باعتباره أحد أهم المهرجانات السينمائية عبر العالم. منذ تأسيسه سنة 1946، أصبحت "السعفة الذهبية" لمهرجان "كان" حلم صنّاع السينما و اللقب الذي يطارده مبدعو الفن السابع. وبالرغم من تأكيد القائمين عليه بأنّ المهرجان خال من السياسية ولا يهتم سوى بالفن إلا أنه كثيرا ما يسقط في فخ "التسييس" لتتغلب الإيديولوجيا على السينما...
انطلقت منذ أيام الدورة 77 لمهرجان كان السينمائي والتي تسدل ستار الاختتام يوم 25 ماي الجاري. وقد أكدت هذه الدورة مرة أخرى على دور السياسة في تعديل ساعة المهرجانات الكبرى على توقيت الأحداث العالمية .
خيمة على شاطئ "كان" لعرض " أفلام من المسافة صفر"
لم يكتف مهرجان كان السينمائي في دورته السابعة والسبعين لهذا العام بأخذ مسافة من الحرب الطاحنة في غزة بل اتخذ موقف حاسما من القضية الفلسطينية معلنا تغييب أي شكل من أشكال التضامن مع الشعب الفلسطيني. وقد قررت إدارة المهرجان منع أي مظاهرات أو احتجاجات تساند فلسطين حتى أنها حظرت ارتداء أو حمل أي رموز مثل الدبابيس والأعلام التي تشير إلى التضامن مع فلسطين. وقد جاء هذا القرار بالرغم من الموافقة في البداية على ارتداء الفنانين العرب دبابيس تعلن عن موقف الدعم لغزة.
أمام الموقف الصريح لمهرجان "كان" من القضية الفلسطينية بدعوى "إبقاء المهرجان خارج القضايا السياسية" وفقا لبيان المهرجان، جاء الرد عن طريق مبادرة أو مشروع " أفلام من المسافة صفر " . على شاطئ مدينة كان الفرنسية، داخل خيمة خارج إطار الدورة الـ77 للمهرجان وبمعدل 22 فيلما يتراوح طولها بين 4 و6 دقائق، يتواصل بثّ على مدى ساعة ونصف أفلام روائية وأخرى وثائقية عن ملحمة الشعب الفلسطيني في غزّة. وهي مبادرة أطلقها المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي و دعمتها المنتجة التونسية السيدة درة بوشوشة.
وفي تصريح لإذاعة موزاييك ، كانت درة بوشوشة قد كشفت أنه تم إقصاء المخرجة التونسية كوثر بن هنية من لجنة تحكيم مهرجان كان بسبب موقفها من حرب الإبادة على غزة. وفي شهر فيفري الماضي، كانت كوثر بن هنية وخلال تسلم جائزة "سيزار" في باريس قد وجهت دعوة لوقف إطلاق النار في غزة. وقالت صاحبة فيلم "بنات ألفة" إن "وقف قتل الأطفال أصبح مطلبا جذريا" مشددة على أن "المذبحة يجب أن تتوقف". على مسرح الأولمبيا في باريس في حفل سيزار الـ49 ، صدحت كوثر بن هنية قائلة : "نعلم جميعا أن الأفلام لا تغير العالم، لكنها تغير علاقتنا بالعالم... إنه أمر فظيع للغاية ولا يمكن لأحد أن يقول إنه لا يعرف ما يحدث في غزة إنها أول مذبحة يتم بثها على الهواء مباشرة ونشاهدها على هواتفنا".
كيت بلانشيت ترتدي فستان مستوحى من علم فلسطين
أثارت نجمة هوليوود، الممثلة الأسترالية كيت بلانشيت في الساعات الأخيرة إعجاب المساندين للقضية الفلسطينية مقابل غضب الناشطين الإسرائيليين عند ظهورها على السجادة الحمراء في مهرجان كان بفستان تحيل ألوانه على العلم الفلسطيني، بإمضاء المصمم الفرنسي "جون بول غوتييه."
في العرض الأول لفيلم " ذو أبرينتس" عن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ، ظهرت كيت بلانشيت على السجاد الأحمر على السجادة الحمراء بفستان أسود وأبيض بطرفين شبه منفصلين ليخفيا ما بينهما اللون الأخضر وهو ما أعطى المشهدية صورة كاملة للعلم الفلسطيني المتكون من أربعة ألوان: الأسود والأبيض والأخضر والأحمر في توظيف ذكي لحضور السجاد الأحمر ليصبح جزءا من اللعبة.
وجاءت فكرة سفيرة الأمم المتحدة للنوايا الحسنة كيت بلانشيت لتكسر بشكل غير مباشر وفي منتهى الذكاء القواعد الصارمة التي وضعتها اللجنة المنظمة لمهرجان كان والتي حظرت أي شعار أو رمز يشير إلى فلسطين.
وكانت "بلانشيت" من الفنانين الذين طالبوا بوقف إطلاق النار في قطاع غزة، واشتركت في التوقيع على رسالة موجهة للرئيس الأميركي جو بايدن مع العشرات من الممثلين والفنانين في هوليوود منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر2023.
وسبق في سنة 2021 أن قرر مجموعة من الممثلين الفلسطينيين من أبطال فيلم "فليكن صباحا" مقاطعة دورة مهرجان كان السينمائي الدولي لهذا العام، وذلك احتجاجا على تصنيف اللجنة المنظمة فيلمهم على أنه فيلم إسرائيلي.