وصلت الأوضاع في قطاع غزة إلى مرحلة أكثر من كارثية رغم التحذيرات الدولية المستمرة . ويقول مسؤولو الإغاثة الدوليون إن الأطفال يموتون جوعا وإن مجاعة تلوح في الأفق بسبب صعوبات إدخال الإمدادات إلى القطاع . فعلاوة على التصعيد العسكري الصهيوني المتزايد تستعمل إسرائيل سلاح التجويع لمزيد التنكيل بالفلسطينيين بعد عجزها عن حسم الحرب الدائرة منذ السابع من أكتوبر المنقضي . ووفق آخر إحصائيات وزارة الصحة أمس ارتفعت حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية إلى 31 ألفا و272 شهيدا و73 ألفا و24 مصابا منذ 7 أكتوبر. وإلى جانب التصعيد الميداني داخل قطاع غزة ، تزداد حدة التوتر في المنطقة خاصة الحدود الجنوبية مع لبنان ما يهدّد بمزيد تفجر الأوضاع والوصول إلى مرحلة عدم القدرة على السيطرة على الحرب.
وأعلن المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ''أونروا'' فيليب لازاريني أن عدد الأطفال الذين قُتلوا في غزة منذ 7 أكتوبر أكبر من عدد الأطفال القتلى في حروب العالم خلال 4 سنوات.جاء ذلك في منشور بحسابه على منصة "إكس" أمس الأول.ووصف لازاريني الإحصائيات المتعلقة بالأطفال الذين قتلتهم إسرائيل في غزة بـ"الصادمة".
وأوضح لازاريني أن عدد الأطفال الذين قتلوا في قطاع غزة التي تستهدفها الهجمات الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر، يفوق إجمالي عدد الأطفال الذين قتلوا في حروب العالم خلال السنوات الأربع الماضية.وأضاف لازاريني "هذه حرب على الأطفال، حرب تُشن على مستقبل الأطفال".وشارك لازاريني رسم بياني تم إعداده بناءً على بيانات الأمم المتحدة ووزارة الصحة الفلسطينية في غزة، يظهر عدد الأطفال الذين قُتلوا في غزة في الفترة من 7 أكتوبر إلى 29 فبراير وعدد الأطفال الذين قُتلوا في الحروب في السنوات الأربع الماضية.وأظهر الرسم البياني أن عدد الأطفال الذين قتلوا في الحروب خلال السنوات الأربع الماضية بالعالم بلغ 12 ألفا و193، بينما بلغ عدد الأطفال الذين قُتلوا في غزة أكثر من 12 ألفا و300 طفلا.
ودعا لازاريني إلى وقف فوري لإطلاق النار من أجل أطفال غزة.ورغم دخول شهر رمضان، تشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023 خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".
ووفق تقارير إعلامية فقد استشهد العشرات من الغزاويين وأصيب آخرون بجروح مختلفة، في قصف الاحتلال المتواصل على مختلف مناطق القطاع، فيما واصلت المقاومة عملياتها وسط استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية، حيث وصل السكان إلى شفا المجاعة، مع دخول اليوم الثالث لشهر رمضان المبارك.وأخطر ما سجل في بداية الشهر ما تردد من معلومات تفيد بأن الكثير من العائلات في خيام النازحين في غزة لم تتناول الإفطار.
وفي السياق، ندد الممثل الأعلى للسياسة الأمنية والخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، باستخدام الجوع ''سلاحا للحرب'' في غزة، في خطاب ألقاه أمام مجلس الأمن الدولي.
توسيع الحرب إلى سوريا ولبنان
من جهته أعلن لبنان، أمس الأربعاء، أنه يعتزم تقديم شكوى ضد إسرائيل في مجلس الأمن الدولي لاستهدافها "المدنيين" في محيط مدينة بعلبك شرق البلاد.
وقالت الخارجية اللبنانية، في بيان، إن وزيرها عبد الله بوحبيب أوعز إلى بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة بتقديم شكوى ضد إسرائيل في مجلس الأمن وفق الأناضول.
وأرجعت الأمر إلى "سلسلة اعتداءات إسرائيلية تعتبر الأعنف، بتاريخ 11 و12 الحالي، استهدفت المدنيين في مناطق سكنية في محيط مدينة بعلبك وقرى مجاورة، ما أسقط ضحايا وجرحى من المدنيين والآمنين العزل".وقُتل شخصان وأصيب 12 آخرون، الاثنين والثلاثاء، في سلسلة غارات إسرائيلية استهدفت بعلبك على بعد نحو 100 كلم عن "الخط الأزرق" الفاصل بين لبنان وإسرائيل.وشددت الخارجية على أن "الأمر الذي يدعو إلى المزيد من القلق هو أن يأتي هذا التصعيد في مناطق بعيدة عن الحدود الجنوبية اللبنانية".
واعتبرت أن "ذلك يدل على رغبة إسرائيل بتوسيع الصراع وجر المنطقة بأكملها إلى حرب قد تبدأ شرارتها من هكذا أعمال عدوانية، وتتحول إلى حرب إقليمية تسعى وراءها الحكومة الإسرائيلية كحبل نجاة للخروج من مأزقها الداخلي".
وحثت الخارجية اللبنانية المجتمع الدولي على "الضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها المستمرة بوتيرة تصاعدية".ودعت "أعضاء مجلس الأمن مجتمعين" إلى "إدانة الاعتداءات الإسرائيلية ضد لبنان، والعمل على تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701 بالكامل، للوصول إلى استقرار دائم وطمأنينة على حدود لبنان الجنوبية".
من جهته قال د. خيام الزعبي الكاتب والأكاديمي السوري بجامعة الفرات لـ''المغرب'' أنّ حالة "الرعب" التي تسود إسرائيل هذه الأيام، ووصلت إلى درجة التهديد علانيةً بقَصف دِمشق، يعرف حجم التخبط والجنون الذي أصاب نتنياهو هذه الفترة.
وتابع أنّ القراءة الإسرائيلية المتعمقة تقول بوضوح إنه لا يوجد أي سبب يجعل الكيان الإسرائيلي سعيداً هذه الأيام لما يجري في غزة تحديداً من خلال صمودها ، لأنه بحسب محللين عسكريين فإن رجال المقاومة يتقدمون ويحققون مكاسب كبيرة في عدد من جبهات القتال ويكبدون الجيش الإسرائيلي ومن وراءه يومياً خسائر فادحة في المعدات والأرواح، ويبدو أن الخوف من أي انتصار من قبل المقاومة بات له التأثير المباشر على الكيان .
وأضاف محدثنا " كل ذلك سيجعل إسرائيل أمام حقيقة واحدة مفادها بأن ليس لديها أي قدرة على التأثير في المنطقة، وهذا ما يؤكد بما لا يدع مجال للشك بأن المشروع الأمريكي - الإسرائيلي يواجه سقوطاً وفشلاً ذريعاً في فلسطين، وأدلة الفشل على ذلك كثيرة، بدءاً بفشل إسرائيل في تحقيق أي أهداف أو مكاسب سياسية، وأن مشروع تقسيم قطاع غزة قد انهار بعد أن انكشفت كل خيوط اللعبة التي أدارتها أمريكا وحليفتها إسرائيل''.
وتابع ''حاولت إسرائيل استهداف مواقع داخل سوريا "مطار دمشق الدولي" تحت ذريعة كسر التوازن وادعاء بأن هناك سلاحاً إيرانياً أو سوريّاً في طريقه إلى حزب الله والى المقاومة في غزة، لكن إسرائيل تخشى الإنتصار السوري على الجماعات المسلحة المدعومة إسرائيليا وأمريكيا، الذي سيفتح أبواب جهنم عليها وعلى من يدعم المتطرفين، لذلك جاء هذا العدوان لرفع المعنويات المنهارة للجماعات المسلحة، خاصة وأن الجيش السوري يواصل تحقيق الإنتصارات على كافة الجبهات''.
وأضاف "عكس الرد الإسرائيلي المحدود على الصواريخ التي أطلقت من جنوب لبنان وقطاع غزة هواجس المؤسسة الإسرائيلية من حرب شاملة مع محور المقاومة، وحملت في طياتها العديد من الرسائل التي توحي بعدم جاهزية الجبهة الداخلية في إسرائيل لحرب على عدة جبهات التي تفضي الى توحيد الساحة اللبنانية مع جبهتي غزة والضفة الغربية، فضلاً عن استعداد إيران وسوريا والمقاومة في العراق واليمن للتصعيد في مواجهة الهجمات الاسرائيلية". أكد الزعبي ''بالتالي إن سوريا هي الجبهة الأكثر قابلية للاشتعال بتداعيات حرب غزة بالنظر لجملة عوامل معقدة ومتداخلة، أبرزها أن سورية رسمياً هي في حالة حرب مع إسرائيل بسبب منطقة الجولان، فضلاً عن العلاقات التي تربط دمشق بحزب الله اللبناني وطهران وبمختلف فصائل المقاومة، والتي تستهدف المصالح والقواعد الأمريكية والغربية في كل من سوريا والعراق، مما يضاعف من خطر انزلاق الأمور نحو مواجهة مفتوحة تتحول إلى حرب واسعة بين الإسرائيليين والأمريكيين من جهة، والجيش السوري وحلفائه من جهة أخرى''.
شهداء وجرحى
في الموازاة، شنت طائرات الاحتلال الحربية ثلاث غارات استهدفت منازل في حي الزيتون، جنوب شرق مدينة غزة، ما أدى إلى سقوط 10 شهداء، وإصابة نحو 20 مواطنا، كما استشهد في مدينة غزة ثلاثة مواطنين، تم نقلهم إلى مجمع الشفاء الطبي.
في حين سقط 4 شهداء وأصيب آخرون في قصف الاحتلال منزلين في مخيم جباليا. كما أعلنت مصادر طبية عن استشهاد ثمانية مواطنين، وعدد من المفقودين، إثر قصف منزل لعائلة أبو سنجر في دير البلح. وفي بلدة القرارة شمال خان يونس، انتشلت جثامين 11 شهيدا، بعد أن دمرت الطائرات الحربية مربعا سكنيا كاملا في المنطقة.وحسب وزارة الصحة في غزة، فإن الاحتلال ارتكب 8 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة راح ضحيتها 72 شهيدا و129 إصابة خلال 24 ساعة.
بن غفير يدعو إلى بدء الحرب على لبنان
ومع تفاقم التصعيد على الجبهة الجنوبية اللبنانية بين حزب الله وإسرائيل، دعا وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير زميله وزير الحرب يوآف غالانت على البدء بالحرب فوراً، إذ توجّه إليه بالقول "الجيش مسؤوليتك ويجب بدء الحرب على لبنان الآن"، مضيفاً “توقفوا عن نشر الفيديوهات وابدأوا بالرد والهجوم الآن".
غير أن حزب الله أبدى استعداده للرد على أي عدوان، بحسب ما أعلن نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم، الذي قال “إن الحزب مستعد بجهوزية عالية للرد على أي عدوان”، مضيفاً “العين بالعين والسن بالسن.. ولنترك الميدان يحسم الخيارات”.
وبعد غارات عنيفة شنّها الطيران الحربي الإسرائيلي على منطقة بعلبك حيث استشهد المواطن مصطفى علي غريب، قصف حزب الله مقر قيادة الدفاع الجوي والصاروخي في ثكنة “كيلع” والقاعدة الصاروخية والمدفعية في “يوآف” ومرابض المدفعية المنتشرة في محيطها بأكثر من 100 صاروخ كاتيوشا.