نجيب بوكيلي، من أصل فلسطيني، ينتخب للمرة الثانية رئيسا لسلفادور

تمكن رئيس سلفادور في أمريكا اللاتينية الذي يبلغ من العمر 42 عاما

من الفوز بولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية التي جرت مؤخرا بنسبة 87% من الأصوات. ولم تكن نسبة التصويت العالية التي جعلت منه رمزا في القارة الأمريكية وخارجها بقدر ما هي سياسته الشرسة التي قضت على بطش العصابات الإجرامية الدموية التي حولت شوارع العاصمة سان سلفادور وباقي المدن إلى حمام دم.

نجيب بوكيلي الذي يترأس حزب "الأفكار الجديدة" تمكن من الإطاحة بالحزبين الكبيرين جبهة فارابوندو مارتي للتحرير الوطني (يسار) والإتحاد الجمهوري الوطني (يمين) اللذان حكما البلاد منذ تسعينيات القرن الماضي بعد نهاية الحرب الأهلية. الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي تمت يوم 4 فيفري أعطت الحزب الرئاسي أغلبية مطلقة (58 مقعد على 60) تمكنه من مواصلة الإصلاحات السياسية والأمنية المبرمجة في اللائحة الانتخابية.
من هو نجيب بوكيلي؟
رئيس سالفادور هو من مواليد جويلية 1981، من أب فلسطيني الأصل وأم سالفادورية مسيحية. عرف أبوه أرماندو بوكيلي قطان بنجاحاته في ميادين الأعمال. وبعد أن اعتنق الإسلام أصبح إماما وأسس أول المساجد والجوامع في أمريكا اللاتينية. وهو وجه نافذ في المجموعة المسلمة في البلاد. نجيب بوكيلي، الذي يقدم نفسه "بدون دين"، دخل معترك السياسة عام 2012 عندما انتخب رئيسا لبلدية نويفا كوسكاتلان وهي مدينة صغيرة جبلية. عرف بحزمه وقوة إرادته في تغيير الأوضاع مما جعله يفوز عام 2015 برئاسة بلدية العاصمة سان سالفادور اين أدخل عدة إصلاحات لتحسين عيش المتساكنين. أراد عام 2019 الترشح للرئاسية لكن حزبه رفض اقتراحه لصغر سنه، فتقدم للانتخابات على قائمة الائتلاف الواسع من أجل الوحدة الوطنية وفاز، وهو في سن 37 عاما، بنسبة 53% من الأصوات. هو متزوج بغبريالا رودريغاز .

"الدكتاتور الناعم"
حسب المصادر الإعلامية في سان سلفادور، رسم نجيب بوكيلي لنفسه صورة "الدكتاتور الناعم" لحزمه في فرض تنفيذ سياساته بالرغم من المشاكل والعراقيل وتشعب المشهد السياسي. وعمل "خارج السرب" بعيدا عن السياسات القديمة التي اتبعتها الأحزاب في مواجهة تغول العصابات الإجرامية في البلاد. وأمام استحالة القضاء على العصابات بالطرق السياسية ،أعلن في مارس 2022 حالة الطوارئ التي تمكنه من استخدام القوات المسلحة في مقاومة العصابات المحلية ("باريو 18" و"لاسالفاتروتشيا") بدون المرور بالتراتيب القانونية.
وتمكن في أقل من سنتين من استئصال ما يعتبره "سرطانا" ينهش جسم المجتمع السالفادوري. وقامت القوات المسلحة تحت قيادته بتفكيك العصابات الإجرامية وبإيقاف 75 ألف مجرم وسجنهم في مجمع جديد بني خصيصا "لمقاومة الجماعات الإرهابية". ولا يسمح للمجرمين الموقوفين المعروفين بوشمهم على أجسادهم ووجوههم بأي زيارة أو دفاع حقوقي. ونجح نجيب بوكيلي بفضل قبضته الحديدية في إعادة الاستقرار للمدن في سالفادور وتمكين المواطنين من الخروج من منازلهم سالمين واستعادة أعمالهم بكل حرية. وهو السبب الرئيسي في تزايد شعبية الرئيس الشاب الذي حصل على 85% من أصوات 6،5 مليون ناخب مكنهم الوضع الجديد من المشاركة في عملية الاقتراع.
مواصلة المشوار
وأصبح نجيب بوكيلي رمزا في بلدان القارة الأمريكية التي تعاني من سطوة العصابات الاجرامية. وبالرغم من الانتقادات التي وجهت له من قبل الدول الأجنبية والمنظمات الحقوقية بسبب "المعاملات غير الإنسانية" ضد المساجين والتي لا تراعي "المبادئ الديمقراطية والتراتيب القانونية الضامنة لسلامة المتهمين"، فإن نجيب بوكيلي أصر في خطابه إثر نجاحه بولاية ثانية على مواصلة مشواره الذي دعمه شعب الناخبين بصورة غير مسبوقة قائلا:" نحن لم نستبدل النظام الديمقراطي لأن سالفادور لم تكن له ديمقراطية. هذه أول مرة في التاريخ يتمتع فيها سالفادور بالديمقراطية. هذا ليس رأيي، بل هو رأي الناس". وقد شاركت فعلا في الانتخابات كل الأحزاب على اختلافاتها بدون مشاكل أو تجاوزات وأفرزت نتائج مذهلة تدعم الرئيس نجيب بوكيلي الفلسطيني الأصل.
وأضاف بوكيلي في خطابه: "سالفادور كان يعاني من سرطان انتشر في 85% من ترابه أين تهيمن العصابات. قمنا بعملية جراحية وعلاج كيمياوي وأشعة وسوف نتعافى جميعا بعيدا عن سرطان العصابات. ما ينتظر سالفادور هو فترة ازدهار." ويعتبر الملاحظون أن هذه الطريقة "غير المعهودة" في إدارة الشأن العام نجحت في كسر العصابات واسترجاع سيادة الدولة على مناطق واسعة وفي كل المدن في سالفادور مع تمكين المواطنين من استرجاع أمنهم وعيشهم حياة عادية بما في ذلك مواصلة الصحف والأحزاب والجمعيات أعمالهم من أجل الصالح العام. لكن الأحزاب المعارضة التي وجدت نفسها في التسلل عبرت عن رفضها "للسياسة الدكتاتورية" المتبعة متسائلة عما بعد الإطاحة بالعصابات وعن مصير آلاف الموقوفين والمودعين في السجن. أما الجانب الحكومي الذي يتمتع بأغلبية ساحقة في البرلمان الجديد فقد أعلن فتح المجال بكل حرية وبدون عراقيل للمبادرات الفردية والجماعية للاستثمار في كل المجالات وخاصة منها مجالي الاقتصاد والسياحة لإعادة حركية الحياة الاقتصادية وتنمية البلاد مع الحفاظ على الحريات الفردية والعامة، وذلك في ظل "دكتاتورية ناعمة" بأسلوب نجيب بوكيلي.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115