بعد 6 سنوات من «الاحتلال» وسوء الاستغلال: استعادة «كرّاكة» حلق الوادي ...فمتى يُسترجع «قصر الباي» بحمام الأنف؟

بعد 6 سنوات بالتمام والكمال من الكرّ والفرّ تم استرجاع «كرّاكة» حلق الوادي وإخلاء هذه القلعة الأثرية من العائلات التي استولت عليها مباشرة بعد الثورة واتخذتها مسكنا لها، فتحوّل هذا المعلم التاريخي إلى «وكالة» مستباحة لفاقدي المأوى والسكن... ومن

المنتظر أن توّدع كراكة حلق الوادي مظاهر الفوضى والعبث لتعود إلى سالف عهدها كفضاء ثقافي ومسرح صيفي ...

«الكرّاكة» هي رمز مدينة حلق الوادي والشاهد على حضارات تليدة وأزمنة غابرة تعاقبت على مدى قرون على عاصمة البحر والسمك ... وكرّاكة حلق الوادي هي في الأصل حصن يعود إلى أوائل القرن السادس عشر وقد تداول على استغلاله العثمانيون والإسبان ... وقد اتخذ هذا الحصن الأثري تسمية «الكرّاكة» المستعملة في اللهجة التونسية للدلالة عن استخدامه كسجن على غرار كراكة غار الملح ببزرت ...

ترميم «الكراكة» وعودة لمهرجان البحر الأبيض المتوسط
معلم كراكة حلق الوادي كان فيما مضى مسرحا صيفيا لاحتضان مهرجان البحر الأبيض المتوسّط نظرا لموقعه الاستراتيجي والتاريخي والحضاري .... إلا أن هذه القلعة الأثرية كانت عرضة للاستيلاء من قبل بعض المواطنين الذين استوطنوا المكان بعد ثورة 2011. وبعد انقضاء ست سنوات على استغلال هذا المعلم التاريخي دون وجه حق وفي اعتداء على قيمته الأثرية وبعد «معارك» من الكرّ والفرّ بين السلطات والمتساكنين الرافضين إخلاء الكراكة، تمّ في نهاية شهر ديسمبر المنقضي وتحت إشراف الوالي عمر منصور وبتظافر جهود المصالح الجهوية والأمنية إجلاء من بقي من السكان بهذا المعلم التاريخي دون الاضطرار إلى الاستعانة بالقوّة العامة.
وبعد استعادة مبني كراكة حلق الوادي ستتولى وزارة الشؤون الثقافية صيانته وترميم هذا الحصن الأثري ليسترجع وظيفته في احتضان العروض الثقافية وفي جذب الوفود السياحية، ومن المنتظر أن يعانق من جديد مسرح الكراكة عروض مهرجان البحر الأبيض المتوسط في صائفة هذا العام.

وقد قام وزير الشؤون الثقافيّة محمد زين العابدين رفقة والي تونس عمر منصور بزيارة تفقدية إلى المعلم الأثري «الكرّاكة» بحلق الوادي مساء أول أمس الأربعاء 18 جانفي 2017.
وأذن الوزير بانطلاق الدراسات الفنية لتعهّده وصيانته وترميمه حتّى يكون جاهزا لاحتضان التظاهرات الثقافية في أقرب الآجال بعد أن تركه مستغلوه في أسوإ الأحوال بسبب سوء الاستغلال...

«قصر الباي» بحمام الأنف خارج السيطرة !؟
منذ تشييده سنة 1750 بأمر من الباي حسين بن علي شهد القصر الحسيني أو «قصر الباي» بحمام الأنف علامات فارقة ومحطّات حاسمة في تاريخ البلاد التونسية باعتبار أنه كان مقرّا رسميا للسلطة وإقامة البايات ...وبدل أن يصبح هذا القصر التاريخي فضاء ثقافيا أو متحفا يسرد تاريخ الحقبة الحسينية فقد تحوّل إلى «وكالة» استولت عليها عشرات العائلات منذ سنوات. ولم تفلح محاولات إيجاد حلّ لهذه العائلات بتمكينها من السكن الاجتماعي مقابل إخلاء قصر الباي في الذود عن حرمة هذا المعلم الحسيني، إذ تم الاستيلاء عليه واتخاذه مقرا للسكن من جديد بعد الثورة بحجة الفقر وعدم القدرة على اكتراء محل للسكنى ...

وتعود ملكية «قصر الباي» في جزئها الأكبر إلى الدولة وهو حاليا تحت تصرف بلدية حمام الأنف، فيما تملك الشركة العقارية للبلاد التونسية جزءا آخر كما يوجد جزء ضئيل من الملكية على الشياع ... وكان القصر الحسيني قد شهد العديد من حالات الحرائق الناجمة عن تداخل أسلاك الكهرباء بقنوات المياه بسبب استغلالها بصفة غير قانونية وعشوائية من قبل متساكني القصر الذين احتلوه بطريقة غير شرعية. وأمام هذا الاستغلال الفاحش لقصر الباي بحمام الأنف فقد أصبح إخلاءه ضرورة قصوى ليس فقط لاستعادة قيمته التاريخية والأثرية بل وأيضا لحماية المواطنين القاطنين به بعد أن صار مهدّدا بالسقوط ... وفي هذا السياق تسعى ولاية بن عروس إلى إيجاد حلول للعائلات المحتمية بالقصر الحسيني بحمام الأنف من خلال» إجراء التقاطعات اللازمة مع مصالح الصناديق الاجتماعية والإدارة الجهوية للملكية العقارية لحصر وضعيات الاستحقاق وإسناد أولوية البرنامج الخصوصي للسكن الاجتماعي للحالات الاجتماعية المثبتة». ويأتي هذا التحرك لحماية المعلم والبشر قبل وقوع الخطر.

وأمام وضعية عقارية معقدة ووضع عمراني كارثي ينبئ بالخطر يتجاذب «قصر الباي» بحمام الأنف ضغط الحالات الاجتماعية على السلطات من أجل تمكينهم من مأوى لإخلاء القصر من جهة، ومن جهة أخرى لم يعد هذا المعلم التاريخي يقوى على تحمّل سوء الاستغلال وعبث البشر وأثر الزمن دون صيانة وترميم ...فهل من حل لمعضلة قصر الباي بحمام الأنف قبل فوات الآوان ؟

تاريخ الكرّاكة في سطور
• أوائل القرن السادس عشر للميلاد: تشييد برج صغير للمراقبة.
• 1534 : تحويل البرج الصغير إلى حصن على يد القائد العثماني خيرالدين برباروس.
• 1535: ترميم المعلم على يدي الإسباني شارل لوكان إثر انتصاره في حربه ضد برباروس.
• 1556: توسيع المعلم وتدعيمه وذلك ببناء حصون بارزة على الجهات الأربع من طرف شارل لوكان.
• 1574: تدمير بعض أجزاء المعلم من طرف الجيوش العثمانية في حربها ضد الإسبان.
• في القرنين 17 و18: ترميم المعلم.
• 1795: تشييد جدار حماية إضافي على شكل نصف دائرة عند الجهة الأماميّة المقابلة للبحر من المعلم.
• 1965: ترميم معلم الكراكة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115