لا يستجيب لواقع تونس. ذلك ليس الاشكال بل يبدو انه ورغم مرور عقد لم نستطيع تحديد الاولويات ولا منطلق الاصلاحات.
إشكال مرّده ليس فقط الارادة السياسية لمن تعاقبوا على الحكم منذ 2011 بل في تعطل الية انتاج الثورة وخلقها، اي في الازمة الهيكلية للاقتصاد التونسي الذي تخلت فيه الدولة منذ سنوات عن عملية التخطيط المركزية التي اعتمدتها في بداية دولة الاستقلال لتحقيق طفرة اقتصادية وبناء نواة للاقتصاد التونسي.
اقتصاد ظل حبيس تصورات السبعينات، مع تجربة الهادي نويرة التي وفرت دينامكية في الاقتصاد التونسي بسن قانون 1972 الذي شجع المؤسسات الاقتصادية على الاستثمار في تونس بتقديم امتيازات ابرزها في الجانب الجبائي. وهو تصور شارف على ختم عقده الرابع منذ تنزيله.
تصور كان يبحث عن خلق الثروة وتنميتها وزيادة القدرات الإنتاجية، وحقق المراد منه وبلغ اقصاه منذ التسعينات لكن الدولة التونسية لم تقدم على اي تغيير جذري في منوالها التنموي بل اكتفت ببعض التعديلات والإصلاحات الجزئية دون تغيير جوهري في منوال التنمية الذي ادى إلى احتدام الفوارق بين جهات البلاد.
فكانت الثورة في 2011/2010 ردّا طبيعيا على هذه الاختلال الذي كشفته لاحقا عديد البحوث والتقارير الوطنية والدولية التي اجمعت على استنتاج وحيد وهو « فشل المنوال التنموي» الذي افرز اختلالا طال الجوانب الاجتماعية والثقافية والجهوية. فمؤشرات التنمية الجهوية تبرز عمق الفجوة بين مناطق البلاد في جميع المجالات من بنية أساسية وخدمات
فجوة باتت كثقب اسود تبتلع كل شيء حولها، لننتهي في 2021 الى وضع اقتصادي ومالي كارثي. لكن ورغم ذلك لا توجد بوادر توحي بأننا في طور استيعاب ما يحدث والبحث عن الانقاذ بوضع تصورات للإصلاح مفصلة ومحددة التكلفة توفر مخططا حتى ولو كان اوليا لمنوال تنمية جديد.
منوال وقع الحديث والوعد بتغيره دون ان تتطابق الخطابات مع الواقع، بل ان مخطط التنمية 2020/2016 الذي سوق على انه مخطط للاقلاع لم يتحقق ولو النزر القليل منه لاسباب عديدة، تتعلق بالجانب السياسي والمالي بالاساس. كما ان مخطط 2025/2021 لم يستكمل بعد رغم ان الاجال التي رسمت لتقديمه انتهت منذ جويلية الفارط.
وهذا يطرح الاشكالية الفعلية، وهي ان مواقع تدخل الدولة والإصلاحات المحددة معلومة. ولكن كيف يقع تمويلها؟ ومن اين تنطلق؟ ذلك ما ظل معطلا ومتعثرا لأسباب سياسية حالت دون ان تتمكن البلاد من توفير استقرار ومناخ يسمح لها بان تجعل الاقتصادي أول اولوياتها.
وجعل الاقتصاد اولوية ليس بان يصبح موضوع الخطاب السياسي او الوعود. بل في ان يقع التفكير والعمل والتخطيط للانطلاق في الإصلاحات التي تتأجل بسبب غياب التمويلات والموارد المالية اللازمة لها، سواء أكانت هذه الاصلاحات تتعلق بالبنى الفوقية او البنية التحتية، فانها غير ممكنة دون تكلفة.
والتكلفة هنا لم تتوفر لتوقف الية الانتاج في تونس منذ عشر سنوات. فالبلاد لم تخلق ثروة ولم تستغل مواردها لتخلق انتعاشة اقتصادية او تنطلق في عملية تغيير المنوال التنموي ليكون منوالا قائما على الذكاء والقيمة المضافة، وسبب ذلك انعدام رؤية شاملة.
فما قدم من بوادر لتغيير المنوال التنموي او من مخططات الاصلاح ليس الا خطوطا عريضة ونقاطا عامة. غير مجدولة ولا محددة الاجال والتكاليف واقعيا. فهي وفي افضل حالاتها خطط غير دقيقة تصطدم بالواقع مع اول محاولة لتنفيذها.
الامثلة على ذلك بالعشرات، وهو ما يبين ان البلاد تواجه ازمة متشعبة، اولها سياسية وثانيها غياب التصورات والتخطيط وثالثها محدودية قدراتها المالية في ظل تعطل اليات الانتاج، مما يفرز في النهاية هذا المشهد .
الاصلاحات الهيكلية الكبرى ومنوال التنمية المتعثر : من أين نبدأ..؟
- بقلم حسان العيادي
- 09:43 13/11/2021
- 1053 عدد المشاهدات
يبدو ان تحديد الخلل وعدم قدرة البلاد على ان تجد حلولا لأزماتها رغم مرور 10 سنوات منذ اقرالجميع بان منوال التنمية أصبح