أما الآخرون الذي ألقت بهم الصدفة على سبيل الخطأ في عالم الدراما بسبب مراهنة بعض المخرجين على الوجوه الجميلة والأجساد الرشيقة فقد سقطوا بالضربة القاضية من غربال الجمهور. فلا حاجة إلى أداء وجوه محنطة وملامح باردة تؤدي دور الحزن كما تلعب دور الفرح دون فرق يذكر ولا تغيير يحدث!
من المفاجآت الجميلة في هذا الموسم الرمضاني، ولادة مسلسلات على قدر محترم من الجودة والمهنية نجحت في جذب المتفرج وإبقائه وفيا لشاشتها ومتابعا لأحداثها ومتشوّقا لحلقاتها... يمكن القول بأن «المايسترو» على الوطنية و»النوبة» على نسمة و»قضية 460» على التاسعة عثرت أخيرا على بوصلة الوجهة الصحيحة في اتجاه الإرساء على أرض صلبة تؤسس لملامح دراما تونسية واعدة بالأفضل.
ولئن تضافرت عوامل كثيرة واجتمعت عناصر عديدة لرفع حسنات هذه الأعمال الدرامية في ميزان تحكيم الجمهور، فلاشك أن ثلة من الممثلين كانت من نقاط القوة التي ارتقت بمستوى الأداء إلى درجة الاستحواذ على اهتمام المشاهد وأسر كل حواسه في لحظة لعب المشهد بمنتهى الإبداع والفن.
وليس من الغريب أن يقود أهل المسرح كوكبة الممثلين المقنعين والمبهرين على غرار مهذب الرميلي وفتحي الهداوي والشاذلي العرفاوي وغانم الزرلي ورياض حمدي وهالة عياد ووجيهة الجندوبي والبحري الرحالي... والقائمة تطول!
لاشك أن الممثل الذي تعلم من الركح دروسا في التمثيل والحياة وتلقن من الخشبة أسرار الفن والإبداع لا يمكن أن يضيع تعبه وعرقه سدى أو يتبعثر اشتغاله على جسده وحواسه في الهواء. وفي المقابل نجد بنات وأبناء الفن الرابع على شاشة الدراما مبدعات ومبدعين يقتنصون الفرجة منا رغما منا ويجبروننا دون حول أو قوة منا على التعاطف معهم أو الحقد عليهم، مقاسمتهم الدمعة أو مشاركتهم الابتسامة...
في النهاية فإنّ فن التمثيل يبقى موهبة فطرية تصقلها الموهبة وتؤطرها الممارسة... لكنها أبدا غير قابلة للبيع ولا الشراء وعصيّة عن عمليات التجميل ومساحيق إخفاء العيوب أمام الكاميرا !