الاحتفاء بستينية مجلّة حوليات الجامعة التونسية: الثقافة العربية والتحدّيات الراهنة

بقلم: محمد الكحلاوي

لمدى أهميتها العلمية، في الجامعة التونسية وفي خارج البلاد

في كليات وجامعات أخرى شرقا وغربا، لأهمية ما تضيفه إلى البحث العلمي في اللغات والآداب والإنسانيات، انتظم الملتقى الدولي الثالث «الثقافة العربية والتحدّيات الراهنة»، «بكية الآداب والفنون والإنسانيات منوبة – جامعة منوبة، احتفاء بستينية مجلة «حوليات الجامعة التونسية»، هذه الدورية العلمية المرجعية المهمة، وذلك على امتداد أيّام 18-19-20 نوفمبر 2025، بمشاركة باحثين أكاديميين وباحثين جامعيين مرموقين من تونس ومن خارجها.

وللإشارة فقد كانت محاور هذه الندوة كالآتي:

1- اللغة: مشهد البحوث اللغوية الراهنة. واللغة والكيان: المخاطر التي تواجه العربية اليوم، الأصول الإبيستيمولوجية لأبرز النظريات اللسانية، رهانات البحث اللساني وتحدّياته الراهنة، الدلالة وتحليل الخطاب-

2- الأدب: الآداب والإنسانيات في عصر الحوسبة والذكاء الاصطناعي، ضرورة الأدب واحتياجات الحاضر والمستقبل، الأدب والنقد وتجدّد قضايا المنهج، المقاومة والأدب… المقاومة في الأدب، الأدب وروافده المعرفية الراهنة

3 – الحضارة: عراقيل دخْلنة الحداثة، العقليّات ورهانات تغييرهاü تحديث الثقافة وضرورة التعريب، التاريخانية: الثقافة العربية والخيار التاريخاني، تجديد الفكر الديني

وقد افتتحت الندوة بكلمات السادة الأساتذة عامر الشريف رئيس جامعة منوبة ومنصف التايب عميد كلية الآداب والفنون والإنسانيات منوبة، ومبروك المناعي مدير حوليات الجامعة التونسية، وتوفيق العلوي مدير قسم العربية، ومحمّد بن الطيّب رئيس هيئة تحرير حوليات الجامعة التونسية.

أبرز محاور بحوث اللغة واللسانيات والأدب

أ- في اللغة واللسانيات

انطلقت الجلسات الأولى لهذه الندوة من خلال ثلاثة فضاءات خصص كل واحد منها لمجموع مداخلات تنصب في أحد المحاور الرئيسة للندوة. ففي محور «اللغة والهوية»، التي ترأسها الاستاذ محمد الشاوش، قدم الأستاذ صلاح الدين الشريف، مداخلة عميقة وطريفة كشفت عن مدى تجذّر المدرسة التونسية وأعلام حوليات الجامعة التونسية في العناية باللغة تأصيلا وتطويرا لأساليب التعبير وشكل الخطاب، حيث كان الجهد موصولا ما بين الأديب الوزير محمود المسعدي والأستاذ الكبير أحمد عبد السلام، وكان مشروعهما يهدف إلى الحفاظ على الكيان التونسي في بعده المغاربي والعربي من خلال اللغة التي بها ونحيا ومن خلال نتواصل وعبر ما ننحت منها من كتل نؤسس لحياتنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسة وننتج صورة عنّا وعن حضارتنا. وفي هذه الجلسة، كانت مداخلة الأستاذ منصف عاشور وسمت بـ «في شجاعة اللغة العربية، وجاءت مداخلة رزيق بوزغاية (الجزائر)؛ «اللسان والهوية في الأدبيات العربية القديمة: مناظرة السيرافي ومتّى بن يونس». ونظر قليل يوسف من الجزائر أيضا في «معالجة اللسانيات التطبيقية للمشكلات اللغوية في التعليم». وقد تعدّدت المداخلات والبحوث التي ألقيت لاحقا وعلى وامتداد أيام الندوة، ومنها: بحث رفيقة ميسية (الجزائر) حول العلاقة بين البحوث اللغوية العربية والذكاء الاصطناعي، وبحث حمادي زمزم حول مقولة الظرف والبحث المميّز للأستاذ عبد السلام عيساوي، «اللغة العربية وتحدّيات الرقمنة»، كذلك بحث الأستاذة سرور اللحياني «الرقمنة وحوسبة اللغة في العربية: واقع الدرس اللساني وتحدياته الراهنة»، أيضا بحث سرور حشيشة، «الأدب عرفانا: أثر اللسانيات في بناء نظرية أدبية عرفانية». وبخصوص علاقة اللغة بتقنيات التواصل الحديثة، قدمت كذلك حنان شعوب (المغرب) بحثا حول «نشر اللغة العربية عبر الوسائط الحديثة في عصر الذكاء الاصطناعي»، ونظر عادل زارعي في «العوائق الابستمولوجية في الفكر اللساني العربي». وكان محور بحث ريم الهمّامي «مصطلح التداولية في حوليات الجامعة التونسية»، وجاءت مداخلة منية العبيدي موسومة بـ: «تحليل الخطاب السياسي وصناعة المعنى».

ب – في قضايا الأدب والنقد

تعدّدت الدراسات والبحوث التي نمّ إلقاؤها ضمن قضايا البحث في مجال النقد وتحليل الخطاب الأدبي سردا وشعرا. أوّل الجلسات العلمية كان موضوعها «في ضرورة الأدب ووظائفه»، وقد تكلم الأستاذ محمد الهادي الطرابلسي بخصوص مسألة «البعد الثالث في نقد الأدب»، وجاءت مداخلة الأستاذة سلوى السعداوي، في قال سؤال: «ما حجاتنا إلى الأدب اليوم؟»، ونظر لزهر فارس (الجزائر) في «وظائف الأدب من خلال كتابات زكي نجيب محمود». وكانت مداخلة حمد ذياب مسعود (عمان)، «الأدب والإنسانيات في هصر الحوسبة»، وكانت مداخلة بسّام برقاوي «استرفاد القصيدة العربية الحديثة لخطابات غبر أدبية»، ووسمت مداخلة شكر الجميعي»أحكام القيمة في قراءة الأدب القديم ونقده». واهتم الأزهر الصحرواي أثر الروافد المعرفية في كتابة السيرة الذاتية العربية، وبحث علي بوبكر في «مظاهر المقاومة في الأدب الموريسكي»، وغير ذلك من البحوث والمقالات المهمّة. .

قضايا الحضارة؛ الدّين، الحداثة، قراءة التراث والتاريخانيّة

بحوث ودراسات مهمة قدّمت ضمن تلك المحاور المتعلقة بالدين والحداثة وقراءة التراث وتحديث مؤسسات المجتمع والوعي والثقافة والتقدّم والتاريخيانية، وما يقتضيه ذلك من عمق معرفي ونهج نقدي، يقوم على توظيف المعارف والنظريات الحديثة في مجال العلوم الإنسانية والعقلية وعلوم اللغة واللسان وتحليل الخطاب، وفي ظلّ الاعتراف بالاختلاف وبنسبية مقولات الصحّة والخطأ، وإدراك مدى الاختلاف والتباين ما بين الدّين في علويته وقداسته والفكر الديني الذي انتهجته كذاهب وفرق وجماعات وبلوره الفقهاء والمجتهدون في الدين عبر التاريخ، إذ الإشكال يتأتّى من سطوة الفكر الديني الذي هو اجتهادات بشرية نتاج تأويلات ظرفية للنصّ المقدّس، تلك هي محنة الإسلام في مواجهة الجماعات والتيارات التي تريد الكلام باسمه وتدّعي امتلاك تأويله الحقيقي...

هكذا منذ الجلسة الأولى التي ترأسها الأستاذ عبد المجيد الشرفي ومقاربات مثل تلك المسائل من منطلقات معرفية مختلفة تتعدّد وتتنوّع، وحسبي أن أشير إلى بحث عبد الباسط الغابري «في الحاجة إلى حداثة نوعية بالعالم العربي»، وبحث محمد الهادي الطاهري «نقد الحداثة في فكر عبد الوهاب المسيري، وبحث بلقيس رزيقي عوائق الحداثة في المجتمع الإسلامي، وبحث مراد الحاجي حول المأزق التاريخي وصعوبة دخلنة الحداثة في الفضاء العربي الإسلامي، وبحث محمد البشير رازقي حول الثقافة من خلال مجلة العربي الكويتية. في السياق نفسه تناول الناصر الهمامي مسألة التعريب بوصفها مدخلا غلى توطين العلوم. وطرق نظام عزّ الدين (العراق) مسألة الفهم الاستيعابي للثقافات الإسلامية المتنوعة، وتطرقت صدق السلامي إلى مسألة الفتوى والاجتهاد، وجاءت مداخلة ابتسام بن حفصية قراءة تفكيكية لسردية التأسيس في كتابات المفكّر اليهودي توم سغيف. وجاءت مداخلة الفاضل المحفوظي في شكل سؤال: كيف واجه الخطاب الإسلامي المعاصر الإسلاموفوبيا؟ ونظر عبد البشير مسالتي (الجزائر) في جهود المدرسة التوسية بخصوص تحيين التراث. وكان محور مداخلة حياة اليعقوبي تجديد الفكر الديني في تونس. وفي السياق نفسه كانت مداخلة محمّد الكحلاوي، الذي طرق مسألة تجديد التفكير الديني بين محمد إقبال وعبد المجيد الشرفي من خلال النظر في مسألة «ختم النبوّة». وبحثت سوسن بالحاج حسن، في إشكالية صورة الآخر من خلال المتن المقرّر في الكتاب المدرسي المخصّص للتربية الإسلامية مستوى السنة السابعة أساسي.

وللإشارة فقد حضر وشارك أساتذة جامعيون كبار أصحاب تجارب ثرية تدريسا وبحثا وتأطيرا، فترأسوا الجلسات العلمية، نذكر منهم، محمّد الشاوش عبد المجيد الشرفي، محمّد القاضي، صالح بن رمضان، مختار العبيدي، علي الغيضاوي، مختار كرّيم، عبد الرّزاق الحمّامي، الطاهر المناعي، محمد الصحبي العلاني، منصف عاشور، خالد ميلاد، محمّد قوبعة، العادل خضر، نور الدين بنخود، توفيق العلوي، عبد السلام عيساوي، لطفي دبي

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115