لقاء يأتي بعد حوالي السنة من آخر لقاء بينهما، 20 نوفمبر 2023، والقاسم لمشترك بين اللقاءين هو مساهمة منظمة الأعراف في التخفيض في الأسعار والتي اعتبرها رئيس الجمهورية في اللقاء الأخير مع ماجول معركة التحرير الوطني بالتخفيض في الأسعار، فالرئيس يدرك جيدا أن هذه المعركة لا يمكن أن تخوضها الدولة بمفردها وتقتضي بالضرورة تشريك الأطراف المعنية أي القطاع الخاص، وهو ما نلاحظه من تكرر عبارة التعايش بين القطاعين العام والخاص مرتين في بلاغ الرئاسة.
وفق ما جاء في بلاغ الرئاسة، فقد دعا رئيس الجمهورية قيس سعيّد لدى استقباله، أول أمس في قصر قرطاج سمير ماجول، رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، إلى الانخراط الكامل في معركة التحرير الوطني بالتخفيض في الأسعار. وأكّد رئيس الجمهورية أن معاضدة مجهودات الدولة بل والمساهمة في بناء تاريخ جديد لتونس محمولان على الجميع كلّ من موقعه. وذكّر رئيس الجمهورية بما ورد في نصّ الدستور بأن الدولة التونسية تضمن التعايش بين القطاعين العام والخاص، فكما تسعى إلى تأمين المرافق العمومية تسعى كذلك إلى تأمين الشروط الضرورية التي تكفل للباعثين الخواص بأن يعملوا في ظلّ مناخ آمن فلا يكونون موضوع ابتزاز أو توظيف ويلقون حقوقهم كاملة كما يلقى العمّال بدورهم حقوقهم غير منقوصة. فالتعايش بين القطاعين العام والخاص لا يُمكن أن يتحقّق إلا على أساس العدل والإنصاف.
مساهمة اتحاد الأعراف في التخفيض في الأسعار
لقاء رئيس الجمهورية مع رئيس منظمة الأعراف هو الثاني من نوعه في ظرف سنة في المقابل فإن القطيعة مع الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي مازالت متواصلة والتوتر بينهما مازال سيد الموقف، فالقطيعة وعدم التواصل ليس مع رئيس الجمهورية فقط بل أيضا مع الحكومة، فرئيس الجمهورية يحرص على أن تكون منظمة الأعراف شريكة في معركة التخفيض في الأسعار من أجل ضمان النتائج المرجوة والمنشودة، فقد سبق له وأن شدد في لقاء 20 نوفمبر 2023 على ضرورة مساهمة اتحاد الأعراف في التخفيض في الأسعار لأن الارتفاع المشط لعدد من المواد الأساسية أثقل كاهل الأغلبية الساحقة من التونسيين بما في ذلك صغار التجار والصناعيين، ولا يمكن مواجهة التحديات الداخلية والخارجية إلا متعاضدين متضامنين متآزرين. كما شدّد كذلك في ذات اللقاء على ضرورة أن تلعب المؤسسات المالية بوجه عام دورا في النهوض باقتصاد وطني يقوم، في المقام الأول، على التعويل على الذات وعلى خلق ثروة حقيقية يستفيد منها الجميع على قاعدة العدل الاجتماعي.
مقاومة الاحتكار والمضاربة
معركة التحرير الوطني بالتخفيض في الأسعار ليست بالمعركة الهينة ووفق ما أكده الرئيس في لقاءه مع وزير التجارة سمير عبيد أول أمس تقتضي اتخاذ جملة من الإجراءات بسرعة سواء في مستوى الإدارات المعنية أو ضدّ اللوبيات التي تتحكّم في الأسعار، ليشدد على ضرورة على ضرورة القطع مع الأساليب المعهودة التي لم تؤد إلا إلى نتائج محدودة في مقاومة الاحتكار والمضاربة، وعلى ضرورة القطع حتى مع مصطلح الحملات ذاته لأن الأمر لا يُمكن أن يقتصر على حملة أو اثنتين بل بسياسة يجب أن تستمر دون انقطاع وفي كامل أنحاء الجمهورية. كما أكد ضرورة القضاء نهائيا على المسالك التي تُوصف بأنها مسالك توزيع في حين أنها شبكات إجرامية يتضرّر منها الفلاحون والمواطنون على حد السواء. وذكر أن القانون يسمح لوزارة التجارة بالتسعير لتعديل الأسعار ويُرتّب الآثار القانونية عن كل تجاوز لأي قرار في التسعير. وأسدى تعليماته بضرورة تطهير الوزارة والديوان التونسي للتجارة من كل من لا يتحمّل المسؤولية على الوجه المطلوب. فالغلاء الفاحش للأسعار ومعاناة المواطنين لا يُمكن أن تستمر، والواجب يقتضي اتخاذ جملة من الإجراءات بسرعة سواء في مستوى الإدارات المعنية أو ضدّ اللوبيات التي تتحكّم في الأسعار أو تسحب بعض المواد فجأة من هذه المنطقة أو تلك، وهي ظواهر تدلّ كلّها على أن الأمر مدبّر وهناك من لا يقوم بدوره في مواجهتها والقضاء عليها.