أن سياسة أمريكا في الشرق الأوسط تتخبط ويشوبها التناقض والتشويش ، مضيفا أنه عندما يأتي الأمر لإسرائيل التي ترتكب جرائم حرب وتنتهك القوانين الدولية ،تعمل أمريكا على تحقيق مهمة واحدة فقط وهي إيجاد الوسائل لتفلت إسرائيل من العقاب وتبرير قرارات وممارسات إسرائيل المخالفة لكل الأعرف والأخلاق والقوانين الدولية.
وتابع محدثنا "الثابت في كل حال أنّ سلة المهملات، التي تخصصها دولة الاحتلال لمقررات الأمم المتحدة عموماً ومجلس الأمن الدولي خصوصاً، استقبلت مؤخراً القرار 2728 وسوف تواصل استقبال المزيد على شاكلته. وأما خارج السلة فإن حرب الإبادة الإسرائيلية تزداد توحشاً وهمجية، على مسمع ومرأى الإنسانية جمعاء".
كيف ترون تأثير قرار مجلس الأمن الدولي على الحرب الدائرة في غزة ، وهل سيوقف إسرائيل ؟
في الغالب إن قرار مجلس الأمن الدولي الأخير 2728 سوف تلقي به اسرائيل في سلّة المهملات كبقية الـقرارات السابقة التي صدرت عن المجلس الامن ذاته منذ سنة 1967 وحملت أرقام 242، 338، 497، 1701، وصولاً إلى 2334 الذي يحث على إنهاء المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة واتسمت هذه القرارات أيضاً بامتناع الولايات المتحدة عن التصويت.
القرار الأممي الأخير يطالب بوقف فوري للحرب على غزة خلال شهر رمضان الكريم هو قرار غير ملزِم فعلياً لأنه لم يصدر تحت البند السابع رغم أن كل الدول التي صوتت مع القرار تطالب إسرائيل بالالتزام به . امتناع الولايات المتحدة عن إستعمال حق النقض الفيتوا أثار حالة من التخبط والتشوش والإرباك والقلق لدى السلطات الإسرائيلية ومؤسسات اللوبي الصهيوني في أمريكا. حكومة اليمين الإسرائيلية ورئيس وزرائها معني بهذا القرار الفريد والسجال المعلن حوله، ويحاول ترجمته لنقاط سياسية شخصية مقرونة بمواصلة التصعيد اللفظي مع الإدارة الأمريكية وإعلانه قرار عدم إرسال الوفد الوزاري ، الذي كان من المفترض أن يسافر لواشنطن من أجل التباحث في موضوع اجتياح رفح والبدائل الممكنة قبل صدور قرار الأمم المتحدة، قبل أيام صدرت بعض الإيحاءات أن نتنياهو أعطى بعض الأشتات بالتراجع عن قراره للضغط الداخلي حتى لا يصعد في حدة المواجهة مع أمريكا والتي أبدت امتعاضها من قرار نتنياهو عدم إرسال الوفد لأمريكا للتشاور حول خطة إسرائيل اقتحام رفح .
البعض يرجح أن الموقف الأمريكي في الأمم المتحدة،جاء على خلفية الخلاف المعلن حول اقتحام رفح. الذي يقطنها الآن أكثر من مليون وثمان مائة ألف من المهجرين الفلسطينيين. الكل يذكر ما قالته نائبة الرئيس كامالا هاريس، قبل أيام، إن دخول إسرائيل عسكريا لرفح سيكون غلطة كبيرة من شأنها تعميق عزلة إسرائيل في العالم وتأثير ذالك على أمريكا الداعم والمساند والحليف الأكبر لإسرائيل فسارع نتنياهو للرد عليها بصوته وصورته متحدياً الموقف الأمريكي، قائلاً إن إسرائيل ذاهبة لاجتياح رفح بكل الأحوال.
قرار مجلس الأمن 2728 صدر بعد مخاض ومفاوضات عسيرة شهدت مشاريع قرارات قاصرة المحتوى عن سابق قصد، أو مصاغة على نحو يذر الرماد في العيون تستبعد مسبقاً أي آفاق للتطبيق العملي، أو جرى تحرير لغتها على نحو متعمد يحيل إلى فيتو أمريكي تارة أو روسي تارة أخرى. وعلى امتداد ستة أشهر تقريبا من توحش حرب الإبادة الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين من أطفال ونساء وشيوخ في قطاع غزة. واشنطن ومنذ بدأ الحرب تعمل على إفشال أي مسعى لاعتماد نص في مجلس الأمن الدولي يطالب وبشكل صريح بوقف إطلاق النار.
كيف كان وقع قرار أمريكا الامتناع عن التصويت على إسرائيل؟
القرار الأخير يشمل فترة شهر رمضان فقط، أو الأيام القليلة التي تبقت منه على وجه التحديد، وهو صياغة الحد الأدنى التي تُدرج في فقرة واحدة وقف إطلاق النار والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن وكفالة إيصال المساعدات الإنسانية،رغم هشاشة القرار فإن دولة الاحتلال استشاطت غضباً من خيار واشنطن الامتناع عن التصويت.
ليس جديداً على نتنياهو من أن يُغلظ في القول بحقّ أي دولة سبق لها أن ساندت حرب الإبادة الإسرائيلية وتبدي اليوم بعض علامات التغيير نتيجة ضغوطات الرأي العام في البلد المعني، أو بسبب استفحال الهمجية الإسرائيلية ومواصلة ارتكاب جرائم الحرب وأسلحة التجويع والعقاب الجماعي لسكان القطاع المدنيين.
من المنطقي أن تدفع واشنطن اليوم ثمن انسياقها الأعمى خلف حرب الإبادة الإسرائيلية، والتواطؤ معها وحمايتها ودعمها ماليا وتزويدها بالأسلحة التي تفتك بالشعب الفلسطيني والعمل الدؤوب عل تجميل فظائع إسرائيل.
رغم معرفة الداني والقاصي أنّ إسرائيل لا تعطي وزنا لمجلس الأمن أو هيئة الأمم المتحدة ومنذ نشأة كيان إسرائيل حيث لم تعترف أو تلتزم بأي قرار منها رغم صدور حوالي 1000 قرار منذ سنه 1948. إسرائيل تعتبر نفسها فوق القانون الدولي كون كل الدول الكبرى والأقوى في العالم تتسارع أما في تأييدها المطلق والغير المشروط لإسرائيل أو في مساعدتها للإفلات من أية مسائلة أو عقاب لأي قرارات تصدر في حقها.
برأيكم لماذا امتنعت أمريكا عن التصويت؟
أمريكا امتنعت عن التصويت حتى تعطي صوره ايجابيه للعالم والشارع الأمريكي الغاضب من الحرب وفي غالبيته وحسب استطلاع غالوب الحديث يعارض سياسة بايدن اتجاه حرب إسرائيل في غزة والدليل أنّ أمريكا وبعد دقائق من صدور قرار مجلس الأمن سارعت لامتصاص غضب نتنياهو حيث صرحت سفيرتها لدى الأمم المتحدة بأن القرار 2728 «غير ملزم» من جهة أولى، ولا يمثل أي تغيير في الدعم الأمريكي «الحديدي» لدولة الاحتلال من جهة ثانية، بدليل استمرار تدفق الأسلحة والذخائر الأمريكية ومليارات الدولارات إلى آلة الحرب الإسرائيلية. جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض أكد ما قالته السفيرة الأمريكية قائلا رغم القرار فان أمريكا لن تغير سياستها الداعمة لإسرائيل.
غانتس والذي زار واشنطن أخيرا بدعوة من البيت الأبيض لتعزيز موقفه ومحاوله تهميش دور نتنياهو قال في تغريده، "على إسرائيل واجب أخلاقي بمواصله القتال حتى استعادة المخطوفين وإزالة تهديد “حماس"، ولكن ومع ذلك فإن علاقاتنا مع الولايات المتحدة هي ذخر لنا من المحظور التنازل عنها".واضح أن سياسة أمريكا في الشرق الأوسط تتخبط ويشوبها التناقض والتشويش عندما يأتي الأمر لإسرائيل كون الأخيرة ترتكب جرائم حرب وتنتهك القوانين الدولية وعلى أمريكا مهمة واحدة فقط وهي أن تجد الوسائل لتفلت إسرائيل من العقاب وان تعمل أمريكا على تبرير قرارات وممارسات إسرائيل المخالفة لكل الأعراف والأخلاق الدولية.
هناك أصوات دخل كيان الإحتلال تطالب باستقالة نتنياهو ، هل ستنهي حرب غزة طموح رئيس الوزراء السياسي؟
المعارضة الداخلية الإسرائيلية بدأت تتزايد ضد شخص نتنياهو والذي لم ينجز أهداف الحرب رغم مرور ستة أشهر عليها والمقرونة بإعادة المحتجزين لدي حماس، وإنهاء وجود حماس والسيطرة حد العسكرية علي القطاع ووضع نظام جديد يحكم القطاع.
جدّد رئيس حزب “يسرائيل بيتنا” وزير الأمن الأسبق أفيغدور ليبرمان حملته على نتنياهو، بقوله للإذاعة العبرية إنه لا يفهم هذه الخلافات المعلنة. ويمضي في انتقاداته: “شهدنا في السابق اختلافات في الموقف، لكننا أبقيناها داخل الغرف بعيداً عن الإعلام. علينا تقليل الأقوال وزيادة الأفعال، وهذا ينطبق على رفح. الآن لا نملك قوات كافية لاجتياح رفح.كما رجح ليبرمان أن نتنياهو يفعل ذلك عمداً لكسب نقاط مقابل جمهوره الحزبي. ويضيف: “هذه الحكومة أخذتنا نحو العزلة. نتنياهو يضحي بكل مقدرات إسرائيل على مذبح بقائه في السلطة”.
العالم الآن بدأ يتعامل على أن منطقة الشرق الأوسط محمية أمريكية ولا أحد يحق له التدخل في شؤون المنطقة. وهذا أحد أسباب تجاهل إسرائيل لقرار مجلس الأمن الداعي لوقف إطلاق النار في غزة والذي قد يشجع دولاً على فرض عقوبات عليها. هكذا قال خبراء في القانون الدولي، ووفق قولهم فإنه على الرغم من أن مجلس الأمن نفسه لا يتوقع فرض عقوبات على إسرائيل، لكن القرار، الذي يضاف إلى إجراءات قانونية دولية أخرى تجري ضد إسرائيل، قد يعطي دعماً لدول مختلفة لقطع علاقاتها مع إسرائيل ووقف التجارة معها، وهكذا يعزلها سياسياً واقتصادياً.
كيف ترون قرار محكمة العدل الدولية الأخير، هل ستتجاهله إسرائيل أيضا؟
أصدرت قبل أيام محكمة العدل الدولية قرارا صعبا في حق إسرائيل يطالب بإدخال المساعدات الإنسانية للقطاع وتقديم تقرير خلال شهر عن هذه التسهيلات هذا تم بعد تقديم جنوب أفريقيا طلبات إضافية للمحكمة، في إطار القضية التي رفعتها ضد تل أبيب بتهمة ارتكاب “إبادة جماعية” في قطاع غزة.
ومطلع مارس الجاري، طالبت جنوب أفريقيا محكمة العدل الدولية باتخاذ إجراءات طارئة إضافية ضد إسرائيل بسبب “المجاعة واسعة النطاق” التي نتجت عن حربها الشرسة ضد قطاع غزة.وتقيّد إسرائيل، منتهكةً القوانين الدولية، وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، ولا سيما برا، ما تسبب في شح إمدادات الغذاء والدواء والوقود وأوجد مجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين في القطاع الذي تحاصره منذ 17 عاما، ويسكنه نحو 2.3 مليون فلسطيني في أوضاع كارثية.
وتواجه إسرائيل أيضا اتهامات فلسطينية ودولية باستخدام “التجويع” سلاحا في غزة، بما يرقى إلى مستوى “جريمة حرب”، وتدعوها الأمم المتحدة إلى فتح المعابر البرية لإغراق القطاع بمساعدات إنسانية قبل أن تلتهم المجاعة المزيد من سكانه.
الثابت في كل حال أن سلة المهملات، التي تخصصها دولة الاحتلال لمقررات الأمم المتحدة عموماً ومجلس الأمن الدولي خصوصاً، استقبلت مؤخراً القرار 2728 وسوف تواصل استقبال المزيد على شاكلته. وأما خارج السلة فإن حرب الإبادة الإسرائيلية تزداد توحشاً وهمجية، على مسمع ومرأى الإنسانية جمعاء.