رائحته عطرة وألوانه تسرّ القلب والروح ومن تلون هذا البلد استلهم اكرم ميساوي تلويناته الموسيقية المختلفة، اختار الموسيقى تعبيرة عن حبه للمكان وللفكرة المتفردة.
اختار موسيقاه لتكون صوته، صوت الحالمين والمحبين الازليين، موسيقاه صدى للروح العاشقة والافكار الثائرة والألوان الموشاة بالصدق وعذوبة اللحن، موسيقاه رحلة الى الذاكرة، من اغاني "يمّاه" كانت الانطلاقة الالوى ليجوب جماليات موسيقية عصرية وحوّلها الى اغان مميزة تشبه روحه المحبة والحالمة.
"قوالة" اسم المشروع الموسيقي الذي قدّم عرضه الاول في فضاء خزندار الثقافي، على ذاك الركح الصغير المسكون بأحلام اصحاب المشروع كان الموعد مع جمهور جاء ليكتشف "القوالة" ويفهم الحكاية
فانتشى بايقاعات تونسية بروح عصرية ممتعة واستمتع باغاني من الموروث التونسي هي جزء من الذاكرة الجماعية لابناء هذا الوطن.
ثلاث آلات موسيقية ستكون سيدة الحفلة، البيانو والعود ومعهم سيد الايقاعات الكاخون يتوسط الجلسة ليكون محرار الانطلاق ونقطة العودة الدائمة الى اصدق لحظات الانسان حين يرقص منتشيا مع الموسيقى، ثلاث عازفين مميزين لكل منهم بصمته في العزف والايقاع اجتمعوا في "القوالة" ليقولوا للجمهور اجمل الكلمات ويمتعوهم بمنثور رائع من جمال الصور الشعرية التونسية، اكرم ميساوي عازف الكاخون ورفيقي الرحلة الموسيقية منعم ورتاني عازف العود وسهيل طرابلسي سيد البيانو والمسيطر على ايقاعاته الرومنسية المضمّخة بورود العشق وشغف الانصات.
تنسجم الايقاعات وتتسارع في فضاء خزندار واعدة الجمهور بلقاء فني حقيقي يدافع عن الاغنية والكلمة التونسية مع انفتاح على موسيقات العالم، يعلم "الكاخون" او "الربوخ" انطلاق العرض الموسيقي، يحادثه العود بموسيقاه الرقيقة معلنا هو الاخر قدرته على شد انتباه الجمهور وتسيير ركب الرحلة الموسيقية، اما البيانو فسيكون سلاحهم للراحة كلما اشتدت الايقاعات ثورة، سيكون صوتا للحكمة والهدوء وموزسيقاه الكلاسيكية ستحفر في اغوار الروح وبكي الاهذاب متى انصتت الارواح جيدا للايقاعات ولصوت سهيل الطرابلسي.
"قوالة" تجربة موسيقية جديدة تنطلق من البحث في الموروث الغنائي التونسي من شمالها الى جنوبها، نقطة البداية الاولى "بوزغام" من ولاية القصرين، هناك حيث التقطت اذن اكرم ميساوي اولى الايقاعات الموسيقية وهو سليل عائلة "غناية" في جهة القصرين، كبر اكرم على صور "يمّاه" خلف المنسج وهي تصنع الصوف وتصنع خبزها مترنمة باجمل ترانيم الحياة فالنساء يهربن للغناء كلما ضاقت بهنّ السبل والنساء يصنعن من الاغاني الياذة للفرح والحب، ومن هذه الذاكرة استلهم اكرم ميساوي ملامح مشروعه الموسيقي ومن روعة المنطوق التونسي انطلق في تكوينه الموسيقي والبحث لانجاز اغان خاصة به، تتماهى مع الموروث في جمالية الصورة الشعرية وشاعرية الكلمة.
الموسيقى جزء من الذاكرة، هي صوت الحضارة ورصيد ثقافي مميز لهذا البلد، الموسيقى جزء من الهوية التونسية والدفاع عن الهوية الموسيقية وحمايتها من الاندثار فعل نضالي ومسار ابداعي انخرط فيه اكرم ميساوي منذ تجارب سابقة مع "سراب" و"آنيا" ولعديد من الانتاجات التي بعثت للحياة جزء من موروث شفوي لازالت النساء تتناوله في محافل الاعراس واللقاءات.
للجمهور غنوا "منك مريض ارياف" و"نارو نار نارين" ومن الجديد قدموا اغاني "ريحة ياسمينك" و"نار" وغيرها من اغاني العشق، اغاني تماهت فيها ايقاعات موسيقية مخلتفة من البدوي التونسي الى الاندلسي والفلامنكو وموسيقى الغجر والايقاعات الامازيغية الصاخبة بالالوان والحب، ايقاعات من العالم انسجمت مع الكلمة التونسية والروح التونسية في الصور الشعرية المختزلة لصدى الجمال وامتداد الصحراء.
امام جمهور الفضاء الثقافي "خزندار" كان الموعد مع "قوالة" ارح اكرم ميساوي وسهيل طرابلسي ومنعم ورتاني بأجمل لايقاعات الموسيقية وصرحوا بقصص العشق والهوى لموسيقاهم ولبصماتهم الايقاعية المختلفة، انتشو مع موسيقاهم لصادقة وارواحهم لمرحة في عرض تونسي الروح وعالمي الموسيقى، عرض برائحة الذاكرة ولون متجدد مقبل على الحياة كالوان قوس قزح.