في الذكرى الـ 20 للغزو الأمريكي للعراق: حراك دبلوماسي واسع في بغداد.. وجهود حثيثة لإعادة التموقع إقليميا ودوليا

شهدت بغداد في الأسابيع الأخيرة حراكا دبلوماسيا واسعا ، وجاءت زيارة وزير الدفاع الأمريكي المفاجئة أمس الأول إلى العراق

جاءت لتنضاف إلى سلسلة زيارات سابقة أداها مسؤولون دوليون بارزون لبلاد الرافدين على غرار وزراء خارجية السعودية وإيران وروسيا وألمانيا، ثمّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مطلع مارس الجاري.

وتتزامن هذه الزيارات مع مرور عشرين عاما على سقوط نظام صدام حسين على يد تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة في 20 مارس من العام 2003.
وقد وصل وزير الدفاع الأمريكي أمس الأول في زيارة مفاجئة إلى بغداد،وأعرب وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن أمس الأول الثلاثاء عن أمله في "تعزيز وتوسيع" الشراكة بين الولايات المتحدة والعراق، خلال زيارة مفاجئة لبغداد قبل فترة وجيزة من الذكرى العشرين للغزو الأمريكي الذي أطاح بصدام حسين.
وقال أوستن للصحافيين بعد لقائه رئيس حكومة العراق إن القوات الأمريكية التي تعمل ضمن التحالف الدولي ضد الإرهابيين مستعدة للبقاء في العراق في حال كان هناك طلب من الحكومة العراقية بالنسبة لموضوع ما زال حساساً ومثيراً للانقسام..
والتقى وزير الدفاع الأمريكي في بغداد بنظيره العراقي ثابت العباسي ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني.وقال أوستن للصحافيين عقب محادثاته "أنا متفائل بشأن مستقبل شراكتنا. الولايات المتحدة سوف تواصل تعزيز وتوسيع شراكتنا لصالح دعم الأمن والاستقرار والسيادة في العراق".
بدوره، أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني "حرص الحكومة على تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية، وتوطيدها، على مختلف المستويات والصعد"، مشيراً في الوقت نفسه إلى "نهج الحكومة في اتباع علاقات متوازنة مع المحيط الإقليمي والدولي".
وما زال هناك نحو 2500 عنصر من القوات الأمريكية متمركزين في العراق في إطار التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" الإرهابي.
وفي أواخر العام 2021، أعلن العراق عن "انتهاء المهمة القتالية" للتحالف الدولي، والإبقاء فقط على قوات أجنبية تقوم بدور استشاري وتدريبي.وقال أوستن إن "القوات الأمريكية مستعدة للبقاء في العراق بدعوة من الحكومة العراقية. هذه القوات غير قتالية وتعمل على تقديم المشورة والدعم في الحرب ضد الإرهاب التي يقودها العراق، وهذه مهمة حاسمة ونحن فخورون بدعم شركائنا العراقيين".
واضاف "لكن يجب أن نكون قادرين على العمل بأمن وأمان لمواصلة هذا العمل الحيوي. لذلك أود أن أشكر رئيس الوزراء السوداني ووزير الدفاع عباسي على التزامهما اليوم بضمان حماية قوات التحالف ... من جهات حكومية وغير حكومية".
ويرى مراقبون أن الإنسحاب الأمريكي لا يعني نهاية التزام الولايات المتحدة الأمريكية والتحالف تجاه العراق ، إذ يؤكد البعض أن هذه الدول لا تحتاج إلى قوات على الأرض فيما لو نشأت حاجة للتدخل فهي تتمتع بتفوق وسيطرة كاملة على الأجواء العراقية، كما تتمتع بتفوق تكنولوجي في مجال الاستخبارات مما يجعلها قادرة على حسم أي موقف بسرعة وبدون حاجة إلى قوات على الأرض.
ويؤكد متابعون أنّ تغيير صفة القوات الأمريكية إلى مستشارين وخبراء لا يعني أنها غير مستعدة وغير مجهزة للدفاع عن نفسها كما صرح أكثر من مسؤول أمريكي بذلك ،خاصة وأن اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة هي اتفاقية تلتزم بموجبها الولايات المتحدة بالتدخل لحماية أمن العراق في حالة نشوء ما يهدد أمنه واستقراره أو يهدد تجربته الديمقراطية التي ترعاها الولايات المتحدة منذ إسقاط النظام السابق.
حرب التموقع
وفي ظل المتغيرات السياسية والأمنية داخليا وإقليميا ودوليا ،يسعى العراق -الذي يعرف تداخلا لأطراف خارجية على أراضيه- إلى إعادة ترتيب أوراقه ما يمكنه من تحقيق تموقع ثابت له في ظل المتغيرات اىدولية المتسارعة على كافة الأصعدة .ورغم صعوبة محاولاته ، يحاول العراق النأي بنفسه عن صراع المحاور في المنطقة العربية .
ومن بين الزيارات الهامة التي شهدها العراق في الأسبوع الماضي الزيارة التي أداها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ، وهي الزيارة الأولى منذ ستّ سنوات، التقى خلالها مع الرئاسات الثلاث في البلاد، وأكد خلالها على "التضامن" مع العراقيين والدعم لـ"مؤسسات ديمقراطية متينة".
وأعلن غوتيريش خلال مؤتمر صحافي من مطار بغداد أنّ "هذه زيارة تضامن. تضامن مع الشعب والمؤسّسات الديمقراطية في العراق، وتضامن معناه أنّ الأمم المتّحدة ملتزمة تماماً دعم توطيد مؤسّسات البلاد".
وأعرب الأمين العام في تصريحه كذلك عن "ثقته بأنّ العراقيين سيتمكّنون من تجاوز الصعوبات والتحدّيات التي يواجهونها بفضل حوار مفتوح وشامل"، معبراً عن "إعجابه" بالشعب العراقي.
وإذ أكّد الأمين العام دعمه للجهود التي تبذلها الحكومة العراقية لإعادة مواطنيها الذين غادروا البلاد، أعرب عن أمله في أن يكون للعراق "مستقبل سلام وازدهار مع مؤسسات ديمقراطية متينة".
من جهتها أدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك الثلاثاء زيارة مدتها أربعة أيام إلى العراق. والتقت في بغداد نظيرها العراقي فؤاد حسين.وقالت الوزيرة خلال مؤتمر صحافي "لا يزال تنظيم داعش الإرهابي، يشكّل تهديداً. ولذلك الجنود الألمان هنا...في إطار التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش الإرهابي وبعثة حلف شمال الأطلسي".

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115