خطر التضخم المرتفع طويل الأمد بما من شأنه أن يزيد من مخاطر التضخم المقترن بالركود الاقتصادي والاضطرابات الاجتماعية.
تطرق التقرير الأخير لـ«كوفاس» أن الحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا منذ 24 فيفري المنقضي تسببت في اضطرابات في الأسواق المالية ،وزاد بشكل كبير من حالة عدم اليقين بشأن تعافي الاقتصاد العالمي بعد عامين من ظهور جائحة كوفيد 19 مع كون روسيا ثالث أكبر دولة منتج للنفط في العالم وثاني أكبر منتج للغاز الطبيعي ومن بين أكبر خمسة منتجين عالميين للصلب والنيكل والألمنيوم .
ورجحت «كوفاس» في تقرير صدر مطلع الأسبوع الجاري أن تعاني قطاعات معينة مثل السيارات والنقل والمواد الكيميائية،وتتوقع المؤسسة ركودًا عميقًا بنسبة 7.5 % للاقتصاد الروسي في عام 2022 وخفضت تقييم المخاطر في روسيا إلى مرتفع جدًا.وفي ما يتعلق بالاقتصاديات الأوروبية ،فقد قالت أنها هي الأكثر تعرضًا للخطر بسبب اعتمادها على النفط والغاز الروسي اللذان يمثلان 40 % من إجمالي الاستهلاك الأوروبي وقد قدرت كوفاس مالا يقل عن 1.5 نقطة مائوية من التضخم الإضافي في عام 2022 ، ذلك أن استبدال كل إمدادات الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا يكاد يكون مستحيلاً على المدى القصير إلى المتوسط ، وفي حال تم الحفاظ على مستويات الأسعار الحالية حتى نهاية العام فسيكون لها بالفعل تأثير كبير على التضخم.
وبالنسبة لأسعار السلع الأخرى ،سيؤدي ذلك إلى زيادة الضغوط التضخمية في جميع بلدان المنطقة ، وانخفاض الدخل المتاح للأسر ، وبالتالي الاستهلاك الخاص، بالإضافة إلى ذلك ونظرًا للتدفقات التجارية الكبيرة داخل منطقة اليورو،فمن المرجح جدًا أن تتأثر جميع الاقتصادات بشكل كبير.
ويشير التقرير إلى أن الترابط التجاري لدول منطقة اليورو إلى تسجيل تباطؤ عام (نقطة مئوية واحدة بعد مراعاة التأثيرات على التجارة الخارجية والاستثمار التجاري) في حين أن القطع الكامل لإمدادات الغاز الطبيعي الروسي سيرفع التكلفة إلى 4 نقاط مئوية على الأقل - مما يرفع نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي إلى الصفر في عام 2022 وهو ما سيزيد من الضغوطات على نمو الوطني بإعتبار أن الاتحاد الأوروبي يعد الشريك الأول لتونس ،حيث تذهب نحو 70 % من صادراتنا إلى الأسواق الأوروبية ،وفي المقابل تستورد تونس من الاتحاد الأوروبي نحو 48 % من إجمالي الواردات خلال 2021 .
وأكد التقرير أن تأثير الأزمة الأوكرانية الروسية على الشرق الأوسط سيكون ذو وجهين ،حيث من شأن ارتفاع أسعار الطاقة أن يدعم أداء النمو ويحسن التوازنات المالية لدول مجلس التعاون الخليجي بإعتبار أن معظم اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي تعتمد على عائدات النفط وفي المقابل ستكون هذه الدول عرضة لنقص الغذاء نظرا لأن دول مجلس التعاون الخليجي تستورد حوالي 85% من غذائها.
وتستفيد بعض دول الشرق الأوسط على غرار دول مجلس التعاون الخليجي من ارتفاع أسعار الطاقة في السوق العالمة حيث ذكر التقرير ان الهيدروكربونات تمثل حوالي 35 % من الناتج المحلي الإجمالي في المملكة العربية السعودية ، و 45 % في الكويت، و 40 % في قطر ، و 30 % في الإمارات العربية المتحدة).كما ستستفيد هذه الدول من ارتفاع أسعار المعادن لأنها من بين السلع المصدرة الرئيسية من المنطقة وفي الاتجاه المقابل تستورد دول مجلس التعاون الخليجي حوالي 85 % من غذائها ، وهو ما يجعلها عرضة لنقص الغذاء، حيث كانت أوكرانيا مورد الحبوب الرئيسي على مدى السنوات القليلة الماضية ، فضلاً عن كونها مورّدًا رئيسيًا للحبوب بعض منتجات الألبان (الزبدة والحليب).
وعلى صعيد منطقة إفريقيا ،فقد بين التقرير تأثير ارتفاع أسعار السلع الأساسية في إفريقيا يتم تحديده من خلال وضع كل بلد كمستورد أو مصدر صاف للسلع الأساسية، حيث تعتمد العديد من الاقتصادات الأفريقية ، ولا سيما في شمال إفريقيا على روسيا وأوكرانيا لواردات الغذاء والسياحة وأبرزها مصر التي استوردت أكثر 70 % من قمحها في 2019 من روسيا وأوكرانيا.