النظر في قرارا ختم البحث الصادر عن قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الارهاب في ما بات يعرف إعلاميا بملف التآمر على أمن الدولة، نفّذ محامو تونس صباح امس الخميس اضراب عن العمل.
نفّذ محامو تونس الكبرى امس الخميس، الموافق لـ2 ماي الجاري، اضراب حضوريا بمختلف المحاكم وذلك للتعبير عن رفضهم لما الت اليه الاوضاع في المرفق القضائي من "التضييقات التي تمارس يوميا تقريبا على لسان الدفاع وخاصة منهم المحامين الذين ينوبون في الملفات السياسية".
منع الصحفيين من دخول ساحة المحكمة
يبدو وانه أصبح منع الصحفيين من دخول المحكمة الابتدائية بتونس، من أجل تغطية سواءا الاضرابات او المحاكمات "قرارا رسميا". فبعد ما اثارته مسألة منع الصحفيين من مواكبة جلسات محاكمة المتهمين في قضية اغتيال الشهيد شكري بلعيد، فقد تمّ امس الخميس منع كذلك الصحفيين من دخول ساحة قصر العدالة من أجل مواكبة وتغطية اضراب الفرع الجهوي للمحامين بتونس والوقفة الاحتجاجية التي تم تنفيذها احتجاجا على ما اعتبروه "التضييقات التي تعرض لها لسان الدفاع أثناء ممارسته لحقه الطبيعي في الدفاع على الحقوق والحريات وتنديدا بتردي ظروف العمل داخل المرفق القضائي.
وقد اضطر المحامين للخروج الى شارع باب بنات لمواصلة تحركهم الاحتجاجي والتعبير عن مساندتهم للصحفيين. وقد اعتبر المحامون ان منع الصحفيين من تغطية الاضراب قرار غير مقبول.
"تضييقات غير مسبوقة"
في تصريح لـ"المغرب" قال رئيس الفرع الجهوي للمحامين العروسي زقير انّ هذا التحرك جاء على خلفية ما اصبح يعيشه المحامي اليوم من تضييقات في اطار العمل اليومي وفي اطار التضييقات التي مورست على المحامين الذين ينوبون في ملفات سياسية كملف التآمر على امن الدولة، حيث تعرّض المحامون إلى العديد من التضييقات . وقال زقير بأن الوكالة العامّة اصبحت تتعامل بطريقة غير مألوفة ولم يتم العمل بها مطلقا وذلك في اطار تقديم بطاقات الزيارة، حيث اصبح من الاجبار ان يقوم المحامو قبل يوم من الزيارة بتسجيل اسمه وفي اليوم الموالي يتحصل على بطاقة الزيارة وفي صورة ما اذا كان المتهم ينوبه مجموعة من المحامين (لجنة دفاع) فان الوكالة العامة ترفض منح بطاقات زيارة للجنة الدفاع كاملة وانما تشترط ان يقوم كل يوم احد المحامين بتسلم بطاقة زيارة بصفة فردية، علما وان ملفات الحال كبيرة جدا سواء من حيث الوثائق وطرق تنظيم الدفاع مما يستوجب ان تكون مجموعة المحامين كاملة متواجدة من حرفائهم. وهو تضييق غير مسبوق.
"مخالفة مجلة الاجراءات الجزائية"
من جهة أخرى قال العروسي زقير بانه "لا توجد اي تشكيات من ادارة السجون فقد تعاملت ادارة السجون واعوانها طيلة الـ14 شهرا السابقة بكل سلالسة وتعاون واحترام مع المحامين ، حتى قامت الوكالة العامة بمحكمة الاستئناف بتونس باعلام المحامين بان ادارة السجون قد طلبت بان يقوم كل يوم احد المحامين بتسلم بطاقة زيارة بصفة فردية. وقد طلب الفرع الجهوي للمحامين معرفة ان كان طلب ادارة السجن بموجب مراسلة او شفاهيا الا انه لم تتم الاجابة عن ذلك".
من جهة اخرى قال رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس "أن الاجراءات التي اتخذتها دائرة الاتهام لدى محكمة الاستئناف بتونس بخصوص وضعية ملف التآمر على امن الدولة مخالفة لمجلة الاجراءات الجزائية". وشدّد على انّ "المشرع قد حدد في مجلة الاجراءات الجزائية مدة الايقاف بطريقة لا يمكن باي حال من الاحوال ان يتجاوز 14 شهرا".
واضاف " كان من المفروض ان تقوم الادارة من تلقاء نفسها والقضاء بالافراج عن الموقوفين بعد مرور 14 شهرا".
"نحن مع دولة القانون"
قال رئيس الفرع الجهوي للمحامين العروسي زقير " نحن مع دولة القانون ومع دولة تحمي المواطنيين لكن يجب على الدولة وعلى القضاء احترام الاجراءات لان الاجراءات هي ضمان المحاكمة العادلة ، ذلك الى جانب ظروف العمل بالمحاكم".
وأضاف " نحن نرى اليوم ان كل محكمة لها توجه خاص بها. المبدأ هو ان تقوم مجلة المرافعات المدنية والتجارية بتنظيم العمل والاجراءات، لكن اليوم اصبحت كل محكمة لها توجه خاص بها، فالمحكمة تتمسك بانها المسؤولة على تعيين الجلسات المتعلقة بالقضايا المدنية والحال ان القانون يقول بان المحامي هو الذي يقوم باختيار الوقت المناسب والتاريخ مع احترام الاجراءات".
كما تطرق زقير كذلك الى مسألة التعطيلات على مستوى الكتابة وعلى مستوى تأخير القضايا، مشيرا الى ان الامر اصبح وكانه يخضع لمجلة جريان عمل وليس لمجلة مرافعات مدنية وتجارية. "كما هو الشأن للقضايا الاستعجالية التي يتم تعيين بعضها الى ما بعد اسبوعين او ثلاثة اسابيع والحال انها قضية استعجالية تستوجب البت فيها بصفة سريعة" وفق تعبيره.
واعتبر ان كلّ هذه الاشكالات من شأنها ان تفرغ الاجراء من القيمة القانونية.
نقص كبير في الاطار القضائي
من اسباب الاضراب الذي تمّ تنفيذه امس هو النقص الهام في الاطار القضائي وفي الكتبة وفي التضييقات كذلك التي يتعرض لها المحامي لدى باحث البداية.
وقد أكد الاستاذ العروسي زقير بانه قد تم الاتصال في العديد من المناسبات برؤساء المحاكم ومساعدي وكلاء الجمهورية بتونس الكبرى والوكالة العامة ورئيس محكمة الاستئناف، لكن لم يتم تسجيل تجاوب كبير في مسألة الحال.
واعتبر ان تردي المرفق القضائي بصفة عامة أصبح واضحا وجليا للعموم، كما انه اصبح يؤثر بصفة مباشرة على ايصال الحقوق الى اصحابها.
هذا وأكد رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس بانه قد تم الاتصال في اكثر من مناسبة بالادارة الجهوية للعدل قصد اعلامها بكافة الاشكالات المذكورة الا انه لم يتم تسجيل الا بعض الحلول ترقيعية فقط. وشدد في السياق نفسه على "ضرورة تدخل سلطة الاشراف من أجل حلحلة الاشكالات التي اصبحت تهيمن على المرفق القضائي والبحث، وبصفة جدية، عن حلول جذرية".