير فإن الحماية المدنية قامت سابقا بمعاينة سور معهد ابن حزم بالمزونة وقد تم تقديم محاضر المعاينة الخاصة بهذه البنايات و من ضمنها المحضر الخاص بالسور المذكور إلى السلط المعنية لافتا إلى أنه وقع كتابة تقرير ينص على أن سور معهد ابن حزم آيل للسقوط. من جانبه أكد مدير المعهد الثانوي، بالمزونة، محمد الكثيري بأن المعهد يعود تاريخ تشييده إلى سنة 1981 بمجهود شعبي على حد قوله. وأشار في تصريح لديوان أف أم إلى أن المعهد شهد أشغال صيانة سنة 2016، حيث تم إعادة بناء عدد من القاعات التي كانت آيلة للسقوط آنذاك، ولم تشمل الأشغال السور الذي سقط أمس وأسفر عن وفاة 3 تلاميذ وإصابة آخرين.
توجيه 3مراسلات إلى المندوبية الجهوية للتربية بسيدي بوزيد
وبين المتحدث، بأنه تم توجيه عدة مراسلات للمندوبية الجهوية للتربية بسيدي بوزيد من أجل التدخل والقيام بعمليات صيانة على مستوى المعهد لا سيما المبيت الخاص بالذكور الذي قال إنه آيل للسقوط ويشهد تصدعا على مستوى السقف . ونوه بأنه "تم توجيه 3 مراسلات للمندوبية الجهوية للتربية بسيدي بوزيد، من أجل صيانة المبيت الذي يؤوي قرابة 45 تلميذا." كما أوضح مدير معهد المزونة، بأنه تم برمجة عمليات صيانة بالمعهد وكانت ستشمل جزءا من السور الخارجي للمعهد الذي يشهد تصدعات كبيرة زادت من حدتها الرجات الأرضية الأخيرة التي شهدتها المنطقة مؤخرا بحسب تقديره. وأضاف المتحدث بأن "الرياح التي شهدتها الجهة أدت إلى سقوط الجدار ".