خريطة تفضح نوايا نتنياهو ... تحوّل لافت للنهج الإسرائيلي تجاه الضفة الغربية

في خطوة أثارت الكثير من الجدل والقلق، كشف رئيس وزراء الإحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مؤتمر صحفي عن خريطة جديدة

تبرز الخطط الإسرائيلية بشأن الأراضي الفلسطينية. الخريطة، التي كانت موضوعا رئيسيا في المؤتمر، لم تقتصر على تقديم رؤية إستراتيجية للأراضي، بل كانت بمثابة كشف مباشر للأهداف السياسية والعسكرية لحكومة نتنياهو.

الخريطة التي استخدمها نتنياهو خلال مؤتمره الصحفي كانت محورية في شرح الموقف الإسرائيلي بشأن الضفة الغربية وقطاع غزة. فبينما أظهرت الخريطة الضفة الغربية ممثلة باللون السماوي تحت مسمى "إسرائيل"، تم إغفال أي إشارة لحدودها أو تسميتها في الخريطة. وبالمقابل، تم تمييز قطاع غزة باللون الأصفر، مع إبراز محور فيلادلفيا على الحدود بين غزة ومصر.
هذا التمثيل يعكس بوضوح رغبة إسرائيل في تجنب الاعتراف بالضفة الغربية ككيان مستقل أو ذي سيادة، ما يعد انتهاكا لقرارات الأمم المتحدة التي تعترف بالضفة الغربية كأرض محتلة. والمفارقة أن هذه الخريطة ظهرت في وقت تصاعدت فيه العمليات العسكرية في شمال الضفة الغربية، مما زاد من حدة القلق الدولي والمحلي بشأن نوايا إسرائيل الحقيقية.
ووفق متابعين تبدو الأبعاد السياسية لهذه الخريطة واضحة، فإظهار الضفة الغربية كجزء من "إسرائيل" لا يتماشى فقط مع السياسة الإسرائيلية الحالية، بل يعكس أيضا رغبة في تغيير الوضع الراهن بشكل يكرس الهيمنة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية. هذا التوجه يثير مخاوف جدية من تفاقم الأوضاع الإنسانية في الضفة الغربية، خاصة في ظل استمرار العمليات العسكرية التي أدت إلى تصعيد العنف وإرهاق السكان المحليين.
على صعيد الوضع الإنساني، تعزّز التصريحات والسياسات الإسرائيلية الحالية من تفاقم الأزمة. فمع دخول العملية العسكرية يومها السابع وتمديدها لعدة أيام إضافية، يبدو أنّ التصعيد ليس مجرد استجابة للوضع الأمني، بل هو جزء من إستراتيجية أوسع تهدف إلى فرض السيطرة على المناطق الفلسطينية.
وفي بيان صحفي صدر عن وزارة الخارجية الفلسطينيّة، عبّرت السلطة الفلسطينية عن استنكارها الشديد لاستخدام نتنياهو خريطة تضمّ الضفة الغربية تحت الاحتلال الإسرائيلي. وأكّدت أنّ هذا التصرّف ليس سوى محاولة أخرى لتقويض حلّ الدولتين، الذي يعتبر الأساس الذي تستند إليه معظم المبادرات الدولية لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وفيما يتعلّق بالردّ الدولي، دعت السلطة الفلسطينية المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات عاجلة لحماية حلّ الدولتين، الذي يقضي بإقامة دولة فلسطينية بجانب كيان إسرائيل. وحثّت الدول الكبرى والهيئات الدولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي على التدخّل بشكل فعال لوقف أي إجراءات من شأنها أن تقوّض هذا الحلّ وتزيد من تعقيد عملية السلام.
وأشار المراقبون إلى أنّ تصريحات نتنياهو واستخدامه للخريطة المثير للجدل يعكس توجّها متزايدا نحو فرض السيادة الإسرائيلية على مناطق الضفة الغربيّة، وهي خطوة تتناقض مع القرارات الدوليّة السابقة التي تدعو إلى إقامة حدود معترف بها وإيجاد حلّ عادل وشامل للصراع.
التداعيات المحتملة
ويرى محللون أنّ إعادة النظر في حدود الضفة الغربية وإعلان السيادة الإسرائيلية عليها من شأنه أن يؤدّي إلى تصاعد التوتّرات على الأرض، ويزيد من تعقيد جهود السلام المستمرة. كما قد يسهم في تفاقم الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في الأراضي الفلسطينية، التي تعاني بالفعل من الصعوبات نتيجة حرب الإبادة التي تشنها حكومة الإحتلال منذ أكتوبر 2023 .
إلى جانب ذلك، قد تؤدي هذه التطورات إلى ردود فعل سلبية من قبل الدول العربية والمجتمع الدولي، الذين سبق أن أعربوا عن دعمهم لحل الدولتين وأدانوا أي إجراءات أحادية من شأنها أن تقوض هذا الحل.إذ يتطلب الحفاظ على حل الدولتين جهودا منسقة وتعاونا دوليا لتأكيد الحقوق الفلسطينية ودفع عملية السلام نحو الأمام، بدلا من الانزلاق نحو أزمات جديدة تؤدي إلى تفاقم الصراع وتعميق معاناة الفلسطينيين .
ردود الفعل الدولية
وتتالت ردود الفعل الدولية على تصريحات نتنياهو بعد استخدامه الخريطة كانت سريعة. فقد حذرت مقرّرة الأمم المتحدة الخاصة في الأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيز، من أنّ "العنف والإبادة الإسرائيلية" قد تتّسع لتشمل الضفة الغربية بأكملها. وأشارت إلى أن الفصل العنصري الذي تمارسه إسرائيل يستهدف جميع الأراضي الفلسطينية، ويشير إلى عملية شاملة للتصفية والإحلال.
على الصعيد العربي والدولي، أثارت الخريطة والأحداث الأخيرة غضبا واسعا. ففي وقت سابق، انتقدت الصحافة العالمية والأوساط الدبلوماسية الخطاب الذي قدمه نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي تجاهل وجود دولة فلسطينية.إذ أن هذا التصعيد في الخطاب الإسرائيلي يزيد من تعقيد جهود السلام ويزيد من عزلة إسرائيل على الصعيد الدولي.
ومع استمرار التصعيد العسكري في الضفة الغربية، تظل الأسئلة قائمة حول المستقبل السياسي والأمني في المنطقة. حيث دعا رئيس المجلس الاستيطاني الصهيوني، في تصريحاته الأخيرة إلى معاملة مدن الضفة الغربية مثل قطاع غزة، تعكس تطلعات متطرفة قد تؤدي إلى تصعيد أكبر في الصراع.
وتبعا لذلك يرى متابعون أنّ الأمل في تحقيق سلام شامل وعادل يبدو بعيدا، في ظل التصعيد المستمر والتجاهل الواضح للحقوق الفلسطينية. ففي ظلّ الأوضاع الراهنة، قد تبقى مساعي السلام تواجه تحديات كبرى في مواجهة السياسات الإسرائيلية المتنامية.
تصعيد ميداني
وفي ظلّ التحول اللافت للنهج الإسرائيلي تجاه الضفة الغربية، أفادت صحيفة "إسرائيل اليوم" في تقريرها الصادر أمس الثلاثاء أن إسرائيل باتت تعتبر الضفة الغربية "منطقة قتال والجبهة الثانية الأكثر أهمية بعد قطاع غزة". وقد جاء هذا التصعيد في سياق الأحداث الأخيرة التي أبرزت تغيرات جذرية في إستراتيجية جيش الاحتلال الإسرائيلي.
ووفقا للصحيفة، فإنّ التصنيف الجديد للضفة الغربية يأتي بعد سلسلة من الهجمات التي أثبتت أن التعامل مع الضفة لا يمكن أن يُنظر إليه على أنه مجرد ساحة ثانوية. وقد أدى هذا التحول إلى تبني نهج جديد في العمليات العسكرية الإسرائيلية، حيث تُعتبر الضفة الغربية الآن الجبهة الثانية بعد غزة، وهو ما يعكس أهمية الوضع الأمني المتدهور في المنطقة.
الصحيفة أكدت أن العملية العسكرية في جنين، التي بدأت منذ الأربعاء الماضي، ليست سوى بداية لتصعيد متوقع في الضفة الغربية. وقد تم إطلاق عملية "المخيمات الصيفية" التي تُعتبر الأكثر شمولاً منذ عملية "السور الواقي" عام 2002.
وتشير التقارير إلى أن المسؤولين الإسرائيليين يناقشون حالياً اتخاذ تدابير طارئة مثل إعلان حالة الحرب في الضفة الغربية. وقد دعت وزيرة شؤون المستوطنات أوريت ستروك المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينت) إلى اتخاذ خطوات حاسمة لمواجهة التهديدات الأمنية المتزايدة.
يأتي التصعيد العسكري في الضفة الغربية في وقت تعاني فيه الأراضي الفلسطينية المحتلة من أزمات إنسانية واقتصادية حادة. ووفقا لمؤسسات رسمية فلسطينية، فإن الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد غزة، والتي حظيت بدعم أمريكي، أسفرت عن استشهاد وجرح أكثر من 135 ألف فلسطيني ، معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى دمار هائل ومجاعة أسفرت عن وفاة عشرات الأطفال.في المقابل، أسفرت العمليات العسكرية في الضفة الغربية عن مقتل 682 فلسطينيا وإصابة نحو 5,700 واعتقال ما يزيد عن 10,400. هذا التصعيد يضيف مزيدا من الضغط على الوضع الإنساني في الضفة الغربية، التي تشهد تصاعدا في الاعتداءات من قبل المستوطنين.
مباحثات فلسطينية أمريكية
على صعيد متصل بحث أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، أمس الثلاثاء، مع مسؤول أمريكي آخر مستجدات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والعمليات العسكرية الواسعة بالضفة الغربية.
جاء ذلك خلال لقائه في مدينة رام الله، رئيس المكتب الأمريكي للشؤون الفلسطينية هانز ويكسلر، حسب بيان صدر عن مكتب الشيخ وفق مانشرته الأناضول.وأفاد البيان بأن الشيخ بحث مع ويكسلر "آخر المستجدات من استمرار الحرب في قطاع غزة والإجراءات التصعيدية والانتهاكات غير المسبوقة في جميع أنحاء الضفة، باستهداف صارخ للكل الفلسطيني".
وأطلع الشيخ المسؤول الأمريكي على آخر الجهود الإقليمية والدولية المكثفة بالتنسيق مع الدول العربية والمجتمع الدولي لإنهاء الحرب والكارثة الإنسانية في قطاع غزة، ووقف الانتهاكات في الضفة الغربية.بدوره، أكد ويكسلر دعم الولايات المتحدة للمسار السياسي الذي يضمن الهدوء والاستقرار في المنطقة، وقيام دولة فلسطينية مستقلة وفقا لحل الدولتين، بحسب البيان نفسه.
مصر ترفض تصريحات ''نتنياهو''
من جانبها أعربت مصر أمس الثلاثاء، عن رفضها التام للتصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي والتي "حاول من خلالها الزج باسم مصر لتشتيت انتباه الرأي العام الإسرائيلي، وعرقلة التوصل لصفقة لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والمحتجزين، وعرقلة جهود الوساطة التي تقوم بها مصر وقطر والولايات المتحدة". كما أكدت مصر في بيان صادر عن وزارة الخارجية اليوم: "رفضها لكافة المزاعم التي يتم تناولها من جانب المسؤولين الإسرائيليين في هذا الشأن".
وحملت مصر "الحكومة الإسرائيلية عواقب إطلاق مثل تلك التصريحات التي تزيد من تأزيم الموقف، وتستهدف تبرير السياسات العدوانية والتحريضية والتي تؤدي إلى مزيد من التصعيد في المنطقة". وأكدت مصر حرصها على مواصلة القيام بدورها التاريخي في قيادة عملية السلام في المنطقة بما يؤدي إلى الحفاظ على السلم والأمن الإقليميين ويحقق استقرار جميع شعوب المنطقة.
حملة التلقيح ضد شلل الأطفال
ميدانيا أعلنت منظمة الصحة العالمية أمس الثلاثاء أن حملة التلقيح ضد شلل الأطفال وسط قطاع غزة تسير "على مايرام" في الوقت الحالي، وأن المرحلة الأولى من التطعيم ستتطلب عشرة أيام أخرى على الأقل.
وقال ممثل المنظمة في غزة ريتشارد بيبيركورن خلال مؤتمر صحافي "يتعين علينا تطعيم 640 ألف طفل في جميع أنحاء قطاع غزة. في الواقع نحن ندير حملتين. لقد بدأنا المرحلة الأولى الآن وستجرى المرحلة الثانية في غضون أربعة أسابيع".
وبدأت المرحلة الأولى في 31 أوت، لكن الحملة واسعة النطاق بدأت الأحد، وهو الموعد الذي أعلنت فيه الأمم المتحدة عن "هدنة إنسانية".وأكد بيبيركورن عبر الفيديو من قطاع غزة "حتى الآن، تسير الأمور على ما يرام" مضيفا "نأمل أن يستمر ذلك، وأن تساهم فيه جميع الأطراف، لا يزال أمامنا 10 أيام، 10 أيام على الأقل" لاتمام هذه الجولة الأولى من التطعيم.وتجري حتى الآن عمليات التطعيم في المنطقة الوسطى من قطاع غزة.

ويبلغ إجمالي عدد الأطفال دون سن العاشرة الذين تم تطعيمهم حتى الآن 161 ألف طفل، "وهو ما يتجاوز الهدف المقدر بـ 156500 طفل" في هذه المنطقة، بحسب منظمة الصحة العالمية.وأوضح بيبركورن "ربما قللنا من تقدير عدد السكان في المنطقة الوسطى" من قطاع غزة.والخطة تتمثل في تطعيم 340 ألف طفل في جنوب القطاع و150 ألف في شماله.وأدى القصف والعمليات البرية الإسرائيلية على قطاع غزة ردا على هجوم حماس إلى مقتل ما لا يقل عن 40819 شخصا، وفقا لآخر أرقام لوزارة الصحة التابعة لحماس. وتؤكد الأمم المتحدة أن غالبية القتلى هم من النساء والأطفال.وتسببت الحرب في كارثة إنسانية وصحية ونزوح جميع سكان القطاع الذي يعد 2,4 مليون نسمة تقريبا.
رصد دمار هائل في طولكرم
ميدانيا أكدت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أن القوات الإسرائيلية انسحبت من مدينة طولكرم ومخيميها طولكرم ونور شمس، في الضفة الغربية المحتلة، بعد هجوم كبير استمر 48 ساعة وأسفر عن مقتل 4 فلسطينيين وإصابة آخرين ودمار كبير في البنية التحتية والممتلكات.
وقالت الوكالة إن "الاحتلال دمر شوارع رئيسية وشبكات المياه والصرف الصحي، واقتلع أعمدة كهرباء وهدم منازل ودمر مركبات".وفور انسحاب القوات الإسرائيلية، تمكنت طواقم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني والدفاع المدني من دخول مخيم نور شمس، الذي شهد مداهمات وإحراق منازل واعتقالات وتحقيقات ميدانية مع السكان طوال ساعات الهجوم.وأضافت "وفا": "شرعت طواقم البلدية بإزالة الأنقاض التي خلفها الاحتلال والسواتر الترابية من الطرقات، تمهيدا لإعادة تأهيلها خلال الأيام المقبلة".وتابعت: "ألحق عدوان الاحتلال على مخيم نور شمس دمارا كبيرا في البنية التحتية من شبكة المياه الرئيسية والصرف الصحي، وفي ممتلكات المواطنين من منازل ومحال ومنشآت تجارية، حيث لا يوجد شارع داخل المخيم إلا وطاله الدمار والتخريب".

وأضافت الوكالة: "وثقت مشاهد حجم الدمار الذي خلفه الاحتلال في شارع نابلس المحاذي لمداخل المخيم، وهو المدخل الرئيسي الشرقي للمدينة، حيث بات غير صالح للاستخدام من المركبات والمواطنين".كما "أدى تجريف الشوارع إلى إحداث أكوام ترابية مرتفعة، حالت دون تمكن المواطنين والمركبات خاصة الإسعاف من دخول المخيم إلا بصعوبة بالغة".
ووصف سكان الهجوم الإسرائيلي بأنه "الأعنف من حيث التدمير الواسع للبنية التحتية".ومن جهة أخرى، قالت "وفا" إن القوات الإسرائيلية اقتحمت بلدة عنبتا شرقي طولكرم، ليل الخميس، وجابت شوارعها الرئيسية، من دون أن يبلغ عن اعتقالات.كما اقتحمت القوات قرية حوسان غرب بيت لحم، ليل الخميس، وتمركزت في منطقة المطينة على المدخل الشرقي للقرية.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115