والحوار بين الثقافات والحضارات ولسانا ناطقا بأكثر من لغة عن الإبداع الثقافي الوطني. ومنذ إحداثه بموجب الأمر عدد 401 لسنة 2006 كمؤسسة عمومية ذات صبغة غير إدارية تتمتع بالشخصية القانونية والاستقلال المالي وتخضع لإشراف وزارة الشؤون الثقافية تداول على تسيير معهد تونس للترجمة أربعة مدراء كان آخرهم أستاذ التعليم العالي الدكتور توفيق العلوي والذي جمعنا معه الحوار التالي:
• بعد أن منحت »مؤسسة بريل» الهولندية تونس حقوق ترجمة «موسوعة الإسلام» كان من المنتظر أن ينهي معهد تونس للترجمة تعريب مختصر الموسوعة بحلول سنة 2018. فلماذا تجاوز هذا المشروع الآجال المتفق عليها؟ ومتى سيكون جاهزا في موعده الجديد؟
لابد في البداية أن نجيب من قال بأنّ هذا المدير أرسل حتى يوقف هذا المشروع. والإجابة بطبيعة الحال نترجمها بالعمل وتحقيق النتائج المرجوة. واليوم، ها نحن بصدد وضع اللمسات الأخيرة لإتمام تعريب مختصر موسوعة الإسلام والذي سيكون عنوانه: «دائرة المعارف الإسلامية: مختارات» في ثلاثة أجزاء على امتداد على حوالي 6 آلاف صفحة مبوبة في 209 مدخلا. وقد تمّ تحديد تاريخ 31 مارس 2019 لتسليم النسخة الرقمية جاهزة بعد الانتهاء من مراحل الترجمة والمراجعة والتصحيح اللغوي والإشراف العلمي... ونحن نبذل قصارى جهدنا من أجل أن نكون في الموعد وعلى أحسن وجه أيضا.
ولكن وجب أن نشير إلى أن المنطلق اللوجستي والإداري لهذا المشروع كان يشكو من عديد الهنات والعيوب مما تسبب في عسر العمل ومشقته بالنسبة للإدارة الحالية للمعهد. وفي هذا السياق أخص صحيفتكم بمستجدات تخص الاتفاقية مع مؤسسة بريل حيث ورد فيها سابقا أن الكلفة المالية في الترجمة والطبع والنشر يتحملها معهد تونس للترجمة ولكن بعد أسابيع من التفاوض مع هذه المؤسسة ممثلة في الأستاذ عبد الرؤوف الوسلاتي توصلنا إلى إمضاء اتفاقية جديدة تلغي السابقة وبمقتضاها ستكون كلفة المشروع المالية مشتركة بين المعهد والمؤسسة. وينص الاتفاق الجديد على أن تكون تكاليف الترجمة على حساب المعهد فيما تتحمل مؤسسة بريل تكاليف الطبع والنشر والتوزيع وهي صاحبة التقاليد العريقة في هذا المجال. كما حافظنا على مصالح المعهد وحقوقه المادية والمعنوية بمعنى أن المسؤولية العلمية تبقى لمعهد الترجمة دون سواه.
ومن مكاسب معهد تونس للترجمة فيما يتعلق بترجمة موسوعة الإسلام التمتع بالإعفاء من تسديد دين متخلد بالذمة يقدر بـ 20 ألف أورو إلى مؤسسة بريل على أمل أن يكون مشروع الترجمة القادم برعاية هذه المؤسسة مجانيا. وفي السياق ذاته، سيتمتع معهد تونس للترجمة بعدد من النسخ من مختصر موسوعة الإسلام يحق له بيعها في تونس فقط بصفة حصرية. كما سيجني المعهد 25 % من نسبة مداخيل بيع النسخ الورقية و50 % من نسبة عائدات بيع النسخ الإلكترونية.
• بعد الانتهاء من مختصر دائرة المعارف الإسلامية ما مصير بقية أجزاء موسوعة الإسلام التي تتضمن 13 مجلدا ؟
فعلا كانت الاتفاقية الأولى مع مؤسسة بريل تنص على ترجمة الموسوعة بكل مجلداتها، لكن في ما بعد تم الاقتصار على المختصر الذين نحن بصدد وضع لمساته الأخيرة. إن موسوعة الإسلام بمجلداتها الضخمة والكم الهائل من صفحاتها لابد لها من أكاديمية كاملة لترجمتها من الانقليزية إلى العربية! السؤال هنا: هل من الممكن في عصر الآنية والتغيرات السريعة النسق أن ننتظر لسنوات طويلة ترجمة الموسوعة كاملة؟ على كلّ حال بمجرد الانتهاء من ترجمة مختصر موسوعة الإسلام سننظر مع مؤسسة بريل في إمكانية تعريب مجلد آخر من موسوعة الإسلام تكون مداخله مختارة بشكل جيد حتى تلبي حاجة ثقافية معينة في عصرنا الراهن.
• من المشاريع الكبرى لمعهد تونس للترجمة الانطلاق في ترجمة موسوعة Universalis ماذا عن أهداف هذا الرّهان ومدة إعداده؟
إن هذه الموسوعة الفرنسية من أفضل الموسوعات العالمية ومن أفضل المراجع المرموقة على المستوى الدولي لهذا أمضينا اتفاقية مع مؤسسة Universalis لترجمة ونشر معجمي: Dictionnaire des Notion وDictionnaire des idéés ويمتدّ هذان المعجمان على قرابة ثمانية آلاف صفحة يمكن أن تفيد الحياة الثقافية الإبداعية والتعليم والتربية، والبحث العلمي في مختلف الاختصاصات من فنون وآداب وعلوم إنسانيّة وعلوم صحيحة وغيرها من المجالات المعرفية في مواكبة هامة للتطور المعرفي العلمي والثقافي.
وقد اشترينا حقوق الترجمة بحوالي 10 آلاف دينار وتم اختيار 77 مترجما للاضطلاع بمهمة التعريب على أسس نزيهة وواضحة عن طريق إعلان استشارة لاختيار مترجمين على أساسها تنظر لجنة مختصة في ملفات المترشحين. وهذا الإجراء نتوّخاه في كل عمليات الترجمة التي يتولاها المعهد.
من المنتظر أن يكون هذا المشروع جاهزا على أقصى تقدير بعد عام ونصف ليستفيد منه الطالب والباحث والجامعي... ولا شك أن الفائدة ستعمّ الجميع.
• بعد أن عرف معهد تونس للترجمة حراكا ملحوظا على مستوى الأنشطة واللقاءات ... هل تفي ميزانية المعهد بالمطلوب وهل هي في حجم الطموحات للإشعاع داخل تونس وخارجها؟
هي ميزانية متحركة في حدود معينة... نحن لسنا مؤسسة تجارية بل هدفنا التعريف بالثقافة التونسية عبر أقطار العالم والتواصل مع الثقافات الأخرى بلغاتها المختلفة. ولكن هذا لا ينفي حرصنا على استرجاع المصاريف قدر الإمكان والسعي إلى تحقيق موارد ذاتية للمعهد عن طريق الاستثمار في الإبداع والمعرفة أولا وأخيرا.
بعد أن كان معهد تونس للترجمة متقوقعا على نفسه وفي حالة عزلة عمّا حوله... نجحنا في أن نجعل منه بوابة للتفاعل مع الحياة الثقافية في تونس من خلال الاحتفاء بالمترجمين والمبدعين في لقاءات منتظمة وعقد ندوات كبرى بمناسبة اليوم العالمي للترجمة والانفتاح على أقطاب مدينة الثقافة وخصوصا جارتنا في المقر والاهتمامات وهي بيت الرواية والدخول في علاقات شراكة وتعاون مع دور الثقافة والجمعيات الثقافية في العاصمة وبقية الولايات...
• ماذا عن فلسفة توفيق العلوي في إدارة معهد تونس للترجمة، هل أنت راض عن أدائك بعد حوالي سنتين من تسلمك مقاليد تسيير هذه المؤسسة؟
يمكنني أن أعتبر نفسي في مرحلة تعديل مسار معهد تونس للترجمة وترتيب بيته الداخلي الذي كان يشكو من الفوضى والضبابية... عندما تسلمت مهمة الإدارة رفضت مزاولة النشاط في مقر المعهد بشارع الحرية بسبب كلفة كرائه الباهضة والتي تبلغ 340 ألف دينار سنويا. فكان أن انتقلنا إلى مقر آخر بثلث معلوم كراء المقر السابق ثم كانت النقلة النوعية إلى مدينة الثقافة شكلا ومضمونا وهي التي عرّفت بمعهد تونس للترجمة من الباب الواسع. وبعد أن كان لمعهد الترجمة موقع واب تقليدي وكلاسيكي لا يلبي الحاجة وآخر خاص بالتكوين دون توفر إطار قانوني، قمنا بانجاز موقع الكتروني جديد بمقاييس عالية ويتيح البيع الالكتروني للكتب الورقية في تونس وخارجها لأوّل مرة في تاريخ المعهد.
• ماذا عن التكوين في معهد تونس للترجمة سيما بعد اتهام المدير السابق خالد الوغلاني لك شخصيا بتعطيل مسار تكوين المترجمين وارتكاب تجاوزات إدارية ومالية؟
أكتفي بالقول إن التفقدية التي أرسلت بصفة رسمية إلى معهد الترجمة قامت بعملها ورفعت تقريرا في الغرض إلى سلطة الإشراف... وقريبا سيعرف الجميع هوية من ارتكب تجاوزات وروّج لمغالطات ... شخصيا لا تعنيني كل هذه المهاترات والادعاءات فكل همّي ووقتي أسخرهما للعمل ولا شيء غير العمل.