ودراسات إسلامية وعلوم إنسانية واجتماعية وعلوم رياضية وطبيعية... وتفاعلا مع الشأن العام أدلى عدد من أعضاء «بيت الحكمة» بدلوهم في قراءة قرارات الرئيس قيس سعيد ومقاربتها سياسيا وقانونيا واقتصاديا...
لا تزال القرارات الرئاسية الأخيرة تثير الجدل وتسيل الحبر وقد عبّر بعض «المجمعيين» عن آرائهم ومواقفهم من خلال مقالاتهم المنشورة أو عبر صفحاتهم الرسمية على شبكة «فايس بوك».
عياض بن عاشور:
الرئيس منح نفسه صلاحيات ديكتاتور حقيقي
طعن أستاذ القانون الدستوري عياض بن عاشور في قرارات الرئيس قيس سعيد الأخيرة معتبرا أنّ «الانتهاكات الواضحة بل البديهيّة للدستور لا تعود إلى اليوم، إذ خرق رئيس الجمهورية في مناسبات عديدة الدستور كما عمد إلى تأويله تأويلا اعتباطيا وغير موضوعي، من ذلك رفضه أداء بعض الوزراء الذين حصلوا على تزكية البرلمان اليمين أمامه في جانفي 2021، ورفضه ختم القانون المتعلق بالمحكمة الدستورية في أفريل 2021 وفي الشهر ذاته أعلن نفسه القائد الأعلى لجميع القوات الحاملة للسلاح سواء العسكرية أو المدنية».
وأضاف الأستاذ عياض بن عاشور: «ما وقع يوم 25 جويلية الماضي في عيد الجمهورية هو جزء في مسار طويل من الممارسات اللادستورية. يتعارض اللجوء إلى الفصل 80 من الدستورمع الدستور، إذ لم تراع لا الشروط الشكلية ولا الشروط الموضوعية الضرورية لتطبيق الفصل المذكور. وعلاوة على ذلك منح الرئيس نفسه صلاحيات ديكتاتور حقيقي، فجمع بين يديه السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، ولكن ما يثير الاستغراب أكثر، السلطة القضائية، بما أنه تولى بنفسه النيابة العمومية. لا أعرف مسمى آخر لما حصل إلا الانقلاب على الدستور».
محمد كرّو:
ثأر شرعي للدولة والمجتمع
يصف أستاذ العلوم السياسية محمد كرّو قرار الرئيس قيس سعيد يوم 25 جويلية 2021 بأنه «قرار انعتاقي» خلق الشروط الضرورية للمصالحة بين الدولة والمجتمع. وقد كتب الباحث محمد كرّو قائلا: «يمثّل يوم 25 جويلية بالنسبة للذاكرة الوطنية حدثا تاريخيا محملا برمزية كبيرة، يشبه إلى حدّ ما، دونما تماهٍ، ما حدث يوم 14 جانفي 2011، ذلك الحدث الذي مثل سقوط النظام القديم... بدل الحديث عن انقلاب كما يفهم من خلال تأويل حرفي لنص الدستور، يتطّلب الموقف الذهاب إلى ما وراء النص لكي نلُم بالظرفية، ومن ثمّة التصريح علنا بأننا إزاء صدمة أو سهمة ناتجة عن «ضربة» مْعلّم «حدثت وفق نمط أرسطي يقوم على التماهي بين الممارسة السياسيّة والفضيلة، «ضربة» قام بها رئيس حمّال لمشروع أشمل، مشروع ثأر الدّولة الوطنيّة والمجتمع التونسي أمام خطر تفكّك الدّولة، وهو خطر يهدّدها في العمق».
محمد محجوب:
ليذهب دستور 2014 غير مأسوف عليه
يقول المفكر وأستاذ الفلسفة محمد محجوب: «ليذهب دستور 2014 غير مأسوف عليه. فما كان دستورا ولكن نسيجا من الحيل لاستدامة حكام من لون واحد حتى لو لم تعطهم الانتخابات إلا عددا مزريا من النواب، وحتى لو اضطروا إلى إفساد أحزاب أخرى وارتهانها واستعبادها. نريد دستورا يليق بتونس، ويستلهم من روحها ومن تاريخها، تاريخ قرطاج، وعهد الأمان، والجمهورية التونسية. إن إصلاح الوضع السياسي الناجم عن دستور هو سبب أزمته واختناقه لا يمكن أن يكون بالضرورة إلا عملا يخرج عن ذلك الدستور. فمن شأن الدساتير الفاسدة أنها لا تتضمن هامش إصلاحها إلا «عنفا» تأويليا، أي فعلا من أفعال الإرادة السياسية المضطرة إلى قطع شكيمة القانون الدستوري، وإلى الكف عن الائتمار
بأمره بوصفه مؤطرها القانوني».
فتحي التريكي:
انتفاضة شعبية لتصحيح المسار الثوري
«ما وقع يوم 25 جويلية هو انتفاضة شعبيّة هدفها تصحيح المسار الثوري بعد سنوات الجمر والفقر والمرض والمعاناة» هكذا علّق أستاذ الفلسفة فتحي التريكي على قرارات رئيس الجمهورية قيس سعيد في الخامس والعشرين من شهر جويلية المنقضي.
وأضاف المفكر فتحي التريكي متسائلا: «هل ستكون هذه القرارات ضامنة للنظام الديمقراطي ؟ لست أدري. فقد يؤدّي كلّ ذلك إلى العودة إلى الحكم الدكتاتوري ولكنّ الشعب يناضل باستمرار ومن يفكّر في هذه العودة سينتحر سياسيا. والمهمّ الآن هو أن تفضي استعجاليا هذه القرارات إلى تدمير لوبيات الفساد (وتحرير الأحزاب من مخالبها) ومحاربة المرض والوباء والنضال ضد الفقر. وعلى المدى المتوسّط والطويل إقامة نظام اقتصادي واجتماعي وسياسي جديد يقوم على التضامن والتآزر والعيش المشترك حسب قاعدة الكرامة».
منصف بن عبد الجليل:
سيكون مستقبل تونس أفضل
اعتبر أستاذ الدراسات العربية والحضارة الإسلامية منصف بن عبد الجليل أنّ «رئيس الجمهورية بما قرر كان ومازال صاحب شرعية انتخابية واسعة، لم يبلغها أعتى حزب يدّعي اليوم الأغلبية الشعبية»، مضيفا:»تساءل بعض المثقّفين ومتابعو الشأن العام بتونس: ماذا سيحدث غدا؟ هل الرئيس مقبل بما قرّر على ترسيخ نظام استبدادي فرديّ يعتبر حتما عودة إلى الوراء، ويكون الرئيس من ثمّ جزءا من الثورة المضادّة؟ أعتبر هذه الأسئلة وجيهة ومقبولة. وأعتبر التعبير الصارخ على التخوّف الشديد جزءا مهمّا من رواسب النزعة الاستبداديّة التي عاني منها التونسيون فترة طويلة من تاريخ الدولة المعاصرة. ولكنّي أريد أن أنبّه إلى جوانب يمنح التمعّن فيها شيئا من التفاؤل، ويقضي بأنّ القادم أفضل، وستكون تونس في وقت قصير من الدول التي ستستقطب الرأي العام الدولي وتثير إعجابه بما سيسمّى «بالمعجزة الاقتصاديّة».