وتحديدا في منطقة خان يونس أين تدور معارك برية ضارية مع فصائل المقاومة تكاد -بحسب عديد المراقبين- تحسم شكل نهاية الحرب وملامح المرحلة القادمة .
فحصيلة الخسائر العسكرية التي يتكبّدها الاحتلال هي الأعلى منذ بدء هجومه البري على قطاع غزة منذ السابع منذ أكتوبر، وتعد بذلك ثاني أقوى ضربة لجيش الاحتلال بعد اقتحام حماس لغلاف غزة وتمكنها مع فصائل أخرى من أسر إسرائيليين . فهل ستكون معركة خان يونس مفصلية في حرب غزة ..هذه الحرب التي فجرّ فيها الاحتلال كل جنونه وعبثه وعنجهيته لينفذ مجازر بالجملة غير مسبوقة في التاريخ الحديث للبشرية .
يأتي ذلك فيما تتزايد الجهود الدولية للتوصل إلى هدنة في وقت اشتدت فيه حدة الحرب . وأعلن الناطق باسم جيش الإحتلال الإسرائيلي أن 24 جنديا بينهم 21 "من قوات الاحتياط" قتلوا الاثنين، في الحصيلة الأعلى ليوم واحد . ويرى مراقبون بان الحصيلة قد تكون اعلى نظرا لان حكومة نتنياهو تتعمد إخفاء خسائرها الحقيقة خشية من الرأي العام الداخلي في إسرائيل الذي يضغط من اجل إتمام صفقة الأسرى مع حماس بكل السبل . وتحمل أسر الرهائن الإسرائيليين نتنياهو مسؤولية مقتل عديد الأسرى وأيضا تعثر صفقة التبادل .
يشار إلى أن إعلان "كتائب القسام" الجناح المسلح لحركة حماس بدء عملية عسكرية باسم "طوفان الأقصى" من غزة "بضربات نوعية استهدفت مواقع ومطارات وتحصينات عسكرية للعدو يوم 7 أكتوبر المنقضي ، مثل تغيرا نوعيا في إستراتيجية المقاومة في مواجهة الإحتلال وضربة غير مسبوقة للمنظومة الأمنية والإستخباراتية الإسرائيلية . ورغم الرد الإسرائيلي العنيف المستمر إلى حد اللحظة ، والذي استهدف المدنيين وتجمعات سكنية ومستشفيات وسيارات إسعاف وخلف حصيلة مفزعة من الضحايا ، لم ينجح ذلك في تجاوز الفشل الذريع الذي تكبدته إسرائيل إستخباراتيا وأمنيا في عملية طوفان الأقصى .
وبحسب تقارير، دخلت مجموعة من جنود احتياط من اللواء 261 إلى منطقة المغازي وسط قطاع غزة، وبالتنسيق مع وحدة الهندسة، عمل الجيش على زرع ألغام في 10 مبان استعداداً لتفجيرها. وكانت المهمة على وشك الإنتهاء، إلاَ أنّ الجناح العسكري لحماس تمكّن من إطلاق قذيفتي "أر بي جي"، الأولى نحو دبابة ميركافا أدت لإصابة جنديين، والثانية أطلقت على المبنى المفخخ، ما أدى إلى تفعيل المتفجرات وانهيار مبنيين على من بداخلهما.وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عن فتح تحقيق في ما وصفه ب"الكارثة".
تصعيد في خان يونس
وعن الوضع في غزة اكد الصحفي الفلسطيني سامر العنبتاوي لـ" المغرب " ان الإحتلال طالب الأهالي والنازحين بالنزوح في خان يونس إلى مكان آخر وبشكل فوري ، وتابع :" يبدو أن الجيش يخطط لعملية انتقامية ردا على مقتل جنوده والضربة التي تلقاها في المعارك التي حصلت في خانيونس. وقد نزح ما لا يقل عن 1,7 مليون شخص من أصل سكان غزة البالغ عددهم 2,4 مليون من منازلهم، الكثير منهم باتّجاه الجنوب."
وطلب جيش الإحتلال الاسرائيلي من سكان خانيونس، أمس الثلاثاء، الانتقال إلى المنطقة الإنسانية في المواصي، وهي منطقة على البحر المتوسط وغير بعيدة عن الحدود مع مصر.وقال أفيخاي ادرعي، في منشور تم بثه باللغة العربية على حسابه على منصة "إكس": "إلى سكان منطقة خانيونس في أحياء النصر، الأمل، مركز المدينة والمخيم في بلوكات 112-107، من أجل سلامتكم عليكم الانتقال فورا إلى المنطقة الإنسانية في المواصي عن طريق شارع البحر".
من جهتها أعلنت "كتائب القسام" الجناح العسكري لحركة حماس أمس الثلاثاء، قتل ثلاثة جنود إسرائيليين آخرين وإصابة عدد آخر في تفجير غرفة مفخخة بجنوب قطاع غزة .وقالت "القسام"، في منشور أوردته وكالة الصحافة الفلسطينية ( صفا) على منصة إكس : "تمكن مجاهدونا من تفجير غرفة مفخخة مسبقاً في قوة صهيونية راجلة مما أدى لمقتل ثلاثة جنود صهاينة وإصابة عدد آخر غرب مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة".
وأشارت إلى استهداف ثلاثة جرافات إسرائيلية من نوع D9 ودبابة من نوع "ميركفاه" بقذائف "التاندوم" و "الياسين 105" غرب مدينة خانيونس .وتشير الأرقام العسكرية لارتفاع حصيلة قتلى الجنود الإسرائيليين إلى 220، لقوا حتفهم منذ أن بدأت إسرائيل العملية البرية بقطاع غزة في أواخر أكتوبر الماضي، كما أصيب أكثر من 1200 آخرين.
مقترح ''إسرائيلي'' بهدنة جديدة
هذا ووفق تقارير فقد اقترحت ''اسرائيل'' على حماس، عبر الوسيطين القطري والمصري، هدنة لشهرين في الحرب الدائرة بين الطرفين، وذلك مقابل إطلاق الحركة سراح جميع الرهائن الذين تحتجزهم في قطاع غزة. ولا يعني هذا الاقتراح نهاية الحرب في القطاع، بل هدنة ثانية بعد تلك التي استمرّت أسبوعا وأتاحت إطلاق سراح حوالي مئة من الرهائن الذين اختطفتهم حماس من جنوب إسرائيل خلال هجومها غير المسبوق على الدولة العبرية في السابع من أكتوبر.
وينصّ الاقتراح الإسرائيلي ، على الإفراج عن جميع الرهائن المحتجزين في غزة على مراحل، تشمل أولاها النساء المدنيات، والرجال الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاما.أما في المراحل اللاحقة فيتمّ الإفراج عن النساء العسكريات ثم عن الرجال المدنيّين الذين تقلّ أعمارهم عن 60 عاماً، ثم عن العسكريين الرجال، وأخيراً عن جثامين الرهائن.
وفي إطار الخطة يتعيّن على إسرائيل وحماس الاتّفاق مسبقاً على عدد السجناء الفلسطينيين الذين سيتمّ الإفراج عنهم مقابل كلّ رهينة يتمّ إطلاق سراحها، وذلك وفقاً للفئة التي تنتمي إليها هذه الرهينة، ومن ثم الاتفاق على أسماء السجناء الفلسطينيين الذين سيتمّ الإفراج عنهم، بحسب موقع '' أكسيوس''.
ترفض الحكومة الإسرائيلية في المقابل التفكير على المدى الطويل في "حل الدولتين"، اي إقامة دولة فلسطينية تعيش الى جانب اسرائيل، وهو ما حضها عليه الاثنين وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي خلال لقاءات في بروكسل.
واجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الـ27 مع نظيرهم الإسرائيلي قبل الاجتماع لاحقا وبشكل منفصل مع نظيرهم الفلسطيني رياض المالكي. وأجرى وزراء خارجية مصر والأردن والسعودية بدورهم محادثات مع الوزراء الأوروبيين. وبعد أربعة أشهر على العملية، يؤكد مراقبون أن العالم بدأ يرى الوجه الحقيقي للاحتلال وعجزه الأمني والاستخباراتي في قطاع غزة رغم إمعانه في ارتكاب مجازر وإبادة جماعية في القطاع المحتل وخارجه أيضا .
فقد مثلت الحرب في غزة ضربة موجعة لرئيس وزراء الإحتلال بينامين نتنياهو ولحكومته اليمينية المتطرفة ، وتسببت في فقدانه ثقة الشارع الإسرائيلي الذي تنامت داخله دعوات لإقالته ومطالب بمحاكمته أيضا وسط تنامي غضب أهالي الرهائن ، فيما يرى البعض أنه يخوض حربا ضد القطاع من أجل منفعته الشخصية ولتبرير فشله. الأمر الذي سيجعل نتنياهو أمام ضغط كبير داخل الكيان خاصة من عائلات الأسرى الإسرائيليين الذين تلقوا وعودا من حكومة الاحتلال بتحرير أبنائهم .
ويرى منتقدو نتنياهو أنه فاقد للحس الإستراتيجي ماتسبّب في فشل المنظومة الأمنية والإستخباراتية في استباق عملية طوفان الأقصى وهو ماخلف انقساما سياسيا وشعبيا إسرائيليا متفاقما يزيد من الضغوط المفروضة على نتيناهو.
إلى جانب التأثيرات الداخلية لهذا الفشل، يرى مراقبون أن تراكمات الحرب في غزة بدءا بالفشل الإستخباراتي الإستراتيجية وصولا إلى عجز سلطات الاحتلال عن تحقيق "نصر حقيقي" في قطاع غزة في ظل استمرار صمود المقاومة ، كل ذلك مثل هزيمة ثقيلة وغير مسبوقة يتكبدها الإحتلال .
حزب الله يقصف قاعدة عسكرية في شمال إسرائيل
من جانبه أعلن حزب الله اللبناني أمس الثلاثاء استهداف قاعدة ميرون "للمراقبة جوية" في شمال اسرائيل رداً على عمليات اغتيال اتُهمت إسرائيل بتنفيذها مؤخراً في المنطقة.وهذه المرة الثانية التي يستهدف حزب الله قاعدة ميرون التي تضمّ منشأة عسكرية إسرائيلية تتولى عمليات المراقبة الجوية لسلاح الجو الإسرائيلي. وأعلن قصفها في السادس من الشهر الحالي بعشرات الصواريخ رداً على مقتل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري في بيروت.
وقال حزب الله في بيان "استهدف مجاهدو المقاومة الإسلامية قاعدة ميرون للمراقبة الجوية في جبل الجرمق للمرة الثانية وذلك رداً على الاغتيالات الأخيرة في لبنان وسوريا والاعتداءات المتكررة على المدنيين والمنازل في قرانا الصامدة".وأشار إلى أنه تم قصف القاعدة "بعدد كبير من الصواريخ المناسبة وحققوا فيها إصابات مباشرة".وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الثلاثاء "نحن جاهزون، لا نريد الحرب لكننا مستعدون لمواجهة أي وضع يحصل في الشمال".
واغتيل خلال الأسابيع الماضية العاروري في ضاحية بيروت الجنوبية، معقل حزب الله، والقيادي في الحرس الثوري الإيراني رضي موسوي قرب دمشق، والقيادي العسكري في حزب الله وسام الطويل في جنوب لبنان.