احتجاجات شعبية في لبنان: ركود اقتصادي وأزمة خانقة تفجر الوضع الإجتماعي

عاد عدد من المحتجين اللبنانيين أمس إلى الشوارع وذلك في أحدث احتجاجات شعبية تعيشها البلاد في جنوب البلاد

وفي العاصمة بيروت احتجاجا على تردي الأوضاع المعيشية وغلاء الأسعار والفساد.

ويقبع لبنان منذ سنوات في أتون أزمة مالية واقتصادية غير مسبوقة أدت إلى زيادة كبيرة في معدلات الفقر وانهارت معها العملة الوطنية مقابل الدولار، حيث تخطى سعر صرف الدولار عتبة الـ 80000 ليرة لبنانية.وارتفعت أسعار السلع والمواد الغذائية والخدمات بشكل هائل.
وقد أقدم عدد من المواطنين على قطع طرق مدن العاقبية و صور جنوبي لبنان بالإطارات المطاطية المشتعلة احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية مع استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة اللبنانية.
وفي العاصمة بيروت قطع عدد من المحتجين الطريق عند مستديرة الطيونة بالإطارات المشتعلة لبعض الوقت وحضرت عناصر الجيش اللبناني وعناصر الدفاع المدني التي قامت بإطفاء النيران وفتح الطريق.
ويواجه لبنات اضطرابات قاسية على كافة الأصعدة اجتماعيا وسياسيا أو اقتصاديا بما يهدّد بانفجار الأوضاع ودخول البلاد في فوضى غير محمودة العواقب.
وتعيش أغلب القطاعات الحيوية في البلاد شللا غير مسبوق نتيجة الوضع الاقتصادي المتدهور والذي زادت حدته منذ انفجار مرفإ بيروت منذ 4 أوت 2020 .
ويرى مراقبون أنّ حالة الشلل التي يمرّ بها لبنان نتيجة متوقعة لتراكمات صعبة في الساحة السياسية وما تبعها من ركود اقتصادي امتد لعقود طويلة في غياب رؤية إصلاحية من الحكومات المتعاقبة . ولعلّ العجز عن تشكيل حكومة متوازنة تمسك بدواليب الدولة في هذه الفترة قد ساهم بشكل مباشر في انفجار الوضع الإجتماعي وسط مخاوف من مظاهرات واشتباكات بين الأمن والمواطنين المطالبين بأبسط حقوقهم في غياب للاحتياجات الأساسية وارتفاع الأسعار وتفشي البطالة وغيرها من المعضلات التي ستساهم وفق مراقبين في ثورة إجتماعية .
وقد شهدت أغلب القطاعات تعطلا في تقديم الخدمات حيث توقفت خدمات الاتصالات والإنترنت لعدة أيام في مناطق مختلفة بالبلاد، بسبب إضرابات مهنية للمطالبة بتحسين رواتبهم، التي انهارت قيمتها على مدى السنوات الثلاث الماضية، إثر هبوط الليرة اللبنانية مقابل الدولار. كما يشهد قطاع الكهرباء انقطاعا متكررا زاد من معاناة المواطنين في عموم البلاد ، حيث أدت إلى انهيار مالي ومعيشي . هذا بالإضافة إلى أزمة السيولة الخانقة التي تعاني منها البنوك اللبنانية وهو ما أسفر عن حالة من الإحتقان في صفوف المودعين حيث وصلت الأوضاع إلى حدّ اقتحام مواطنين مسلحين للبنوك للحصول على ودائعهم ، وهو مشهد كارثي ومخيف اعتبره مراقبون خطرا يتهدد البلاد وسط تحذيرات من دخول البلاد في حالة من الفوضى الأمنية تضاف لحالة الركود الإقتصادي والشلل السياسي الذي تعيشه البلاد.
مخاوف من انفجار الأوضاع
يقترب لبنان يوما بعد يوم من حافة اضطرابات حادة وسط تحديات داخلية على كافة الأصعدة ووسط مخاوف من عدم القدرة على تسيير دواليب الدولة. إذ يمثل الوضع الإقتصادي الصعب الذي تمرّ به بلاد الأرز منذ سنوات رهانا كبيرا للحكومة المؤقتة برئاسة نجيب ميقاتي .
ولئن يحمل اللبنانيون مسؤولية الواقع الاقتصادي المتردّي والظروف الاجتماعية الكارثية للسلطة والمسؤولين الحاليين الا أنّ المخاوف مستمرة لدى الشعب رغم وعود التغيير والإصلاح التي يترنّم بها المرشحون. إذ يشهد الشارع اللبناني في هذه الآونة احتجاجات كبيرة نتيجة إثقال كاهله بالضرائب مقابل الزيادة غير المسبوقة في الأسعار .
ويقف لبنان اليوم أمام مفترق طرق خطير على كافة الأصعدة وذلك مع التحديات التي يواجهها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وفريقه الحكومي، وذلك في وقت تتزايد فيه الخلافات والانقسامات الداخلية بين مختلف مكوّنات المشهد السياسي اللبناني.
ويبقى حصول لبنان على دعم دولي من عدمه رهين اشتراطات الجهات المانحة بضرورة التوصل إلى سياسة إصلاحات تتماشى مع انتظاراتها وهو مايزيد من صعوبة الوضع في ظل الخلافات العميقة بين ساسة البلاد.
أزمة البنوك
وفي وقت سابق حطم عملاء غاضبون غير قادرين على سحب مدخراتهم واجهات عدد من البنوك اللبنانية في العاصمة بيروت وأضرموا النار في بعضها احتجاجا على فرض قيود على سحب أموالهم.
يأتي ذلك في وقت تظاهرت فيه حشود في الشوارع ضد قيود مفروضة على السحب النقدي، مما أدى إلى إغلاق بعض الطرق.
وكانت البنوك قد فرضت قيودا شديدة منذ عام 2019، على عمليات سحب العملاء مدخراتهم بالدولار الأمريكي، عندما تدهور الاقتصاد اللبناني تزامنا مع تراجع قيمة العملة.
وقال صحفيون وفق فرانس براس للأنباء إن عشرات المتظاهرين الغاضبين هاجموا عددا من البنوك في بيروت، بعد أن سجلت الليرة اللبنانية تراجعا قياسيا، وسط أزمة اقتصادية متفاقمة تعاني منها البلاد.
وفرضت البنوك اللبنانية، التي تعاني من ضائقة مالية، قيودا شديدة الصرامة على عمليات السحب، ومنعت المودعين من الاستفادة من مدخراتهم، لا سيما تلك التي يجري دفعها بالدولار الأمريكي.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115