الثورة حيث تعالت الأصوات المطالبة برفع الستار عن السجون التونسية وعن دهاليز وزارة الداخلية وما يجري فيها من تعذيب ،موضوع كان من المحرمات ولا يمكن الخوض فيه حتى بالتلميح ،اليوم وبفضل مكسب حرّية التعبير أصبح ملفا للنقاش إذ يمكن الحديث عن وضع السجون والمساجين في تونس وخاصة النساء منهم،لهذا الغرض تحدّثنا مع سيّدة مبارك عضو الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب التي قدّمت لنا بعض المعطيات حول المرأة السجينة.
وللتذكير فإن السجون التونسية وخاصة المتعلّقة بالرجال تعاني من ظاهرة الاكتظاظ،وضع دقّت لأجله نواقيس الخطر لأنه أصبح لا يطاق وظروف إيواء المساجين أقل ما يقال عنها أنها متردّية،ففي ظلّ السعي إلى تحقيق مسار انتقال ديمقراطي ناجح لا بد من استراتيجية إصلاحية شاملة وواضحة المعالم تشارك فيها كلّ الأطراف المتداخلة.
السجينات في أرقام
تحدّثت سيدة مبارك عضو الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب عن لجنة المرأة والطفولة والأشخاص ذوي الإعاقة والفئات في وضعية هشة عن المرأة السجينة في تونس بلغة الأرقام فقالت إن «العدد الجملي للسجينات حسب تصريحات وزارة العدل هو في حدود 650 سجينة 400 منهنّ موجودات بالسجن المدني بمنوبة (رقم اقل من طاقة استيعاب السجن بقليل) وهو السجن الوحيد في تونس الخاص بالنساء فيما البقية أي في حدود 250 سجينة موزعين بين أجنحة النساء في سبعة سجون من بينها صفاقس،سوسة،حربوب بمدنين،الكاف،جندوبة وقفصة» أما عن نسبة السجينات اللاتي بحالة إيقاف فقد بلغت حوالي 68 % في سجن منوبة،من جهة أخرى فقد أوضحت مبارك أن عدد السجينات الحوامل والمرضعات بلغ حوالي 30 امرأة ، 13 منهنّ تقريبا في سجن منوبة والبقية موزعين على بقية الأجنحة سالفة الذكر.عندما نتحدّث عن سجينات فإن الموضوع يأخذنا إلى مسألة مهمة وهي الأطفال (الإناث) وظروف إيوائهم داخل السجن سواء مع أمهاتهن أو بالمراكز الخاصة بهنّ،هنا قالت محدثتنا» هناك سجينة طفلة في سجن منوبة والباقي في إصلاحية المغيرة» ،علما وأنه قد تم إحداث وحدات للام والطفل خاصة بالسجينات المرضعات والحوامل.
ماذا عن تعذيب السجينات؟
المرأة هي من بين الفئات الهشة والمستضعفة فهل هذه النقطة الهامة يتم احترامها وأخذها بعين الاعتبار في التعامل مع السجينات وهل يتعرّضن للتعذيب ؟ الإجابة تأتينا من سيدة مبارك التي قالت “بخصوص التعذيب لم نسجل حالات بمعنى التعذيب ولكن هناك ظروف صعبة نتيجة المنظومة التشريعية في حد ذاتها والتي لا تراعي احتياجات المرأة الخاصة ولا تتعامل مع المرأة كفئة مستضعفة وهشة ولا تراعي أن لها عائلة وأبناء أو أنها حامل فالمفروض أن المنظومة القضائية تأخذ هذه المسائل بعين الاعتبار لتجنبها أكثر ما يمكن دخول السجن وفصلها عن عائلتها ولا بد من تفعيل العقوبات البديلة مثل السوار الالكتروني وتأجيل العقاب بالنسبة للمرأة الحامل وتفعيل مبدأ الصلح بالوساطة الذي من صلاحيات النيابة العمومية وتعميم مكاتب المصاحبة على غرار تجربة سوسة.
«قواعد بانكوك»
يبدو أن وضعية السجينات بالسجن المدني بمنوبة وغيره من الأجنحة الخاصة بالنساء في بقية السجون لا يختلف عن سجون الرجال التي لا تتماشى مع المعايير ومع حقوق الإنسان،في هذا السياق أوضحت مبارك انه” على مستوى ظروف الإقامة فهي لا تحترم قواعد بانكوك الخاصة بمعاملة النساء السجينات فهناك ضعف النظافة الصحية فليس هناك رعاية صحية قبلية وبعدية كما تنص عليها قواعد بانكوك،غياب الرعاية الصحية كالتي تتمتع بها أي امرأة خارج السجن حسب المعايير إضافة إلى ضعف الرعاية النفسية والاجتماعية.هناك أيضا سوء معاملة داخل السجن بسبب نظام الكبرانة التي تمارس تسلطها على زميلاتها وتستغلهن فضلا عن مشكل على مستوى الحالة النفسية وضعف الإحاطة خاصة بالنسبة للواتي هن متهمات في قضايا أخلاقية فتنبذهن عائلاتهن وتحرمن من أبنائهن ولا يزورهن أحد فيدخلن في حالة اكتئاب وينطبق هذا الأمر كذلك على سجينات محكومات بمدة طويلة إضافة إلى رفض المجتمع لهن عند خروجهن من السجن. فلا يستطعن الاندماج وذلك بسبب ضعف برامج التأهيل داخل السجن”.
سجينات قضايا الإرهاب
بعد الثورة دخل صنف آخر من السجينات في جدول الموقوفات أو المحكوم عليهنّ وهنّ الإرهابيات اللاتي تورطن في عمليات إرهابية على غرار فاطمة الزواغي وغيرها،هنا يطرح السؤال عن كيفية إيوائهن في السجون و الأخذ بعين الاعتبار مدى خطورتهنّ على بقية السجينات،في ذات السياق علّقت سيدة مبارك عضو الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب فقالت” بالنسبة للنساء المسجونات من أجل قضايا ذات صبغة إرهابية هن موجودات في سجن النساء بمنوبة في غرف مشتركة مع بقية السجينات ولكن المراقبة مشدّدة عليهنّ وقد بلغ عددهن في حدود 60 سجينة أغلبهنّ موقوفات “.