حتى وان أدت الأشهر الأولى من فيروس كورونا إلى تقلص في عدد الاحتجاجات لكنها لم تمنع من افتكاك بعض القطاعات لصدارة الحراك الاجتماعي ولم تمنع من انتشار الاحتقان الاجتماعي في نهاية السنة ودخول عديد ولايات الجمهورية في إضرابات جهوية عامة.
خلال الأشهر الأولى من سنة 2020 ومع فرض الحجر الصحي خلال شهر مارس لم تتوقف التحركات الاحتجاجية حتى وان كان نسقها اقل من السنوات التي سبقت خلال نفس الفترة بسبب فيروس كورونا وطغت عليها احتجاجات القطاع الصحي المطالب بتوفير المستلزمات الطبية لمجابهة الجائحة الا ان نسق الاحتقان الاجتماعي سرعان ما تطور وارتفع وخاصة اثر إعلان اتفاق الكامور الأخير وبرزت معه ظاهرة التنسيقيات والاعتصام التي تغلق مصانع الإنتاج دون ان ننسي القانون 38 المتعلق بمن طالت بطالتهم .
كما عرفت الأشهر الأخيرة الإعلان عن جملة من الإضرابات العامة الجهوية المعلن عنها من قبل المنظمة الشغيلة ومختلف مكونات المجتمع المدني التي طالبت فيها الولايات بتمكينها من حقوقها و تطبيق الاتفاقيات السابقة على غرار ما حصل في تطاوين واعتصام الكامور حيث نفدت ولاية باجة والقيروان وجندوبة اضربات عامة وأعلنت ولايات أخرى تنفيذ اضرابات عامة في بداية 2021 وهي صفاقس وسليانة وقفصة وتوزر والقصرين...
وعموما وفق ارقام المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الى حدود نهاية شهر نوفمبر تم رصد اكثر من 7600 تحركا احتجاجيا(مقابل 9091 خلال كامل سنة 2019 و9365 خلال كامل سنة 2018) شملت كل الولايات وتركزت أساسا في ولايات القيروان (1255 احتحاجا) وقفصة(1457 احتجاجا) وتطاوين(661 احتجاجا) وسيدي بوزيد (805 احتجاجا) وتونس (710 احتجاحا) في سنة لم تكن استثنائية من حيث الحجم الاحتجاجي لكنها كان استثنائية من حيث تنوع الفاعلين في ديناميكيات الاحتجاج الذي شارك فيه مواطنون وجهات ومعطلون وفلاحة وبحارة وفنانون وصحافيون وقضاة وأطباء ومثقفون ونشاط من المجتمع المدنى امام البرلمان
ومن حيث الاليات المعتمدة والتي اتجهت اكثر نحو الاشكال الاحتجاجية الأكثر ضغطا وجلبا للاهتمام بحثا عن تفاعل مفقود مع المطالب، حيث عمدت التنسيقيات الى غلق مواطن الإنتاج واضرب القضاة على سبيل المثال لأسابيع ونفد الأطباء وكافة القطاع الصحي يوم غضب وطنى واحتج الصحفيون ... وحتى النواب داخل المجلس .
كما كانت سنة 2020 اسثنائية من حيث وصول اكثر من 12800 مهاجرا غير نظامي نحو السواحل الإيطالية منهم 1800 قاصر (بمرافقة ودون مرافقة) وهجرة اكثر من 300 عائلة جماعيا رغم كل الإمكانيات الأمنية واللوجستية لمراقبة السواحل والتي نجحت في منع اكثر من 13000 مهاجر اخر من الوصول وهي ارقام لم يقع تسجيلها منذ سنة 2011.
وكانت أيضا الطبقة السياسية من بين الأسباب التي أدت الى الخروج الى الشارع من خلال خطابها التمييزي الظلامي حول المرأةوانصرافها الى مواضيع هامشية لا تلتقي مع انتظارات عموم المواطنين .
تعمق التفاوت سيدفع سنة 2021 فئات عديدة للانخراط في الفعل الاحتجاجي تشبثا بالحقوق الدستورية وبكرامة العيش والعدالةوسيدفع فئات اخرى لمحاولة الهجرة غير النظامية رغم كل الاجراءات الامنية ورغم سياسات الترحيل القسري الجماعي
تحركت الفئات المحتجة محليا وجهويا وقطاعيا نتيجة سياسات الدولة التي كرست التفاوت وعجزت عن تحقيق انتظارات التونسيات والتونسيين هذا النسق سيتواصل وقد يخفت احيانا لكنه سيعود بأكثر قوة ضد مواصلة نفس التمشيات الاقتصادية ، فمعضلة فسفاط قفصة المتواصلة مند سنوات عادت لتصدر المشهد من جديد وكذلك غيرها من الاعتصامات ..