تم الإعلان فجر امس عن هدنة إنسانية بـ 4 أيام يمكن ان تمهّد الطريق لطي صفحة هذه الحرب التي أثبتت عجزا وفشلا استخباراتيا وأمنيا إسرائيليا منذ انطلاقة عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي . فحتى اليوم لم تتمكن إسرائيل -رغم كل الترسانة العسكرية التي تمتلكها ورغم كل الصواريخ الذي أسقطت على غزة والتي تعادل قنبلة نووية او اكثر -...فان تل ابيب وحكومة نتنياهو المتطرفة لم تنجح في تحرير أية أسرى لدى الفصائل الفلسطينية مثلما وعدت الداخل الإسرائيلي ونجحت فقط في حصد المزيد من أرواح الأطفال والنساء بعد ان خلفت الحرب أكثر من 14 ألفا و128 قتيلا فلسطينيا، بينهم أكثر من 5 آلاف و840 طفلا و3 آلاف و920 امرأة، فضلا عن أكثر من 33 ألف مصاب، 75 بالمائة منهم أطفال ونساء .
وأعلنت حماس بأن اتفاق الهدنة هو انتصار للمقاومة الفلسطينية لانها تمت وفقا لشروطها التي حددتها ، في حين ان حكومة الاحتلال خرجت أمام الإسرائيليين وليس في يدها سوى أشلاء أطفال غزة ودماؤهم النازفة كبصمة عار على جبين العالم .
وتبدأ صباح اليوم الخميس على الساعة الـ10 صباحا ، الهدنة الإنسانية بـ4 أيام قابلة للتمديد في قطاع غزة وذلك بعد نجاح جهود وساطة مشتركة بين مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية. وتضمن اتفاق عدة بنود ستدخل حيز التنفيذ اليوم. وتثير الهدنة المعلنة عدة تساؤلات ملحة على علاقة بالحرب ومآلاتها بالإضافة مايمكن أن تحمله من متغيرات على صعيد العمليّات العسكرية وأيضا السيناريوهات التي قد تلي هذه الهدنة وهل بإمكانها فتح الأبواب أمام اتفاق دائم لوقف الحرب في غزة .
خسارة إسرائيلية؟
ويقول الباحث السوري خيام الزعبي لـ" المغرب " أن إسرائيل تخسر حربها للسيطرة على غزة، هذه الحرب فضحتها وكشفت الأوراق وأسقطت كل الأقنعة وأظهرت إفلاس سياسة إسرائيل العدوانية في المنطقة، وجعلتها تتخبط لأن رجال المقاومة يواصلون سحق القوات الإسرائيلية، ما جعل من المعادلة أن تنقلب على الأرض وتعيد الحسابات من جديد خصوصاً بعض الدول التي راهنت على إسقاط غزة وتغيير وجه المنطقة" وأضاف :" . كما توقعنا، هزيمة قاسية لإسرائيل في غزة، فالخطط والاستراتيجيات التي وضعت وعُمل عليها منذ بداية الحرب تعرضت للتعثر والفشل، الحرب التي أريد لها أن تسقط غزة وتقضي على دول محور المقاومة، تراجعت حدّتها لمصلحة المحور نفسه، فالكيان الصهيوني يشعر انه على وشك خسارة الحرب في غزة، ولهذا فهو في حالة بحث عن أوراق ووسائل جديدة لحفظ نفوذه من خلال افتعال وخلق ذرائع جديدة لاستمرار الحرب على غزة وهي جزء من المخطط الذي وضعته إسرائيل لتدمير غزة."
بعد شهر من الحرب على غزة، عجزت إسرائيل وحلفاؤها العلنيون والسريون عن حسم هذه الحرب، ولم تنجز في قطاع غزة أي انتصار ملموس سوى تدمير البنى التحتية وقتل المدنيين، ومن الجدير بالذكر هنا القول أن الانتصارات التي يحققها رجال المقاومة الفلسطينية من شأنها أن ترجح الكفّة لصالح المقاومة في أي مفاوضات سياسية قادمة لوقف هذا العدوان.
وعلى خط مواز، وجهت المقاومة لطمة قوية لمغامرات إسرائيل الجنونية، فلم تفق بعد من صدمة العملية التي تعرضت لها في السابع من أكتوبر الماضي، كما أنها تتعرض لإطلاق الصواريخ المستمر وخسائر جيشها في ارتفاع، فالثمن الذي دفعه ويدفعه الاحتلال الصهيوني كبير جداً بكل المقاييس، إذ فقدَ الاحتلال توازنه وعقله، وتكبد خسائر فادحة، بشرياً، واقتصادياً، وسياسياً، وعسكرياً، فقد قتل المئات وجرح الآلاف وأسر العشرات من جنود الاحتلال، وأجبر الاحتلال على إجلاء عشرات الآلاف من سكان المغتصبات.
على الصعيد الاقتصادي هناك خسائر بمليارات الدولارات، نتيجة تدهور قيمة الشيكل، وتوقف حركة الطيران، والشلل التام في القطاع السياحي، والخسائر الجسيمة في البورصة، وخسائر في قطاع الطاقة، بالإضافة إلى التكاليف المباشرة للحرب. وبالتالي ستصبح إسرائيل في المرحلة المقبلة عبئاً اقتصادياً وسياسياً على الولايات المتحدة الأمريكية وعلى الغرب المنهك اقتصادياً من خلال دعمه لأوكرانيا والمليارات التي أنفقها على تسلحيها.
أما على الصعيد السياسي تعرضت الحكومة اليمينية المتطرفة برئاسة نتنياهو لضربة موجعة ستؤثر حتماً على مستقبله السياسي، فقد أظهر استطلاع للرأي أن 80% من الإسرائيليين يحملون نتنياهو المسؤولية عن التقصير في توفير الحماية لمغتصبات غلاف غزة، وعسكرياً تعرض جيش الاحتلال لهزيمة عسكرية مذلة على أيدي المقاومة الفلسطينية،وفق محدثنا.
وساطة قطرية ومصرية
ورحّبت السلطة الوطنية الفلسطينية بـ"اتفاق الهدنة الإنسانية" على ما أفاد مسؤول فلسطيني كبير داعية مجددا مجددا "إلى وقف تام للعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وإدخال المساعدة الإنسانية". يشار الى ان قطر ومصر لعبتا دورا محوريا في هذه الهدنة . وفجر أمس الأربعاء، أعلنت وزارة الخارجية القطرية في بيان، "نجاح جهود الوساطة المشتركة مع مصر والولايات المتحدة بين إسرائيل وحركة حماس والتي أسفرت عن التوصل إلى اتفاق لهدنة إنسانية سيتم الإعلان عن توقيت بدئها خلال 24 ساعة ".
وجاء البيان القطري عقب إعلانين في وقت سابق الأربعاء، من جهة الحكومة الإسرائيلية وحركة "حماس" عن موافقتهما على اتفاق الهدنة.ولعلّ الأهم الآن فرضيات ما بعد الهدنة هي الأهم الآن خاصة وأنّ الالتزام سيكون مقياسا لمدى نجاح الاتفاق من عدمه ، يراهن البعض على وقف دائم لإطلاق النار في حال تم الالتزام ببنود الهدنة المذكورة.
ويوم 7 أكتوبر 2023 شنت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة عملية أسمتها "طوفان الأقصى" على إسرائيل، وشملت هجوما بريا وبحريا وجويا وتسللا للمقاومين إلى عدة مستوطنات في غلاف غزة.ويرجع سبب تسمية المقاومة لعمليتها بـ"طوفان الأقصى" إلى الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة للمسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية في مدينة القدس.
واستطاعت المقاومة خلال أيام قليلة السيطرة على عدة مستوطنات وأماكن في الغلاف، وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي إن العمليات والاشتباكات توزعت على 8 مواقع بمحيط الغلاف منها معبر بيت حانون (إيريز) وكفار عزة وقاعدة زيكيم العسكرية ومستوطنات ناحل عوز وبئيري وماغن وقاعدة رعيم العسكرية وفق تقارير إعلامية .وأعلنت إسرائيل قطع الماء والكهرباء عن قطاع غزة، وإغلاق جميع المعابر والمنافذ المؤدية إليه، وهددت بضرب أي شاحنات إغاثة للقطاع تأتي من مصر عبر معبر رفح، فتراجعت قوافل الإغاثة المصرية.
وفي سياق الجهود الدولية لحلحلة الوضع وإرساء هدنة طويلة الأمد من شأنها إيقاف نزيف شهداء فلسطين ، يراهن المجتمع الدولي على ضرورة إنجاح الهدنة الراهنة .
أهم بنود اتفاق الهدنة
ووفق بيان صادر عن حركة حماس تتمثل أهم بنود الإتفاق في :وقف إطلاق النار من الطرفين، ووقف كل الأعمال العسكرية لجيش الاحتلال في كافة مناطق قطاع غزة، ووقف حركة آلياته العسكرية المتوغلة في قطاع غزة .
إدخال مئات الشاحنات الخاصة بالمساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية و الوقود، إلى كل مناطق قطاع غزة، بلا استثناء شمالاً وجنوباً.
إطلاق سراح 50 من محتجزي الاحتلال من النساء والأطفال دون سن 19 عام، مقابل الإفراج عن 150 من النساء والأطفال من أبناء شعبنا من سجون الاحتلال دون سن 19 عاماً وذلك كله حسب الأقدمية .
وقف حركة الطيران في (الجنوب)على مدار الأربعة أيام.
وقف حركة الطيران في (الشمال) لمدة 6 ساعات يوميا من الساعة 10:00 صباحا حتى الساعة 4:00 مساء.
خلال فترة الهدنة يلتزم الاحتلال بعدم التعرض لأحد أو اعتقال أحد في كل مناطق قطاع غزة.
ضمان حرية حركة الناس ( من الشمال إلى الجنوب ) على طول شارع صلاح الدين.
وتابعت حماس ''إنَّ بنود هذا الاتفاق قد صيغت وفق رؤية المقاومة ومحدداتها التي تهدف إلى خدمة شعبنا وتعزيز صموده في مواجهة العدوان، وعينُها دوماً على تضحيَّاته ومعاناته وهمومه، وأدارت تلك المفاوضات من موقع الثبات والقوة في الميدان، رغم محاولات الاحتلال تطويل أمد المفاوضات والمماطلة فيها.إننا في الوقت الذي نعلن فيه التوصل لاتفاق الهدنة، فإننا نؤكد أن أيدينا ستبقى على الزناد، وكتائبنا المظفرة ستبقى بالمرصاد للدفاع عن شعبنا ودحر الاحتلال والعدوان.وقالت الحكومة الإسرائيلية في بيان لها أنها "وافقت على الخطوط العريضة للمرحلة الأولى من الاتفاق''.
فيما قالت تقارير أن إسرائيل ستحصل على إطلاق سراح 30 طفلا و8 أمهات و12 امرأة أخرى.في المقابل، سيستفيد الفلسطينيون من وقف لإطلاق النار لمدة 4 أيام، يصاحبه وقف لإطلاق المسيّرات الإسرائيلية 6 ساعات يوميا، والإفراج عما لا يقل عن 150 امرأة وقاصرا فلسطينيا، كما سيسمح الاتفاق لـ300 شاحنة مساعدات إنسانية بالدخول يوميا إلى غزة، إضافة إلى توفير الوقود والمساعدات المالية.
مواقف دولية مرحبة
وأثار اتفاق الهدنة الموقعة ترحيبا دوليا وردود أفعال مساندة حيث رحبت وزارة الخارجية الأردنية، أمس الأربعاء، بالتوصل إلى الاتفاق الهدنة في غزة، مشيدة بالجهود التي بذلتها قطر بالشراكة مع مصر والولايات المتحدة الأمريكية في هذا الصدد.
وشددت الوزارة في بيان، على "أهمية أن تكون هذه الهدنة خطوة تفضي إلى وقف كامل للحرب المستعرة على قطاع غزة، وأن تسهم في وقف التصعيد واستهداف الفلسطينيين وتهجيرهم قسريا".
من جهتها قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، لوكالة تاس الروسية للأنباء، إن موسكو ترحب بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية بشأن هدنة إنسانية لمدة أربعة أيام.
وأضافت زاخاروفا أن "موسكو ترحب باتفاق وقف إطلاق النار لمدة أربعة أيام بين إسرائيل وحماس، وهو ما دعت إليه روسيا منذ تصاعد الصراع"، بحسب ما ذكرته وكالة تاس الروسية للأنباء.
كما رحّبت الأمم المتحدة الأربعاء بالاتفاق بين إسرائيل وحركة حماس لإطلاق سراح رهائن وهدنة في قطاع غزة، لكنها قالت إنه "لا يزال ينبغي القيام بالكثير".
وأكد الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة في بيان أن أنطونيو غوتيريش "يرحب بالاتفاق المبرم بين إسرائيل وحماس بوساطة قطرية وبدعم من مصر والولايات المتحدة"، مضيفا "هذه خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح"، لكن "لا يزال ينبغي القيام بالكثير".
بدوره، رحّب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس بالاتفاق على منصة "إكس" وشدد كذلك على أن ذلك "ليس كافيا لوضع حد لمعاناة المدنيين".
كما قالت تركيا إنها تأمل في أن يساهم الاتفاق المبرم بين إسرائيل وحركة حماس لإطلاق سراح رهائن وهدنة في غزة، في إنهاء الصراع بشكل كامل.وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان "نأمل في أن تساعد هذه الهدنة الإنسانية على إنهاء الصراع بشكل كامل في أقرب وقت ممكن وإطلاق عملية نحو سلام عادل ودائم على أساس حل الدولتين".
ورحّب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأربعاء بالتوصل إلى الاتفاق بوساطة مصرية قطرية أمريكية.وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أنّه "راضٍ تماما" عن توصّل إسرائيل وحماس إلى اتفاق وقال في بيان أصدره البيت الأبيض "أنا راضٍ تماما لأنّ بعض هذه النفوس الشجاعة... سيتمّ لمّ شملها مع عائلاتها ما أن يتمّ تنفيذ هذا الاتّفاق بالكامل".
ورحّبت المملكة المتحدة باتفاق الهدنة معتبرة أنه "خطوة أساسية" للرهائن ول"حل الأزمة الإنسانية".وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كامرون في بيان "يشكل هذا الاتفاق خطوة أساسية باتجاه توفير الارتياح لعائلات الرهائن ومعالجة الأزمة الإنسانية في غزة".
ورحبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين "بحرارة" بالاتفاق، داعية إلى "الاستفادة من هذا التوقف" ل"تكثيف" المساعدة الإنسانية.
وأعربت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني عن "ارتياح كبير" بعد إعلان الاتفاق الذي من شأنه أيضا أن "يسمح بهدنة إنسانية ضرورية في غزة".
كما رحّب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالاتفاق وقال إنه يعمل "بلا هوادة لضمان إطلاق سراح جميع الرهائن". بدورها، قالت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا إن باريس تأمل بأن يكون فرنسيون بين الرهائن الذين سيفرج عنهم في إطار الاتفاق.