أهداف التنمية المستدامة ذات الطابع الإقتصادي الجزء الأول الهدف 7: طاقة نظيفة وبأسعار معقولة

كريم بن حميدة
محام وباحث في مجال المسؤولية المجتمعية والتنمية المستدامة

تم تعريف التنمية المستدامة صلب تقرير برونتلاند لسنة 1987 بأنها التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها الخاصة. وتدعو التنمية المستدامة إلى العمل المشترك من أجل تحسين ظروف العيش وتحقيق الرفاهية للجميع، من خلال منوال إقتصادي يمكّن من تحقيق الربح مع الحفاظ في ذات الوقت على الموارد والثروات الطبيعية لكوكب الأرض والأخذ بالمتطلبات الإجتماعية بعين الإعتبار.

تقوم التنمية المستدامة على التوفيق بين ثلاثة عناصر أساسية وهي: النمو الاقتصادي والإدماج الاجتماعي وحماية البيئة، وهي عناصر مترابطة تشكل الركائز الأساسية الثلاث لهذا المفهوم ،وتتعلق أهداف التنمية المستدامة بخمسة مواضيع أساسية وهي المواضيع البيئية، والاجتماعية، والاقتصادية وتحقيق السلم والشراكات.
وسوف نهتم في هذه الدراسة، بداية من اليوم وفي ستة أجزاء، بأهداف التنمية المستدامة المتعلّقة بالمواضيع الإقتصادية، وهي الأهداف من 7 إلى 12 ونتعرض اليوم في الجزء الأوّل من هذا المقال، إلى الهدف 7 من جدول أعمال 2030 للتنمية المستدامة: «طاقة نظيفة وبأسعار معقولة».

يتعلق الهدف السابع من جدول أعمال 2030 للتنمية المستدامة بضمان حصول الجميع، بتكلفة ميسورة، على خدمات الطاقة الحديثة الموثوقة والمستدامة، مع زيادة حصة الطاقة المتجددة في الإنتاج الطاقي العالمي، وذلك بالنظر إلى دور الطاقة في خلق فرص العمل وتحقيق الأمن وزيادة الدخل، وأهميتها في مختلف المجالات على غرار التجارة والصناعة والتعليم والفلاحة والنقل والاتصالات والتكنولوجيا.. ذلك أنّ عدم توفر فرص الوصول إلى إمدادات الطاقة، يشكل عائقا أمام التطور الإقتصادي.

ونتولى في ما يلي تناول أهم المعطيات والأرقام المتعلقة بوضعية الطاقة والنفاذ إليها في العالم، والتي دفعت بالأمم المتحدة إلى رسم هذا الهدف «طاقة نظيفة وبأسعار معقولة»، قبل التعرّض إلى مقاصد الهدف المذكور، وبعض الخطوات العملية الممكن اتباعها لتحقيق تلك المقاصد.

1 - دوافع رسم الهدف السابع للتنمية المستدامة:
إنطلق رسم هذا الهدف بناء على عدد من المؤشرات والأرقام، أهمّها أنّ نسبة 13 % من سكان العالم لا تزال تفتقر إلى الكهرباء الحديثة. ويعتمد نحو ثلاثة مليارات  شخص على الخشب أو الفحم الحجري أو الفحم النباتي أو نفايات الحيوانات في أغراض الطبخ والتدفئة.
كما تمّ الوقوف على أنّ إستخدام الطاقة يمثّل السبب الأبرز في تغير المناخ، ‏حيث يتسبب في قرابة 60 % من مجموع انبعاثات غازات الدفيئة المعروفة باللغة الفرنسية بعبارة « Gaz à effet de serre ». كما يتسبب استخدام الوقود القابل للاحتراق لغايات الطاقة المنزلية في تلوث الهواء الداخلي في الأبنية، ما أدى إلى 4.3 مليون وفاة سنة 2012. وفي المقابل،

لم يتجاوز استخدام الطاقة المتجددة في مجموع استهلاك الطاقة نسبة 17 % سنة 2015.

2 - مقاصد الهدف السابع:
يرمي الهدف السابع للتنمية المستدامة إلى بلوغ عدد من المقاصد بحلول سنة 2030، تتمثل بالأساس في ضمان حصول الجميع بتكلفة ميسورة على خدمات الطاقة الحديثة، وتحقيق زيادة كبيرة في حصة الطاقة المتجددة في مجموعة مصادر الطاقة العالمية بالإضافة إلى مضاعفة المعدل العالمي للتحسن في كفاءة استخدام الطاقة.
وبالإضافة إلى ذلك، يرمي هذا الهدف إلى تعزيز التعاون الدولي من أجل تيسير الوصول إلى بحوث وتكنولوجيا الطاقة النظيفة، بما في ذلك تلك المتعلّقة بالطاقة المتجددة، والكفاءة في استخدام الطاقة وتكنولوجيا الوقود الأحفوري المتقدمة والأنظف، وتشجيع الاستثمار في البنى التحتية للطاقة وتكنولوجيا الطاقة النظيفة، بحلول سنة 2030.
كما يرمي الهدف السابع إلى توسيع نطاق البُنى التحتية وتحسين مستوى التكنولوجيا، من أجل تقديم خدمات الطاقة الحديثة والمستدامة للجميع في البلدان النامية، خصوصا في أقل البلدان نموا والبلدان النامية غير الساحلية، في أفق سنة 2030.

3- في بعض الخطوات العملية الممكن اتباعها لتحقيق مقاصد الهدف السابع:
لتحقيق مقاصد الهدف السابع وتجاوز الصعوبات التي تمّ الوقوف عليها في مجال الطاقة، يمكن للدول تسريع عملية الانتقال إلى نظام مستدام وميسور التكلفة للحصول على الطاقة، وذلك من خلال الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، وإعطاء الأولوية للممارسات الموفرة للطاقة، واعتماد تكنولوجيات الطاقة النظيفة. ويمكن للمؤسسات الإقتصادية، خاصة الصناعيّة منها الحفاظ على النظم الإيكولوجية وحمايتها والعمل على استخدام وتطوير مصادر الطاقة الكهرومائية لتوليد الكهرباء والطاقة الحيوية. كما يمكن للمستثمرين الاستثمار بدرجة أكبر في خدمات الطاقة المستدامة. هذا، وبإمكان الأفراد توفير الكهرباء عن طريق الحفاظ على الطاقة الكهربائية، والسعي إلى الإستغناء عن استعمال السيارة كلما كان ذلك متاحا، للحد من انبعاثات الكربون.

يـتـبـع

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115