سواء في ساحات الاحتجاجات أو حتى في الزنزانات...ولأنّ ما بين تونس وفلسطين من وشائج التضامن التاريخي ما يضيق المجال عن ذكره، فقد سعى الفنان التونسي الزين الحداد إلى دعم القضية الفلسطينية بأغنية تعبّر عن ملحمة غزّة رمز العزة في الصمود والمقاومة والدفاع عن الأرض والعرض.
يرتكب الكيان الصهيوني على أرض فلسطين من البشاعة والفظاعة والوحشية ما يثير الاشمئزاز بسبب انتفاء الإنسانية من قلوب صمّاء كالحجر. أمام هول الحرب في غزة اليوم بعد "طوفان الأقصى"، يكون اللجوء إلى الفن بلسما للجراح ووسيلة للمقاومة والتأثير وحشد الصفوف لمناصرة القضية.
تحمل أغنية الفنان الزين الحداد اسم " يا غزّة " وهي من كلمات الشاعر السوري حسام البغدادي وألحان الملحن السوري نضال الشوا وتوزيع الموزع التونسي نادر الشريف. وقد كانت ولادة هذا العمل الفني التونسي - السوري على إثر التواصل عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" ، حيث اجتمع المطرب التونسي والشاعر والملحن السوريين على نصرة فلسطين التي لم يجد هذا الثلاثي أنبل من الفن الصادق لتقديمه إلى غزّة في محنتها التي لقنّت الشعوب دروسا في النضال وفي الوطنية.
في "ميكساج" للفنان محسن الماطري وبمشاركة ثلة من خيرة الموسيقيين التونسيين تم تسجيل أغنية "يا غزة" في الأستوديو. لكن المطرب الزين الحداد اختار أن يمنح أغنيته بعدا فرجويا ومشهدية تخاطب حاسة النظر كما السمع، فقرر تصويرها في شكل فيديو كليب.
وإن عوّل الفنان الزين الحداد على حسابه الخاص في تسجيل وتصوير أغنية "يا غزّة"، فإنّ بلدية تونس ثمنت هذا المشروع الفني ومكنته من تصوير فيديو كليب الأغنية في فضاء المسرح البلدي بالعاصمة الذي يعتبر تحفة فنية فريدة المعمار والنقوش.كما وضعت سفارة فلسطين بتونس على ذمة الفنان الزين الحداد مجموعة من الصور عن طوفان الأقصى لاستعمالها في عملية المونتاج.
يطمح الزين الحداد إلى التعريف بأغنية "يا غزّة" على نطاق عربي واسع من خلال توزيعها على عديد المحطات التلفزيونية المناصرة للقضية الفلسطينية. ولأول مرّة في مسيرته لا يغني الزين الحداد باللهجة التونسية بل يصدح باللهجة السورية من أجل عيون فلسطين. وتقول كلمات أغنية "يا غزّة" :
بتبكي الحجر والغيم والمطر
أطفال عم توعى أطفال موجوعة - أصواتهم لعنا مسموعة
يا أم عم تغرق بدموعها - وحاملة أحزانها بضلوعها
يا قلب انكسر أحجارك عم تحكي عنك - الله معك ولا يهمك
يا غزة دمنا من دمك - وكل العرب من يمّك
لك نحن بشر
والطير يالي عشه عالشجر - كرمالك بس طار وهجر
فلسطين الرايه المرفوعه - صعب عليهم يطفو شموعها
والأقصى رح نفرح برجوعه
رغم الألم
لا شك أنّ "يا غزّة" هي أغنية تتجاوز مجاز الكلمات لتطلق صرخة غضب على ما يحدث في غزة ولتعزف على وتر القيم الإنسانية المنتهكة في فلسطين أين يباد الأطفال صباحا ومساء أمام مسمع ومرأى العالم.
لقد غنّى الزين حداد لغزّة في أداء وألحان وكلمات تطرب لها النفوس المقهورة والعيون الدامعة، فيترنم المستمعون بكلمات الأغنية في مغالبة للانكسار وللهزيمة على أمل تحرير القدس ولو طال الزمن.