فكم "جميل لو بقينا أصدقاء "، لو نكون أصدقاء ونبقى أصدقاء مهما اختلفنا في اللون أو العرق أوالدين أو الفكر... في فلك هذا المعنى الإنساني يدور الفيلم الروائي الطويل لمحمد الزرن الذي يمثل سابقة تونسية وعربية في صنف "وان شوت".
يعود المخرج محمد الزرن إلى شاشة الفن السابع بفيلم "صديقي"، بعد أفلامه الشهيرة على غرار «السيّدة» و«الأمير» و«ديقاج» و«ليليا، بنت تونسية» الذي كان آخر أفلامه سنة 2016.
فيلم عن الأفارقة في تونس
في انزواء عن صخب الأضواء مفضلا التكتم والصمت، أنهى المخرج محمد الزرن تصوير فيلمه الجديد "صديقي". على امتداد حوالي ساعة ونصف من الزمن، تدور أحداث هذا الفيلم الروائي الطويل الذي أعاد مخرجه إلى الكاميرا بعد ثماني سنوات من الغياب. لا يستعجل محمد الزرن في الوقوف وراء الكاميرا وتصوير الأفلام بقدر ما يتمهل ويفكّر كثيرا قبل الانطلاق في تجربة جديدة أو مغامرة سينمائية فيها من أفكاره و قناعاته ورؤيته الخاصة للعالم الشيء الكثير !
يعود محمد الزرن بفيلم "صديقي" الذي يعكس الواقع الآن وهنا، ويتحدث عن تونس أو كل وضع مشابه في أي مكان وزمان من العالم. فقد علمت "المغرب" أنّ الفيلم يتحدث عن وجود الأفارقة جنوب الصحراء في بلدان غير بلدانهم ومعاناتهم من الميز العنصري...
ففي الوقت الذي تمتلك فيه القارة الإفريقية موارد طبيعية غنية ومناجم للذهب ومعادن ثمينة... تزداد رفاهية الدول المتقدمة على حساب تفقير إفريقيا ليغادرها الكثير من أبنائها مكرهين، فيموتون برا أو بحرا أو يعيشون حياة شقاء ...
بعيدا عن الجدل والانقسام في المواقف والآراء تجاه وجود أفارقة جنوب الصحراء في تونس ما بين متعاطف ورافض، يغوص فيلم "صديقي" في العمق في ملاحقة إنسانية الإنسان من خلال طرح موضوع كوني لا يخضع لتصنيفات الجغرافيا والسياسة والتمييز العرقي ... قد يجوز وصف الفيلم بأنّه سؤال كبير ومفتوح حول علاقة الأنا بالآخر، علاقة نحن بالآخرين ...
"مامادو" وفتحي العكاري في البطولة
بعد سنوات من الغياب، لا يعود المخرج محمد الزرن بفيلم جديد فحسب بل هي عودة مختلفة ومغايرة تقترح أسلوبا سينمائيا جماليا وفنيا لم تعهده السينما التونسية والعربية. ففي سابقة فنية في تونس والعالم العربي ، خاض محمد الزرن مغامرة تصوير فيلمه لروائي الطويل "صديقي" على طريقة "وان شوت" (فيلم اللقطة الواحدة). وحتّى على المستوى العالمي، تعد أفلام "وان شوت" على الأصابع نظرا لصعوبة هذه التقنية تصورا وتنفيذا وإخراجا.
في بطولة للشاب الإفريقي "مامادو" والفنان القدير فتحي العكاري وبمشاركة صابر السبتي والحبيب غزال ونبيل الهمامي ورمزي سليم... تتداعي الحكايات وتتواتر الأحداث في فيلم "صديقي" لتتلخص في قيم إنسانية كونية تنشد الإخاء والسلام.
ومن المنتظر أن تشهد الأشهر القليلة المقبلة العرض الأول لفيلم "صديقي" الذي سينتظره النقاد والجمهور بشغف لاكتشاف أول فيلم تونسي وعربي يتم تصويره على طريقة "وان شوت".