ببادرة من المعرض الوطني للكتاب التونسي: تكريم منصف شرف الدين في بيته... وحياته!

العظيمة بعد مماتهم هو برهنة على الوفاء لذكراهم والاعتراف بفضلهم على الإنسانية، فلا شك أن تكريم الكبار في حياتهم وبحضورهم هو الأهم والأجمل.
لا حاجة للمبدع بإطلاق اسمه على تمثال أو ساحة أو تظاهرة بعد موته بقدر ما يحتاج إلى اعتراف يليق به وهو على قيد الحياة.
مؤرخ المسرح التونسي محل تقدير وتكريم
لئن كرّم المعرض الوطني للكتاب التونسي في دورته الثالثة ثلّة من الأعلام في شتى الاختصاصات والمجالات سواء كانوا أحياء أو أمواتا، فإنّه قد خصّص ندوات فكرية للاحتفاء بعدد من الشخصيات الفاعلة والمؤثرة في مجالها. وقد تمّ تكريم أستاذ السرديات بالجامعة التونسية محمد الخبو والباحث في الحضارة الإسلامية عبد المجيد الشرفي والفنان والناقد الحبيب بيدة والفيلسوف والشاعر محمود بن جماعة . وقد حضر هؤلاء المكرّمون مواعيد تكريمهم واستمعوا بأنفسهم إلى شهادات الأصدقاء والمختصين عن سيَرهم ومسيرتهم وعن تميزهم وتفردهم في مجالهم...
ومن الشخصيات التي كان سينالها شرف التكريم في «يوم المسرح» ضمن البرنامج الثقافي للمعرض هو المؤرخ المختص في المسرح منصف شرف الدين. وأمام تعذّر الحضور على الضيف بسبب وضعه الصحي الحرج، أصرّت الهيئة المديرة للمعرض الوطني التونسي للكتاب على تكريم هذه القامة الإبداعية بالتنقل إليه في مقر سكناه، وذلك مساء أول أمس الجمعة 25 جوان 2021، احتراما لشخصه وإجلالا لمكانته...
من الفن الرابع إلى السلطة الرابعة، تنوّعت مسيرة منصف شرف الدين الذي ولد بسوسة عام 1928 ودرس بمسقط رأسه ثم بالمدرسة الصادقية بتونس العاصمة، وتحوّل إثر ذلك إلى باريس حيث أحرز على الإجازة في اللغة والآداب من جامعة السوربون. ثم التحق بعد عودته إلى تونس بقطاع الثقافة كما درّس لمدة 11 سنة بالمدرسة الصادقية.
أدار المنصف شرف الدين جمعية المسرح الحديث بسوسة، وقام بالاقتباس والتمثيل والإخراج. وعيّن رئيسا لنادي السينما بسوسة، وبين أكتوبر 1964 و1967 ترأس مصلحة المسرح بوزارة الثقافة التونسية، ليعود إليها من جديد عام 1979 بعد فترة قضاها في التدريس في التعليم الثانوي. ثم عيّن متفقدا للشؤون الثقافية عام 1985. وكان ترأس في الأثناء مهرجان مسرح المغرب العربي وعيّن مديرا مساعدا للجنة الثقافية القومية.
كتب منصف شرف الدين عديد المقالات وأنتج عددا من البرامج الإذاعية والتلفزية، كما ألف عديد الكتب عن المسرح التونسي وأعلامه على غرار «قرنان من المسرح التونسي» و«خليفة السطنبولي: حياته وأعماله» و«تاريخ المسرح التونسي منذ نشأته إلى نهاية الحرب العالمية»...
ويقف الجميع تقديرا واحتراما أمام القيمة المعرفية والمرجعية لمنصف شرف الدين المختص الفذّ في تاريخ المسرح التونسي.