عبير زروقي بطلة افريقيا 4 مرات في المصارعة تختار 'الحرقة' التهميش والافاق المحدودة تدفع رياضيي النخبة لركوب 'قوارب الموت'

لا نذيع سرا إن قلنا إن الرياضات الفردية لا تتمتع بنفس الحظوة والاهتمام

ليس فقط من قبل الجمهور الرياضي ولكن أيضا من سلطة الإشراف ومن الجامعات والنوادي ،هي فقط مجرد فروع تعيش من 'فتات' ما تبقى من الرياضات الجماعية وبصفة أخص كرة القدم وإذا أثمرت الصدفة نتائج مميزة ونجاحات قارية او عالمية عندها يسارع المسؤولون للركوب على الحدث واقتسام غنيمة النجاح أما خلاف ذلك فلا يلقى الرياضيون إلا التجاهل والإهمال ،الى حد يصلون فيه إلى مرحلة اليأس وطرق أبواب أخرى احدها الهجرة غير النظامية...

ازدهرت في السنوات الأخيرة ظاهرة الهجرة غير النظامية بالنسبة إلى الرياضيين لا سيما منهم الناشطين في الرياضات الفردية ،وعاد الموضوع ليطفو على السطح في الفترة الأخيرة بعدما اختارت عبير زروقي بطلة افريقيا 4 مرات في المصارعة ،الهروب من تربص المنتخب الوطني في فرنسا من اجل 'الحرقة'وفق ما أكده منتصر العبيدي المدير الفني للجامعة التونسية للمصارعة الذي افاد أنهم فوجئوا باختفاء البطلة المذكورة بعد خوضها مباراتين في الدورة الدولية بفرنسا ليكتشفوا فيما بعد هروب البطلة الصاعدة البالغة من العمر 18 سنة.
أكثر من 250 رياضي اختاروا الهروب منذ سنة 2000
وفق ما أكدته بعض الإحصائيات فإن هناك ما لا يقل عن 250 رياضيا اختاروا منذ سنة 2000 الى اليوم الهجرة غير النظامية بحثا عن فرصة في الكسب المادي لا توفرها لهم رياضتهم نتيجة التجاهل واللامبالاة التي يواجهونها من المسؤولين.
وفي حديثنا عن أشهر حالات الرياضيين الذين اختاروا الحرقة يمكن أن نذكر على سبيل المثال اختفاء محمد الهادي القاسمي، بطل رياضة الملاكمة في شهر سبتمبر 2022 جدلا واسعا في تونس، وأفادت مصادر إعلامية حينها أن القاسمي البالغ من العمر 18 سنة حينها كان من المقرّر أن ينضم إلى تربص منتخب الملاكمة الذي يستعد للمشاركة في دورة تأهيلية لأولمبياد باريس 2024، إلا أنه لم يلتحق بزملائه قبل أن يتداول أصدقاء له صوره وهو في عرض البحر على متن قارب نحو إيطاليا في رحلة غير نظامية.
وأكدت الجامعة التونسية للملاكمة آنذاك أن القاسمي، الحائز على الميدالية الفضية ضمن البطولة العربية للملاكمة للشباب التي احتضنتها الكويت 2022، كان فعلا على متن قارب يقل عددا من المهاجرين السريين نحو أوروبا.
وكانت وسائل الإعلام في تونس نشرت تقارير عن تفشي ظاهرة الهجرة غير النظامية في صفوف الرياضيين مشيرة إلى أن حارس مرمى الاواسط للنادي الصفاقسي محمد علي شلبي (18 عاما) وصل في 2022إلى إيطاليا ضمن رحلة سرية رغم أنه يعد أحد لاعبي الكرة الواعدين في نادية وفي منتخب تونس للشباب.وتداولت المصادر نفسها أن شلبي تم توقيفه بأحد مراكز الإيقاف في إيطاليا دون اتخاذ قرار بترحيله.
وفي صائفة 2019 ،فرّ 3 ملاكمين من تربص المنتخب الوطني في ايطاليا استعدادا للألعاب الافريقية بالمغرب حينها ،وفر اللاعبون الثلاثة الذي ينتمون للمنتخب الأول من مجموع خمسة رياضيين في المعسكر الذي جاء في إطار الشراكة بين الاتحادين التونسي والإيطالي.
وذكرت مصادر إعلامية أن الملاكمين وهم أحمد التابعي (في وزن أقل من 69 كلغ) وغيث الوسلاتي (بوزن أقل من 64 كلغ) وهيثم البريكي (وزن أقل من 60 كلغ) لم يتم العثور عليهم إلى حد الآن بالعاصمة الإيطالية روما.
وفي جوان 2018 ،أعلنت وزارة الشباب والرياضة التونسية، اختفاء ثلاثة من الرياضيين من بعثة تونس المشاركة في دورة الألعاب المتوسطية في مدينة تاراغونا الإسبانية.
وصرح مدير رياضة النخبة حينها وممثل وزارة شؤون الشباب والرياضة سامي القصريني أن : "البعثة تفاجأت يوم أمس الأحد بتعمد لاعب الجمباز وسيم الحريزي الفرار، وهو بصدد القيام بالعمليات الإحمائية، حيث استشار مدربه للذهاب لقضاء حاجته ليغيب بعد ذلك عن الأنظار"، وأضاف: "تم التوصل إلى أن الحريزي قام باختلاس جواز سفره بطريقة غير قانونية".وفضلا عن الحريزي فقد اختفى المصارعان فوزي الكرايدي وسفيان خلايفية عند وصول البعثة التونسية إلى مطار برشلونة، وقبل الانتقال إلى مدينة تاراغونا عبر الحافلة.
وتعود حوادث هروب الرياضيين الى ما قبل الثورة حيث شهدت بطولة العالم العسكرية بألمانيا عام 2006 هروب خمسة ملاكمين وفي 2009، اختفى الرباع حمدي دغمان من بعثة تونس المشاركة في الألعاب المتوسطية بيسكارا وهي البطولة التي سجّل فيها أيضا اختفاء حكم كرة اليد حسان الرايس وفي العام ذاته هرب أربعة لاعبين من منتخب الكونغ فو وهم زياد الفليتي وعبد الرحمن أميري وأمير العزاز وسامي المستوري أثناء المشاركة في دورة دولية بكندا, أما في سنة 2015 هرب بطل العرب ووصيف بطل أفريقيا المصارع حكيم الطرابلسي وكذلك رشاد بن مصباح ليغادر سنة 2016 المصارع سليم الطرابلسي معسكر المنتخب التونسي ببولندا خلسة قبل أيّام معدودة من أولمبياد ريو دي جينيرو.
التهميش والوضع الاجتماعي الصعب ابرز الاسباب
ربما يتساءل العديد عن الأسباب التي تدفع رياضيي النخبة في الرياضات الفردية الى امتطاء قوارب الموت وخوض مخاطرة غير محمودة العواقب لكن الوضع الذي تترنح فيه جل الرياضات الفردية تجعلنا نلتمس لهم الاعذار رغم اننا لا نبرر الحرقة ،فأية آفاق ينتظرها رياضي لا تتجاوز المنحة التي يتسلمها من سلطة الاشراف المائتي دينار في بعض الاحيان فهي لا توفر له الحد الادنى من احتياجاته على مستوى التغذية والتحضيرات الخاصة خصوصا اذا كان ينحدر من اسرة محدودة الامكانيات تعجز عن الاحاطة بابنها والمساهمة في نجاحه.
وعلاوة على ذلك ليس هناك في النوادي التونسية ثقافة الاهتمام بهؤلاء الرياضيين إلا إذا نجحوا في تحقيق نتائج باهرة إفريقيا وعالميا عندها تسلط عليهم الاضواء ويحظون باهتمام مؤقت قبل ان يجدوا طريقهم مرة أخرى إلى التهميش والاهمال...
 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115