الرئيس الإيراني في زيارة استثنائية الى سوريا: أبعاد سياسية وأولويات اقتصادية في ظل متغيرات إقليمية كبرى

يزور الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي دمشق في زيارة رسمية هي الأولى لرئيس إيراني منذ أكثر من 12 عاماً .

وتشكل زيارة أهمية كبيرة للبلدين على مختلف المستويات وتحمل أبعادا سياسية واقتصادية وجيواستراتيجية.

وأوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أنّ رئيسي وصل إلى مطار دمشق الدولي على رأس "وفد وزاري سياسي واقتصادي كبير" في زيارة ستستغرق يومين. ويضمّ الوفد الإيراني كلاً من وزراء الخارجية، والطرق وبناء المدن، والدفاع، والنفط والاتصالات. وسيلتقي رئيسي مع نظيره السوري بشار الأسد ويجري معه "مباحثات سياسية واقتصادية موسعة يليها توقيع عدد من الاتفاقيات".

أهمية استراتيجية
وكان المتحدّث باسم الحكومة الإيرانية علي بهادري جهرمي قال في طهران يوم الثلاثاء إنّ الزيارة التي تأتي تلبية لدعوة من الأسد، تكتسي "أهمية استراتيجية" للبلدين وأن هدفها "اقتصادي". وخلال استقباله في الأسبوع الماضي لوفد اقتصادي ترأسه وزير الطرق والمدن الإيراني في دمشق، اعتبر الأسد أنّ "ترجمة العمق في العلاقة السياسية بين سوريا وإيران إلى حالة مماثلة في العلاقة الاقتصادية مسألة ضرورية". ومن المعلوم ان طهران خلال العشرية الأخيرة ومنذ انطلاق النزاع السوري ، دخلت مباشرة على خط الأحداث وساهمت في قلب المعارك لصالح الجيش السوري .
ولعل أهمية هذه الزيارة الاستثنائية تكمن في انها تأتي بعد سلسلة متغيرات اقليمية أولها التقارب الإيراني السعودي بوساطة صينية والذي قلب المعادلات في المنطقة .
وقد بدأت أولى مؤشرات انعكاسات هذا الاتفاق التاريخي تظهر في التهدئة في عديد الملفات . ويتوقع عديد المراقبين ان ينعكس هذا الاتفاق إيجابيا على الازمة اللبنانية وعلى اليمن و على سوريا التي تشهد عودة الى الحضن العربي من الباب الواسع خلال القمة العربية القادمة.
كما ان الزيارة تأتي في خضم وساطة روسية لإصلاح العلاقات بين دمشق وأنقرة ، وبعد أيام من اجتماع استضافته موسكو بحضور إيران وجمع مسؤولين سوريين وأتراكاً.
ويبدو ان الأولوية اليوم بالنسبة للجانبين السوري والإيراني، بعد الهدوء والاستقرار الأمني النسبي التي باتت تشهده سوريا ، هي البدء بإعادة الاعمار خاصة ان الحرب التي شهدتها البلاد طيلة العشرية الأخيرة خلفت دمارا هائلا على مستوى البنى التحتية والمصانع والإنتاج.
مرحلة إعادة الاعمار وشراكة إيرانية مرتقبة
ومن المقرر ان يتجول رئيس الإيراني في عدة مناطق سورية . وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي في طهران إنّ "سوريا دخلت مرحلة إعادة الإعمار، والجمهورية الإسلامية في إيران جاهزة لتكون مع الحكومة السورية في هذه المرحلة أيضاً"، كما كانت إلى جانبها "في القتال ضد الإرهاب" والذي اعتبره "مثالاً ناجحاً على التعاون بين الدولتين".
وذكرت صحف سورية منها صحيفة "الوطن" أنّ الزيارة ستتضمن "توقيع عدد كبير من اتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تشمل مختلف أوجه التعاون، لا سيّما في مجالات الطاقة والكهرباء".
وأضافت أنّه ستجري على هامش الزيارة "مفاوضات حول خط ائتماني إيراني جديد لسوريا، يتمّ استثماره في قطاع الكهرباء" المتداعي، إذ تتجاوز ساعات التقنين الكهربائي في سوريا عشرين ساعة يومياً.
ومنذ العام الأول للنزاع، فتحت طهران خطاً ائتمانياً لتأمين احتياجات سوريا من النفط خصوصاً. ووقّع البلدان اتفاقات ثنائية في مجالات عدة خلال السنوات الماضية، تضمّن أحدها مطلع عام 2019 تدشين "مرفأين هامين في شمال طرطوس وفي جزء من مرفإ اللاذقية".
يشار الى ان الرئيس السوري قد زار طهران مرتين خلال السنوات الماضية، الأولى في فيفري 2019 والثانية في ماي 2022، والتقى خلالها رئيسي والمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115