أمام شاعرية هذا العنوان وربما أبعاده الفلسفية قد يكون من المشروع تخيّل شموسا أخرى قد تشبه شمسنا وقد لا تشبه ! بعيدا عما تقوله الأسطورة عن تعدد الشموس وعما رصده مراقبو النجوم من ظواهر سماوية غريبة بعد أن شاهدوا سبع شموس تشرق في سماء الصين، فالأكيد أنّ أكثر من شمس ستشرق في لوحات البشير بوصندل.
يحتضن مركز الفنون 9L7B بمنطقة البحر الأزرق في المرسى معرض "شموس أخرى" للفنان بشير بوصندل الذي يتواصل لأكثر من شهرين. سيكون الافتتاح مساء 23 جانفي 2025 انطلاقا من الساعة السادسة مساء ليتواصل إلى غاية 30 مارس 2025. ومن المنتظر أن يواصل هذا المعرض رحلته الإبداعية في "طبري آرت سبيس" بدبي خلال فصل الربيع.
ترابط بين الإنسان والطبيعة والفضاء
اختار الفنان التشكيلي بشير بوصندل أن يسم معرضه بعنوان "شموس أخرى". وهو أول معرض فردي لهذا الفنان في تونس بعد عدد من المعارض في عواصم العالم. وقد تم انجاز هذا المعرض في تعاون مثمر بفضل التعاون مع طلبة ومدرسي مركز التكوين في فنون النار بنابل، تحت إشراف سفيان بن عمر. وقد أضافت "خبراتهم الحرفية غنى كبيرا لإبداعات بشير بوصندل، معبرة عن تناغم مثالي بين التقاليد الحرفية والابتكار الفني."
يغوص معرض "شموس أخرى" بالزائر في "عالم تتلاقى فيه اللوحات مع الزجاج المنفوخ والمعادن والمواد العضوية لاستكشاف موضوعات مثل الترحال والبقاء والقدرة على التكيف مع بيئات غير مستقرة. هكذا تصبح كل مادة رمزاً قويا يعبر عن الهشاشة والتأقلم في الآن معا."
في استكشاف حسي وشاعري للمدينة، ولد بشير بوصندل في مدينة دنكيرك (فرنسا)، ولكن أصوله متجذرة عميقا في بنزرت. ينسج هذا الفنان في أعماله "حوارا حميميا بين ذاكرة الهجرة والعوالم التي زارها والتحولات الحضرية التي شهدها."
على سطح منزله في بنزرت، بدأ بشير بوصندل رحلته الإبداعية حيث "يغمر لوحاته بالماء ليخلق حوارا بين السيولة والمجهول. ثم في مرسمه حيث يراكم طبقات الزيت ليشكّل مناظر طبيعية تندمج فيها السماء مع الأرض، معيدا بذلك تعريف الأفق."
رؤية فنية من منظور العصافير
في معرضه "شموس أخرى" يقترح الفنان بشير بوصندل تجربة حسية آسرة في قلب المعرض تجد تركيبة فنية باهرة تتألف من مجاثم مزينة بمنحوتات من الزجاج المنفوخ، وأشكال طيور مصنوعة من النحاس الأصفر، والنحاس الأحمر، والألمنيوم. تستحضر هذه الأشكال الهشة والنفيسة مسارات الإنسان وتستوحي تحديات الهشاشة وتأثير النزعة الاستهلاكية على البيئة.
وبتثبيت مجاثم العصافير بالأرض، يقلب بشير بوصندل الرمزية الفنية التقليدية للطيور كرمز للارتفاع، داعيا إلى العودة إلى الأساسيات، ومؤكدا في ذات الوقت على هشاشة التوازنات البيئية والاجتماعية.
ووفقا للقائمين على المعرض فإنّ "هذه المقاربة الشعرية والسياسة دعوة للتأمل في الترابط بين الإنسان والطبيعة والفضاء".
والفنان بشير بوصندل هو من مواليد سنة 1984 ويعيش ويعمل بين باريس وتونس. تخرج من مدرسة الفنون الجميلة في دنكيرك، حيث بدأ مسيرته في مجال التركيب الفني قبل أن يتحول إلى الرسم. تستكشف أعماله نوعا مبتكرا من الرسم المتحرك، حيث تمرد على التفكير في المنظور التقليدي، مقدًما رؤية من منظور العصافير على أسطح تجمع بين الأبعاد الأرضية والكونية.
تم اقتناء أعماله من قبل مجموعات عامة مرموقة، مثل وزارة الثقافة والشباب في أبوظبي ومتحف ديجي للفنون في شنغهاي ومتحف المعادن للفن المعاصر الأفريقي في المغرب. كما شارك الفنان في العديد من المعارض الجماعية البارزة، في أبوظبي وهونغ كونغ وغاليري لالالاند في باريس ومراكش ولندن...